اخر الاخبار

يشكو عدد من المواطنين من احتجاز أموالهم لدى بعض المصارف الأهلية، وعدم إطلاقها بشكل كامل، بالشكل الذي يثير الشكوك حول شفافية ونزاهة هذه المصارف في ما يخص التعامل مع التحويلات المالية.

ويؤكد اقتصاديون، أن الفساد مستشرٍ في القطاع المصرفي بسبب وجود سيطرة من قبل جهات متنفذة على تلك المصارف، بظل غياب الرقابة والمتابعة الحكومية.

عدم صرف الرواتب

ويشتكي المواطن صلاح فياض من عدم استلامه راتبه بشكل كامل من المصارف الاهلية، كونه يعمل بمؤسسة خارج البلاد، موضحاً أن “كل شهر تحول المبالغ كاملة، الا انه عندما اذهب الى استلامه اما يتم تأجيل موعد تسليمي، او يجري اعطائي ربع الراتب لا أكثر”.

ويضيف في حديثه مع “طريق الشعب”، “نعاني منذ أشهر من هذه المشكلة. اموالنا محتجزة من دون سبب واضح، بالرغم من انها تصل كاملة”، مشيرا الى وجود العديد من الأشخاص الذين تأثروا بسبب ذلك، كونهم يعملوا بشركات تجارية او اعلامية في الخارج”.

واضطر فياض الى اعتماد الويسترن في عملية استلام راتبه، لكنه يتسلمه بالدينار وبسعر الصرف الرسمي 132 دينارا.

توضيح

وبشأن ذلك تقول رسل العاني التي تعمل كأمينة خزنة بأحد المصارف الاهلية ببغداد، إنه “لا يوجد مصرف يحق له احتجاز اموال المواطنين او منعهم من استلامها كاملةً، ومن يمارس هذه الافعال فهو يخطط لنوايا اخرى، او قد يكون هناك اشكالية باسم الشخص الذي يتم تحويل المبالغ له الى داخل العراق”.

وبالحديث عن تحويل المبالغ عن طريق الويسترن، تبين العاني في حديثها لـ “طريق الشعب”، إن في السابق “كان يتم اعطاء المبلغ بالدولار داخل البلد، لكن بسبب دخول مبالغ كبيرة بالفترة الاخيرة وبشكل مبالغ به تم منع اعطاء الاموال بالدولار انما بالدينار وبحسب سعر صرف الدولار المقر من البنك المركزي العراقي”.

وتشير إلى أن “بعض عمليات التهريب تتم عن طريق الويسترن او المونيغرام، من خلال كتابة انه سيتم تحويل مبلغ بقيمة مليار او أكثر لاستلام اجهزة او مواد تكلفتها الحقيقية تقدر 60 مليونا، او قد يتم تهريبها عن طريق السيارات”.

وأعلن محافظ البنك المركزي علي محسن العلاق، نهاية شهر أيلول، أن العراق سيقصر جميع التعاملات التجارية الداخلية وغيرها على العملة المحلية، اعتبارا من العام المقبل. وقال العلاق، إن البنك ماض للاستغناء عن التحويلات الخارجية العام القادم، واعتماد المصارف المجازة في العراق على بنوك مراسلة في عمليات التحويل الخارجي. وأضاف، أن “ذلك جاء بعد اتفاق بين البنك المركزي العراقي والبنك الفيدرالي الأمريكي، اسوة بدول العالم، حيث لا تمارس البنوك المركزية أعمالا تنفيذية ويتركز دورها على الإشراف والرقابة”.

وبلغت الحوالات عن طريق البنوك المراسلة 60 في المائة من إجمالي الحوالات (خارج المنصة الإلكترونية الخاصة بالبنك المركزي)، فيما وصلت نسبة تنفيذ الحوالات المحققة إلى أكثر من 95 في المائة.

تهريب الاموال

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي أحمد عيد، إن “امتناع المصارف عن تسليم الحوالات بالدولار للمستفيدين، يمكن أن يؤدي إلى التشجيع على عدم استلام حوالات من الخارج. هناك حالات مسجلة في معظم المصارف وشركات التحويل المالي تتمثل بعدم تسليم المستفيدين من حوالات الخارج مبالغهم كاملة، إنما تتم تجزئتها أو تسليمها إليهم بالدينار العراقي وبالسعر الرسمي، وتمثل هذه الحالة عمليات تظليل وسرقة لأموال المستفيدين”، مضيفا انه “يتعين على الشركات أو البنوك تسليم المبالغ كاملة، ما دام هناك بيع للدولار من قبل البنك المركزي الى هذه المصارف باسم الحوالات الخارجية التي يُعلن عنها بشكل يومي بأرقام كبيرة”. ويشير عيد خلال حديثه مع “طريق الشعب”، إلى إن “إجراءات البنك المركزي بعد عقوبات البنك الفيدرالي الأمريكي على عدد من المصارف زادت من فرص عمليات تهريب الدولار إلى خارج العراق”، لافتاً إلى أن “مافيات سوق المضاربين تسيطر بشكل كبير ومباشر على حركة بيع وشراء الدولار في السوق المحلية ضمن بورصات السوق الموازي”.

ويضيف عيد، أن “عمليات التهريب متعددة ومتنوعة ولا يمكن السيطرة عليها، لأن الأحزاب ومافيات المال هي التي تسيطر على سلطة القرار السياسي والاقتصادي العراقي”، موجهاً اصابع الاتهام الى الحكومة العراقية والبنك المركزي بافتعال أزمة الدولار في العراق بسبب عدم وجود رقابة فعّالة، وإن وجدت رقابة فهي صورية وشكلية تستهدف أصحاب المصالح الصغيرة دون الاقتراب من كبار التجار والبنوك والمصارف الخاصة”.

ويستدرك قائلاً: إن “الفساد بالمصارف الحكومية وصل ذروته في هذه الأزمة حيث تعتمد نافذة بيع العملة للمسافرين على شراء المسافرين لغرض السماح بإدخال بياناتهم ضمن نافذة العملة بمبالغ مالية تصل إلى ١٥٠ ألف دينار عراقي من كل مسافر مقابل استلام إيداع الدينار من قبل البنك وتسليمه للمسافر عبر بوابة مطار بغداد. وهذه عملية فساد أخرى يقوم بها موظفو هذه المصارف”.

أما وسائل التهريب فهي متعددة: تتمثل بعمليات إدخال مواد غير صالحة للاستهلاك البشري، والتلاعب بفواتير المواد المستوردة.

واختتم عيد حديثه بطرح بعض المعالجات للحد من عمليات الفساد والتهريب للدولار: “تفعيل الرقابة الحقيقية من خلال أتمتة الأنظمة بالتكنولوجيا الحديثة ومراقبتها قانونيا ورقابيا، بالإضافة إلى تفعيل دور الحوكمة للحد من عمليات الفساد، وإبعاد المتنفذين والمنافذ السياسية عن التأثير على سلطة القرار المالي والرقابي العراقي”.

ومنعت الولايات المتحدة في تموز 14 بنكا عراقيا من إجراء معاملات بالدولار، في إطار حملة أوسع نطاقا ضد الاستخدام غير القانوني للعملة الأمريكية.