اخر الاخبار

مع اقتراب العام الدارسي الجديد، تضاعفت هموم المواطن العراقي، خاصة الفقير وذو الدخل المحدود، الذي بينما يعاني قسوة الحياة وصعوبة تأمين نفقات معيشة عائلته، سيضطر إلى تحمل تكاليف إضافية باهظة لتوفير مستلزمات الدراسة لأبنائه، بدءا من الملابس والحقائب والقرطاسية، وصولا إلى المناهج الدراسية والملخصات وأجور النقل ودورات التقوية.

وخلال السنوات الأخيرة، عجزت وزارة التربية عن تأمين الكتب المنهجية كاملة للطلبة والتلاميذ، الأمر الذي اضطر أولياء الأمور إلى شرائها من السوق بمبالغ كبيرة، أو طباعتها على نفقاتهم الخاصة.

وفي السابق، ومع بدء العام الدراسي، كانت المدارس توزع قرطاسية على الطلبة، وأحيانا توزع عليهم ملابس وأحذية وحقائب، وذلك مجانا أو مقابل مبالغ رمزية، لكن بعد 2003 لم تبادر الحكومات المتعاقبة إلى تفعيل هذا الدعم، ما حمّل العائلات تكاليف باهظة في تأمين مستلزمات الدراسة لأبنائهم.

ولمجرد اقتراب العام الدراسي تبدأ أسعار هذه المستلزمات بالارتفاع بشكل مبالغ فيه، سواء بسبب جشع بعض التجار والباعة الذين يعمدون إلى زيادة الاسعار لتحقيق مزيد من الربح، أم بسبب ارتفاع سعر الدولار وعدم استقراره، على اعتبار أن جميع هذه المستلزمات مستوردة بالعملة الصعبة.     

ووفقا لما أفاد به العديد من أولياء الأمور عبر وسائل إعلام، فإن تجهيز التلميذ الواحد بمستلزمات الدراسة والملابس، سيكلف هذا العام نحو 100 ألف دينار!

كبار المستوردين

يشهد “سوق سهام العبيدي” في حي المنصور البغدادي هذه الأيام، حركة تسوق واضحة. إذ يرتاده المواطنون لشراء الأزياء المدرسية ولوازم الدراسة لأبنائهم، لكن الأسعار المبالغ فيها أعجزت الكثيرين منهم عن الشراء – حسب ما يذكره بعضهم في حديث صحفي.

ووفقا لأصحاب محال في السوق، فإن الأسعار ارتفعت بشكل ملحوظ مع اقتراب العام الدراسي، عازين السبب إلى “كبار المستوردين”، الذين يعمدون إلى رفع الأسعار، وبالتالي يضطر التاجر الصغير وصاحب المحل إلى التماشي مع هذه الزيادة لتحقيق هامش من الربح.

وفي المقابل يؤكد الكثيرون من الأهالي أن الأسعار تفوق قدراتهم الشرائية، وتجعلهم عاجزين عن توفير احتياجات أبنائهم، خاصة ممن لديه أكثر من تلميذ.

وفي هذا الصدد يقول أحد المواطنين، أن “الطالب يحتاج إلى بنطال وقميص واحد على أقل تقدير، وصدرية مدرسية بالنسبة للبنت مع قميص أيضا، إضافة للقرطاسية، وان شراء هذه المستلزمات يكلف بالقليل 100 ألف دينار بالنسبة للطالب الواحد”.

“الصدرية” بـ 35 ألفا

علي حسن، وهو صاحب محل لبيع الأزياء المدرسية في بغداد، يقول في حديث صحفي أنه يعمل في هذه المهنة منذ 20 عاما، مبينا أن غالبية بضاعته من منشأ صيني.

ويضيف قائلا في حديث صحفي أن سعر “الصدرية المدرسية لمن هن تحت الـ 14 عاما يصل إلى 25 ألف دينار، أما بالنسبة للقياسات الكبيرة فيصل سعر الواحدة إلى 35 ألفا”، لافتا إلى أن حركة الشراء هذا العام ضعيفة، بسبب الوضع الاقتصادي غير المستقر، وارتفاع الاسعار الناتج عن استغلال بعض المستوردين حاجة الناس إلى هذه البضاعة.  

فيما يقول سيف كامل، وهو صاحب محل في “سوق سهام العبيدي”، أن تكلفة الزي المدرسي بالنسبة للبنات تصل إلى 50 ألف دينار، تضاف إليها نفقات شراء القرطاسية وبقية المستلزمات الدراسية.

ارتفاع جنوني!

من جانبه، يقول المواطن محمد علي، أنه اعتاد مع بداية كل عام دراسي التوجه إلى محال الجملة المتخصصة في بيع المستلزمات الدراسية، لشراء احتياجات أبنائه من قرطاسية وغيرها، مبينا في حديث صحفي أن “الأسعار هذا العام ارتفعت بشكل جنوني، وزادت على الضعف قياسا بالسنوات السابقة”.

ويضيف قوله أنه “قبل 2003 كانت الدولة توفر هذه المستلزمات للطلبة، سواء مجانا أم بأسعار رمزية، ما يخفف قليلا من تكاليف الدراسة عن العائلات. أما اليوم فلم يعد هذا الأمر موجودا، ما يتطلب من وزارة التربية السعي إلى دعم الأهالي في توفير هذه المستلزمات، لا سيما أن المواطن اليوم يواجه ظروفا معيشية صعبة في ظل الغلاء وضعف فرص العمل”.

ويؤكد علي أن “بدء العام الدراسي بات يشكل عبئا كبيرا على أولياء الأمور، لا سيما من لديه أكثر من تلميذ”، منوّها إلى أن هناك نفقات أكبر سيتحملها ولي أمر الطالب طيلة شهور الدراسة، وهي أجور النقل، وأجور الدروس الخصوصية “فهذه الأخيرة أصبحت ظاهرة شائعة اليوم، وجعلت الطالب يعتقد بأنه لن يتمكن من النجاح دون تلقي دروس خصوصية”.

هل من حلول؟!

تواجه المواطنة أم آية صعوبة في شراء الملابس والمستلزمات الدراسية لابنتها الوحيدة، الطالبة في المرحلة المتوسطة.

وتقول أن “ابنتي تحتاج على الأقل إلى صدريتين، يصل سعرهما إلى أكثر من 50 ألف دينار”، مشيرة إلى أن السوق ملتهب هذه الأيام، بسبب تذبذب سعر الدولار واقتراب العام الدراسي.

وتطالب المواطنة وزارة التربية بوضع حلول جذرية لهذه المشكلة التي تواجهها العائلات سنويا “إذ يتطلب من الوزارة تجيهز الطلبة بالقرطاسية للتخفيف من أعباء نفقاتها عن العائلات الفقيرة وذات الدخل المحدود”.