اخر الاخبار

رغم مرور أكثر من أسبوعين على انطلاق العام الدراسي الجديد في العراق، إلا أن قسما كبيراً من التلاميذ والطلبة لا يزال يعاني عدم حصوله على الكتب المنهجية، ما أربك العملية التعليمية وأثار موجة انتقادات ضد وزارة التربية، التي عجزت عن توفير الكتب في الموعد المحدد.

وفيما طمأنت الوزارة قبل نحو أسبوع، الطلبة والتلاميذ بإعلانها السيطرة على الأزمة، وتوفير 60 في المائة من الكتب ومواصلة الطباعة لحين انتهاء الازمة بالكامل، لفتت إلى أن الكتب تم توفيرها الكترونيا، داعية الطلبة إلى تحميلها من موقع الوزارة الرسمي، واعتمادها خلال العام الدراسي الحالي، ما قد يضطر الطلبة إلى طباعة هذه النسخ، وبالتالي إثقال أولياء أمورهم بتكاليف مالية باهظة.

وأزمة الكتب المدرسية ليست جديدة، فهي حصلت أيضا خلال العام الدراسي السابق. إذ لم يتسلم أغلب الطلبة كتبهم، نظرا لعدم طباعتها من قبل وزارة التربية، التي بررت ذلك بعدم توفر التخصيصات المالية، وهو ما اضطر أولياء الأمور إلى تحمل تكاليف شراء الكتب أو طباعتها على حسابهم الخاص. 

راعوا ظروف الطلبة!

ويشكو مواطنون من عجز أبنائهم على أداء واجباتهم اليومية، بسبب عدم امتلاكهم كتبا منهجية، مشيرين إلى ان بعض المعلمين يلزمون التلاميذ بتحضير الواجب دون مراعاتهم في ظل هذه الأزمة.

ويطالب المواطنون وزارة التربية بحلول عاجلة لأزمة الكتب التي أربكت العملية التربوية.

المواطنة أم هدى (38 عاماً) من محافظة كربلاء، وهي أم لأربعة تلاميذ في المرحلة الابتدائية، تقول في حديث صحفي ان “المدرسة التي يداوم فيها أطفالي لم توزّع عليهم الكتب الدراسية حتى الآن، بسبب عدم توفر كميات كافية منها، في وقت تلزم فيه المعلمات والمعلمون التلاميذ بتحضير واجباتهم اليومية، ويحاسبونهم عليها”.

وتبيّن أن وضعها المادي لا يسمح لها بشراء الكتب من الأسواق، داعية وزارة التربية إلى توجيه إدارات المدارس بـ”مراعاة ظروف الطلبة والتلاميذ، وعدم محاسبتهم في حال لم يتمكنوا من أداء واجباتهم البيتية بالشكل المطلوب، لحين انتهاء أزمة الكتب”.

أما الخبير التربوي حيدر الموسوي، فيؤكد أيضا ان “أبنائي في المرحلة الثانوية لم يتسلموا الكتب لغاية الآن”، مشيراً في حديث لوكالة أنباء “العربي الجديد”، إلى أن “العملية التربوية تعاني منذ فترة طويلة بسبب افتقار كل من استوزر حقيبة التربية للرؤية الواضحة في إدارة الملف التربوي، لذلك وقعوا في الخطأ والخلل نفسه”.

مشكلات متعددة

ويفصّل الموسوي المشكلات التي تواجه العملية التربوية بالقول، ان “هناك نقصاً كبيراً في البنايات المدرسية الملائمة، وبعض المتوفر من البنايات غير صالح لأن يكون مؤسسة تعليمية أساسا. كما ان هناك نقصا في الأثاث المدرسي من سبورات ومقاعد (رحلات) ووسائل تعليم حديثة”.

ويتابع قائلا: “نسمع عن السبورة الإلكترونية والتعليم الإلكتروني وتوزيع أجهزة الآيباد على التلاميذ، لكن لا يوجد شيء على أرض الواقع”، لافتا إلى أن “هناك خللا في توزيع الكوادر التربوية والتعليمية ما بين المركز والأطراف في جميع المحافظات، خاصة في بغداد”.

انهيار أركان التعليم

ويرى الموسوي أن “أركان التعليم هي المعلم والمنهج والطالب، وإذا فُقد الركنان الأولان فُقد التعليم”، متسائلاً: “إذاً كيف يمكن إيصال المادة العلمية من دون وجود المعلم والمنهج؟!”.

ويحمّل الخبير التربوي لجنة التربية البرلمانية مسؤولية متابعة أداء وزارة التربية، مؤكداً أن “لجنة التربية مقصّرة في هذا الملف، فمن غير المعقول عدم متابعتها أداء الوزارة واستجواب الوزير في حال أخفق في تنفيذ مهامه”.

ويزيد بالقول أن “مجلس الوزراء يعقد جلسات أسبوعية، لكننا لم نشاهد يوماً وزيراً للتربية تحدث بضرورة توفير الدعم للوزارة، لتنفيذ حملة تربوية وتعليمية تنطلق من مجلس الوزراء وتدعم من مجلس النواب”!

ماذا يفعل وزير؟!

ويتساءل الموسوي أيضا: “ماذا يفعل وزير التربية عندما يجلس في جلسات مجلس الوزراء. فعندما يكشف المتحدث باسم وزارة التربية عن وجود نقص في التخصيصات المالية، لا سيما في ما يخص طباعة الكتب، أليس من المفترض من الوزير طرح هذه المشكلة في مجلس الوزراء لغرض إيجاد المعالجات والحلول لها؟!”، مطالبا رئيس الوزراء بـ”التدخل شخصياً في هذا الملف”.

التربية توفر نسخا الكترونية

وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية كريم السيد، قد طمأن الطلبة وأولياء أمورهم قبل أكثر من أسبوع بالقول ان “الوزارة مسيطرة على الأزمة، وانه تم توفير الكتب بنسبة 60 في المائة”، مضيفا في حديث صحفي أن “الأزمة ستنتهي تدريجياً، وسينتظم الدوام بشكل عام”. ولفت السيد إلى أنه “تم إطلاق المناهج إلكترونياً لمنع المتاجرة بالكتب في الأسواق”، مشيراً إلى أن “الوزارة وجّهت بعدم محاسبة التلاميذ خلال هذا الأسبوع وعدم الضغط عليهم”.

وكانت وزارة التربية قد أعلنت في بيان لها الخميس الماضي، أنه جرى نشر روابط الكتب المنهجية إلكترونياً على موقعها الرسمي، للمراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ومدارس المتميزين.

وفي هذا السياق تنقل وكالة أنباء “العربي الجديد”، عن مدير إحدى المدارس قوله أن “الوزارة عجزت عن توفير الكتب ورقياً، لذا لجأت إلى توفيرها إلكترونياً”.

ويضيف المدير الذي حجبت الوكالة اسمه، أن “أغلب مدارس البلاد لم تتسلم حتى الآن أي كتاب من الوزارة، وأن أولياء الأمور اضطروا إلى تحمل أعباء وتكاليف طباعة الكتب كما حصل في العام الماضي”.

ويؤكد أنه “لا يمكن أن يكون هناك تدريس وتعليم من دون توفر كتب منهجية لدى الطلبة”، مشيراً إلى أن “لجوء الوزارة إلى توفير الكتب إلكترونياً، هو تنصل من المسؤولية وإلقائها على عاتق أولياء الأمور ليتحملوا تكاليف الطباعة”.