اخر الاخبار

يُعد قطاع الثروة الحيوانية أحد أبرز القطاعات الاقتصادية الحيوية لدى العديد من الدول، حيث يسهم بشكل كبير في الحفاظ على الأمن الغذائي وتعزيز الاكتفاء الذاتي، لكنه في العراق يشهد تراجعًا متواصلا، نتيجة لمجموعة أسباب، أبرزها سوء الإدارة.

ويحتل القطاع الحيواني المرتبة الثالثة في العراق بعد النفط والزراعة. ويعمل على توفير المنتجات الحيوانية لا سيما الغذائية منها، لقيمتها الغذائية الكبيرة لصحة ونشاط الانسان ورفاهيته. كما يساهم بسد جزء من ايرادات القطاع الزراعي، الا اخر عشرين عاما لم يحظ هذا القطاع بالاهتمام والعناية اللازمة لتطويره والنهوض به، بما يجعله قادرا على سد الحاجة المحلية من اللحوم والبيض والحليب والصوف والجلود والعسل، وغير ذلك من المنتجات.

سوء الادارة

ورث صالح محمد (مربي حيوانات) مهنة تربية المواشي من ابيه وجده منذ أكثر من ثلاثين عاما، ولا يزال يعمل بها بالرغم من انها باتت لا تغطي قوت عياله.

يقول صالح لـ “طريق الشعب”، “نملك ارضا زراعية، ونعمل بمهنة الزراعة وتربية الحيوانات منذ سنوات، ولا نعرف غيرها”، مضيفا “كنا نحقق اكتفاء ذاتيا، ولا نشتري منتجات من السوق، لكننا اليوم أصبحنا نشتري كل شيء”.

ويلخص صالح أسباب شراء المنتجات التي كانت تصنع محليا، إلى “غياب الدعم الحكومي للمزارعين ومربي الحيوانات، وسوء الترويج للمنتج المحلي، إضافة الى عدم وجود رقابة على الحدود”.

وعن مشكلة أخرى تواجه مربي الحيوانات، يذكر صالح الذي تخرج من كلية البيطرة، قبل سنتين، إنّ “انتشار الأوبئة وعدم وجود رقابة طبية وصحية كافية في ظل انتشار العديد من الامراض المعدية وغير المعدية، ساهم بانحسار عدد الحيوانات ومربيها”، مشيرا الى وجود العشرات من الأشخاص الذين تركوا المهنة وبدأوا العمل في مهن أخرى”.

“سوء الإدارة لحق الحيوانات”، بهذه الجملة بدأ عامر محسن (مربي حيوانات) حديثه مع “طريق الشعب”، اذ يؤكد أن “سوء الإدارة وانعدام الدور الحقيقي لمؤسسات الدولة، التي لا تعرف سواء منح الوعود الكاذبة، أسهما في تهميش وتراجع العديد من قطاعات الدولة، ومنها القطاع الحيواني، الذي يشكل موردا اقتصادياً للبلدان”.

ويتطرق عامر الى تحديات أخرى تتمثل بغلاء الأعلاف، وانتشار الأوبئة، وارتفاع تكلفة الإنتاج، وتفاقم الجفاف، خاصة في مناطق الاهوار، جنوبي البلاد.

ويقترح صالح، منح المزارعين ومربي الحيوانات قروضا ميسرة، ودعمهم بأسعار الاعلاف ومحاولة تصنيعها محليا، مع تقديم الرعاية الطبية البيطرية، ودعم المنتج المحلي وتفضيله على نظيره الأجنبي وإيجاد دعائم لزيادة الإنتاج، وجعل القطاع الحيواني رافدا جيداً للاقتصاد العراقي.

نقص المياه

ويعتبر الهدف الأساس لتربية الحيوانات الزراعية هو توفير المواد الغذائية الحيوانية بالدرجة الأولى لتلبية احتياجات الفرد في الغذاء وتعزيز الأمن الغذائي. ومع ذلك، يواجه العراق مشاكل جسيمة في تطوير هذا القطاع، ما أدى إلى تراجع إنتاجها بسبب العديد من المشاكل والتي جرى طرحها في أعلاه.

فلاح الجنابي، يعمل صياد سمك، يشير إلى أن إحدى تلك المشكلات تتمثل في “استغلال بعض المزارعين والمستثمرين الزراعيين للموارد المائية والأراضي الزراعية المخصصة لتربية الحيوانات”، مشيرا الى غياب “سياسة سعرية ثابتة مدعومة من الحكومة لتشجيع المربين والمستثمرين على تعزيز الإنتاج”.

بالإضافة إلى ذلك، يقول الجنابي لـ “طريق الشعب”، إن “سياسة الإغراق في السوق المحلية بمنتجات مستوردة بأسعار منافسة على المستوى العالمي تسببت في تراجع الإنتاج المحلي، لذا تعاني الثروة الحيوانية في العراق من قلة الدعم الحكومي مقارنة بالبلدان المجاورة وبالمعايير العالمية”.

ويؤكد وجود حاجة إلى وضع تدابير جدية لتحسين وتنمية قطاع الثروة الحيوانية في العراق.

مبادرة حكومية

وفي محاولة لتقليل التأثيرات السلبية على القطاع الحيواني ودعم المربين، قامت وزارة الزراعة بتخصيص مبلغ 5 مليارات دينار لشراء الأعلاف وتوزيعها على المربين، وفقا لمتحدث وزارة الزراعة، محمد الخزاعي.

ويعزو الخراعي في حديث خص به “طريق الشعب”، أسباب ارتفاع أسعار الأعلاف عالميًا، لوجود توترات ناجمة عن الصراع الروسي الأوكراني، ما زاد من معاناة هذا القطاع.

ويؤكد أن “الأوضاع في العراق تأثرت بشكل كبير بانخفاض اطلاقات المياه من دول الجوار لنهري دجلة والفرات، فضلا عن التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة. هذا الوضع أدى إلى تراجع مخزون المياه وجفاف الأهوار، على الرغم من الجهود التي بذلتها الحكومة ووزارتا الموارد المائية والزراعة، إلا أن الأوضاع المائية لم تشهد تحسنًا”.

ولفت الى ان “النقص في المياه تسبب في وفاة أعداد كبيرة من الحيوانات واضطرار المربين للانتقال إلى مناطق أخرى للحفاظ على ما تبقى من ماشيتهم”، منوها بأن هذه الإجراءات تهدف إلى حل جزء من المشكلة.

ارقام

وبحسب إحصائية صادرة عن دائرة الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة، فأن مجموع عدد رؤوس الثروة الحيوانية في العراق حتى منتصف شهر نيسان من العام الجاري، بلغ (20.426.481) رأساً، وتتصدر الأغنام عدد الحيوانات في العراق بواقع (16.520.727) رأساً، وجاءت محافظة نينوى بالمرتبة الأولى بواقع (5.270.816) رأساً، فيما حلت محافظة الأنبار بالمرتبة الثانية بواقع (2.863.602) رأس غنم.

اما عدد الماعز فيبلغ (1.360.742) رأساً، وايضت تصدرت نينوى القائمة بواقع (269.147) رأسا، فيما احتلت الأنبار المرتبة الثانية بواقع (155.080) رأساً. وبلغ عدد الأبقار في عموم المحافظات (1.877.827) رأساً، واحتلت محافظة ذي قار المرتبة الأولى بواقع (289.829) رأساً، وجاءت محافظة بابل بالمرتبة الثانية بواقع (233.500) رأساً”.