اخر الاخبار

تسجل أسعار الأسماك في السوق العراقية ارتفاعا واضحا، وذلك منذ تفعيل قرار الحكومة القاضي بردم بحيرات الأسماك للحد من هدر المياه، الأمر الذي حرم الكثير من العائلات العراقية، خاصة الفقيرة وذات الدخل المحدود، من وجبة السمك المفضلة.

وكان مجلس الوزراء قد قرر مطلع أيار الماضي، ردم بحيرات الأسماك غير المجازة، بالتنسيق بين وزارتي الزراعة والموارد المائية، في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة لمواجهة الشح المائي في البلاد.

وفي مطلع آب الماضي أعلنت وزارة الموارد المائية في بيان لها، تجفيف وردم أكثر من 2965 بحيرة أسماك في عموم البلاد.

ووفقا للمتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي، فإن “لقرار ردم البحيرات، تأثيرات شديدة جداً. حيث ردمت أعداد كبيرة من البحيرات غير المجازة”، لافتاً إلى أن “وزارة الزراعة حاولت تأجيل قرار الردم على أمل ان يتحسن الوضع المائي في البلاد”.

وللحد من آثار الأزمة، أدرجت الوزارة استيراد الأسماك ضمن برنامج الروزنامة الزراعية، باعتبارها سلعة غذائية، الأمر الذي سيحدد عملية استيرادها ومراقبة أسعارها صعوداً ونزولاً.

ضرورة قصوى

نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار في البرلمان، زوزان كوجر، رأى أن ارتفاع أسعار الأسماك له أسباب عدة، منها نفوق كميات كبيرة من الأسماك بسبب انخفاض مناسيب مياه الأنهر وتلوثها وزيادة ملوحتها، إلى جانب ردم البحيرات المتجاوزة وغير المجازة، التي تساهم في هدر المياه، وتؤثر على الحصص المائية للمحافظات.

ولفت في حديث صحفي إلى ان “قرار ردم البحيرات اتخذ للضرورة القصوى. فنحن نحتاج إلى توفير المياه للشرب والاستخدامات العامة والزراعة”، مؤكدا أن “انتاج السمك انخفض هذا العام من 800 ألف طن إلى 400 ألف طن”.

الكيلو بـ 8 آلاف دينار

من جانبه، قال بائع السمك أبو محمود، أن الإقبال على شراء الأسماك انخفض هذا العام قياسا بالسنوات السابقة، نتيجة ارتفاع أسعارها، مشيراً في حديث صحفي إلى أن “وجبة السمك تعد من وجبات العراقيين الرئيسة في يوم الجمعة. حيث تجتمع العائلة والأهل والأصدقاء على مائدة واحدة، يكون السمك طبقها الرئيس”.

وأوضح أنه “في السابق كان سعر كيلو السمك يتراوح بين 4 و5 آلاف دينار. أما اليوم فسعر الكيلو أصبح بين 6 و8 آلاف دينار”، لافتا إلى ان “قرار ردم البحيرات أثر بشكل واضح في أسعار الأسماك، وجعلها تتصاعد باستمرار، لا سيما هذه الفترة ونحن على اعتاب فصل الشتاء، الذي يزداد فيه الإقبال على السمك”.

تكثيف زراعة الأسماك

الخبير في الثروة السمكية إبراهيم السوداني، رأى أن قرار ردم البحيرات غير المرخصة ضروري “فهذه البحيرات تستنفد كميات كبيرة من المياه، وتساهم في تلوث مياه النهر”، مستدركا في حديث صحفي “لكن يجب تعويض ذلك من خلال تكثيف زراعة الأسماك في البحيرات المرخصة، كذلك تشجيع الزراعة في الأنظمة المغلقة التي تحتاج كمية مياه لا تتعدى 20 في المائة مما تحتاجه بحيرة تقليدية”.

وفي السياق، قال الخبير المائي رمضان حمزة، أن “سوء إدارة المصادر المائية وعدم تنظيف الأنهار من المخلفات والأوساخ والملوثات، كلها عوامل تضر بالثروة السمكية”، مضيفا أن “هناك تجاوزات على مساحات كبيرة من أحواض الأنهار، من قبل بحيرات الأسماك. في حين ان هذا الأمر يجب أن يكون ضمن المعدلات التي تسمح بها الدولة”.

البحيرات تدعم الأمن الغذائي

إلى ذلك، اعتبر الباحث الاقتصادي بسام رعد، أن “لبحيرات الأسماك أهمية اقتصادية كبيرة. فهي تمثل دعماً قوياً للأمن الغذائي في البلد، وتعد مصدراً للدخل وتوفر فرص عمل ليس لأصحاب البحيرات فقط، إنما حتى لأصحاب المطاعم وتجار الأعلاف السمكية”.

وأشار في حديث صحفي إلى أن “الأسماك من الناحية الغذائية، تعتبر وجبة أساسية للمواطن العراقي، نظرا لكونها تمتاز بارتفاع قيمتها الغذائية”، منوّها إلى ان “قرار ردم البحيرات أدى إلى انخفاض الكميات المنتجة من الأسماك، وجعلها لا تغطي سوى نسبة قليلة من حاجة السكان، لينتهي ذلك بارتفاع أسعار السمك في الأسواق”.

وعن سبل تجاوز هذه الأزمة، قال رعد: “بما أن مصادر الثروة السمكية في العراق متنوعة بين المياه الداخلية والمياه البحرية، ينبغي الاستثمار في مجال الصيد البحري من خلال العمل على إنشاء شركات متخصصة في هذا الشأن”، موضحا أن “العراق كانت له في السابق تجربة ناجحة في الصيد البحري، من خلال الشركة العامة لصيد الأسماك، التي كانت تمتلك أسطولاً بحرياً يرفد الأسواق بمئات الأطنان من الأسماك البحرية شهريا”.

خسائر كبيرة لأصحاب البحيرات

وكان رئيس الجمعية الوطنية لمنتجي الأسماك في العراق، اياد الطالبي، قد أكد في حديث صحفي بعد تنفيذ قرار ردم البحيرات، أن “مربي الأسماك خسروا ملايين الدنانير جرّاء القرار. فأقل واحد فيهم خسر حوالي 50 مليون دينار”، متوقعا أن يصل سعر كيلو السمك إلى 20 ألف دينار، بسبب قلة العرض.

ولفت إلى ان “75 في المائة من انتاج الأسماك يعتمد على مزارع المبازل غير المرخصة، والنسبة المتبقية تعتمد على المزارع المجازة”، داعيا الحكومة إلى “مراعاة ظروف مربي الأسماك والعمال والصيادين وأصحاب معامل الأعلاف السمكية والعاملين في بيع الأسماك. فهؤلاء كلهم يقدر عددهم أكثر من مليوني شخص في عموم البلاد”.