اخر الاخبار

تلجأ القوى السياسية المتنفذة التي تتولى صفقة تشكيل الحكومات في البلاد، الى الضغط على تلك الحكومات لفتح باب التعيين بشكل عشوائي، ويجري تعيين الآلاف في دوائر الدولة المثقلة اصلا بالموظفين، في محاولة لامتصاص غضب الناس، لكن تلك القوى لم تأخذها الحمية على مستقبل البلاد اقتصاديا وتنمويا، انما ترمي بكامل ثقلها لتعزيز وادامة الريع النفطي، الأمر الذي خلف آلاف العاطلين عن العمل، بسبب تخلف قطاعات البلاد المختلفة، وسوء الاوضاع الاقتصادية. 

يقول مراقبون، ان العراق يمتلك موارد بشرية كبيرة وقدرات للنهوض بواقعه الاقتصادي الا ان السياسات الحكومية ونهج المحاصصة والفساد، يعطلان اية محاولة تقدم حقيقي، وهذا ما القى بظلاله على سوق العمل، الذي يتركز على الوظيفة الحكومية، بينما توقفت المصانع وقطاعات مختلفة نتيجة لذلك.

قانون مهم

المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، نجم العقابي قال: ان وزارته “عملت على اطلاق القروض الصغيرة وفق القانون والتعليمات الجديدة بالحد الادنى من 20 ـ 50  مليونا”، معتبرا اياها “قروضا ميسرة على ان يكون المشروع حقيقيا، ويحقق جدوى اقتصادية تساعد الشاب المستفيد في تأسيس مشروعه”.

واضاف العقابي في حديثه مع “طريق الشعب”، ان الوزارة “تعمل حسب المنهاج الحكومي، وتم تشريع قانون التقاعد والضمان الاجتماعي، وهو قانون مهم جداً سيخفف الضغط ويشجع القطاع الخاص بشكل كبير، ومن خلال هذا القانون يدخل المواطن الى الضمان الاجتماعي، وهنالك امتيازات كبيرة جداً” بحسب قوله.

وحدد العقابي تشرين الثاني المقبل موعداً للعمل بالقانون الجديد.

وفي ما يخص كيفية التعاطي مع ملف العمالة الأجنبية اجاب بأن هناك اكثر من 100 الف عامل اجنبي مرخص، وان قانون العمل النافذ يحتم تشغيل 50 في المائة من العمالة الوطنية”، مردفا ان هناك “دراسات ومقترحات قدمت من قبل  وزير العمل، تقتضي بان تكون العمالة الوطنية اكثر من الاجنبية بنسبة  70 في المائة”.

فشل سياسي ذريع

الباحث في الشأن الاقتصادي احمد عيد، يرى ان سوق العمل في العراق شبه معطل، نتيجة توقف القطاع الخاص والقطاع الانتاجي والمختلط عن العمل، في ظل غياب السياسات الاقتصادية والرؤى الواضحة.

ويقول عيد في حديثه لـ”طريق الشعب”، ان ما اضعف سوق العمل هو غياب التشريعات والقوانين المعنية، المتمثلة بقانون نقابة العمال، التي تضمن حقوقه حيث لا تحتسب خدمة العاملين ضمن الخدمة التقاعدية. بينما يفترض ان يستفيد العامل من سنوات خدمته في فترة التقاعد كحق طبيعي لقاء خدماته عبر الاستقطاع من راتبه وغيرها من الاليات.

ويضيف ان القوى السياسية المتنفذة “لعبت دورا في اضعاف سوق العمل؛ فالكتل السياسية المتنفذة هي من تعطل تمرير القوانين وتشريعها”، موضحا ان هناك “97 في المائة من القطاعات الانتاجية معطلة. بمعنى اخر نحن نتحدث عن ضياع آلاف فرص العمل في ظل هذا التعطيل”.

ويشير الباحث الى “انه لا يوجد مبرر لتعطيل القطاعات سوى ان هناك ارادات خارجية تفرض ذلك من اجل بقاء العراق بلداً مستهلكاً، وان يعتمد على الاستيراد، علماً ان العراق يمتلك موارد بشرية هائلة الا انها للأسف لم تستثمر بشكل صحيح، بسبب غياب الارادة الحقيقية في المؤسسات سواء الانتاجية منها ام الادارية ام المالية”.

ويتابع قائلا: ان المطلوب هو “تفعيل قوانين القطاع الخاص والانتاجي من اجل استيعاب اكبر عدد ممكن من اليد العاملة، فمن غير المعقول ونحن مجتمع شباب فتي أن يتم الاعتماد على العمالة الاجنبية”، مضيفاً انه “وفق اخر التقارير هناك ما يقارب 800 مليون الى مليار دولار قيمة الحوالات الخارجية للعمال الاجانب سنويا”.

ويتساءل: “لماذا نحول هذه المبالغ الهائلة الى الخارج بينما هناك فرصة للمحافظة على هذه الثروة والعملة الصعبة داخل البلد”.

لا نستثمر مواردنا

الى ذلك عرفت الناشطة العمالية، منال جبار سوق العمل بأنه “مساحة توفرها الحكومة للشباب وتخلق من خلاله فرص عمل لهم سواء في القطاع الحكومي ام القطاع الخاص ام المختلط”.

وكررت جبار ما ذكره عيد بأن هناك غيابا واضحا للرؤى الاقتصادية والتخطيط الذي يمهد للنهوض بالقطاعات المختلفة، التي من شأنها ان توفر فرص عمل لجيوش الشباب العاطلين عن العمل.

ولفتت في حديثها مع طريق الشعب”، الى انه “لم يتم استثمار موارد النفط في تطوير وتمويل المشاريع والقطاعات الاخرى التي ستلعب دوراً كبيراً في رفع الضغط عن القطاع العام”، موضحة ان النهوض بسوق العمل والارتقاء بواقعه يتطلب “وجود ارادة سياسية حقيقية وخطط ورؤى وسياسات توضع من اجل تنشيط القطاعات المعطلة والمصانع”.

وخلصت الى ان هذه التوجهات “تدفع عجلة الاقتصاد الى امام، وتسهم في تنوع مصادر الدخل، وتخلق منتجا وطنيا منافسا، يساهم في خفض الاستيراد”، معتبرة ان “نهج المحاصصة والفساد لا يمكن له ان يحقق تطلعات العراقيين، بل على العكس تماماً كان سببا في الازمات وتدهور الاوضاع”.