اخر الاخبار

مثلت حوادث انهيار المباني المخالفة لشروط السلامة أحد أكبر التحديات والمخاطر التي تهدد حياة العراقيين، لا سيما بعد انهيار عدة أبنية وسقوط العديد من الضحايا بين قتيل وجريح خلال الأشهر القليلة الماضية.

وتُعزى أسباب الانهيارات بشكل رئيس إلى تقصير الجهات الحكومية في مراقبة وتنظيم البناء، بالإضافة إلى استخدام مواد بناء رديئة وغير صالحة للبناء، ما أدى إلى إصابات وخسائر كبيرة بين السكان.

وسجلت مديرية الدفاع المدني خلال الشهر اذار 2023، وجود أكثر من 2500 مبنى حكومي وأهلي آيل للسقوط في العراق.

وحاول مراسل “طريق الشعب”، التواصل مع مديرية الدفاع المدني، لأجل بيان اسباب انهيار تلك المباني، لكن عدم الرد حال دون ذلك.

واطلعت “طريق الشعب” على تصريحات مديرية الدفاع المدني خلال العام الجاري، وتبين أن فرق الأدلة الجنائية التابعة لوزارة الداخلية هي من تحدد الأسباب الحقيقية للانهيارات وليس مديرية الدفاع المدني، ومن ثم ترسل تقريرها  الرسمي إلى مراكز الشرطة في نفس المنطقة التي انهار فيها المبنى لاتخاذ الإجراءات الروتينية الأخرى.

غياب معايير السلامة

ووفقا لمختصين في هندسة البناء والعمارة فإن غالبية المباني التي شيدت في العراق بعد العام 2003 لا تمتلك معايير تطابق شروط السلامة العامة التي من المفترض ان تفرضها الجهات المعنية الحكومية.

وفي هذا الشأن، يؤكد المهندس المعماري، سلوان الاغا، إن “المشكلة تكمن في نقص الرقابة والاهتمام بجودة البناء في القطاع الخاص، حيث يعتقد الكثيرون أن العمال لديهم الخبرة الكافية في الإشراف على الأعمال دون الحاجة لاستشارة مهندسين مختصين. هذا يؤدي إلى تكلفة تصاميم أقل، لكنه يزيد من مخاطر الانهيارات”.

ويقول الاغا خلال حديثه مع “طريق الشعب”، إن “اغلب الانهيارات تحدث في مباني القطاع الخاص مقارنة بالمشاريع الحكومية في العراق”.

ويشير الى وجود ضعف في معايير السلامة لدى المشاريع الخاصة وحتى العامة، وبالرغم من أن البناء في العراق يعتمد مواد طويلة الامد مثل الكونكريت وحديد التسليح الا ان غياب الرقابة من قبل مختصين يسبب مشاكل مختلفة.

ويشدد الأغا على أهمية الرقابة وتحسين معايير السلامة في المباني الخاصة والعامة من خلال تشريعات أو قرارات إدارية.

تقصير وإهمال

تجدر الإشارة الى ان الحادث الاخير الذي نشب في قاعة عرس في مدينة الحمدانية بمحافظة نينوى، يتعلق العامل الرئيسي فيه لاستعمال مواد بناء سريعة الاحتراق، رافقها غياب اجراءات السلامة بشكل كامل.

وبالحديث عن حادث الحمدانية، يقول مهندس البناء ليث النعيمي، إن “حادث عرس الحمدانية كشف عن اهمال وتقصير لدى جميع الجهات المعنية، ويفترض عليها تحمل المسؤولية”.

ويضيف النعيمي في حديث مع “طريق الشعب”، أن “حوادث انهيار المباني المخالفة لشروط السلامة باتت تشكل تحديا اخر يواجه حياة العراقيين، لا سيما بعد انهيار عدة أبنية وسقوط العديد من الضحايا بين قتيل وجريح، خلال الفترة الماضية والحالية”.

وينوه الى ان “المحاصصة والمحسوبية والفساد المالي والإداري، تعتبر عوامل وأسباب رئيسية لهذه الكوارث؛ اذ يتم وضع أشخاص بغير أماكنهم وتخصصهم”، مشيرا الى “تمرير فحوص فاشلة مع عدم الالتزام بتطبيق المواصفات الخاصة بمواد البناء أو إجراءات السلامة، ووضع حديد تسليح سيئ الجودة”.

وحثّ النعيمي في ختام حديثه على “ضرورة اعتماد تصاميم ومواصفات فنية، واختيار المنفذين والمشرفين والمراقبين من ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة”، لافتاً الى “إحالة تنفيذ المشاريع على شخصيات وشركات قليلة الكفاءة وعديمة النزاهة”.