اخر الاخبار

بالرغم من الوعود الحكومية السابقة بالسيطرة على سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، إلا أنها فشلت بتحقيق ذلك وعلى العكس تماما يحافظ الدولار على مكانته المرتفعة والتي باتت تؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطن العراقي.

ويؤشر باحثون في شأن الاقتصاد أن أزمة ارتفاع سعر الصرف تسببت بـحدوث تضخم في أسعار المواد الأساسية، مما ولد عزوفاً لدى المواطن في التبضع، مؤكدين بذات الوقت غياب الرقابة الحقيقية لسوق المال المحلي من قبل الجهات المعنية.

العزوف عن التبضع

تشكو نادية الحلفي من ارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية مع بداية العام الدراسي الجديد، والذي أدى إلى عزوفها عن شراء العديد من الحاجيات الأساسية لأطفالها.

تقول نادية لـمراسل “طريق الشعب” إنها قد تمكنت من شراء بعض المستلزمات الدراسية لأطفالها، بسبب ارتفاع سعر الدولار، متسائلة عن كيف سيكون حال العائلات الفقيرة والتي لا تملك مصدر دخل ثابت ومستقر، وماذا سيكون شعور أطفالهم بمعرفتهم بعدم امتلاكهم أبسط المستلزمات التي يملكها أقرانهم في الصف، وهذا من شأنه أن يولد مفارقات اجتماعية كبيرة.

وتستغرب نادية من وجود بعض “التجار والبائعين الذين يستغلون أي حدث اقتصادي لصالحهم، دون التفكير بالآخر” مطالبة بتشديد “الرقابة والمتابعة على كافة المحال التجارية ومحاسبة من يستغل هذه الظروف لصالحه الشخصي، مع إيجاد حلول لأزمة ارتفاع الدولار”.

غياب الرقابة الحقيقية

يعتبر الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد أن الصعود المتواصل بسعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي تقف خلفه “ مافيات سوق المال التي تسيطر على معظم البنوك والصيرفات المرتبطة بنافذة بيع العملة بشكل مباشر”، عازيا سبب تلك الهيمنة بـ “ ضعف الأداء الرقابي المصرفي على تلك الصيرفات والبنوك وصعوبة السيطرة عليها، خاصة وأنها تعود لجهات متنفذة، فضلاً عن غياب الوعي المؤسسي لدى الكثير منها”.

ويبين في حديثه لـ “طريق الشعب” أن “صعود الدولار في هذه الفترة ليس بالحالة الجديدة، إنما هو امتداد لتراكمات سلبية في أداء السوق المالي المحلي، وظهر الارتفاع تدريجياً مع حالة التغيير الفصلي في تجديد السلع والبضائع في السوق، مما أضطر التجار لسحب كميات كبيرة من الدولار من أجل استيراد البضائع الشتوية للفصل السنوي المقبل”.

وعن وعود الحكومة بالسيطرة على سعر الصرف، يجد أن إجراءاتها “ عقيمة وغير مجدية، بل وأن الحكومة شريك أساسي في هذا الأرتفاع من خلال فتح البنك المركزي المجال أمام الصيرفات والبنوك الخاصة غير الموثوقة لإعتماد شراء الدولار من نافذة بيع العملة بالسعر الرسمي، لتقوم بعد ذلك ببيعه بسعر السوق الموازي الحالي”.

ويحث عيد على ضرورة “ تفعيل دور الرقابة الاقتصادية على هذه الصيرفات والبنوك والحد من عمليات المضاربة والتلاعب في أسعار الصرف، كون هذا الارتفاع أثر كثيرا على حالة السوق، وتسبب بحالة ركود كبيرة انعكست على القدرة الشرائية للمواطن العراقي وخاصة أصحاب الأجر اليومي والدخل المحدود، فضلاً عن تأثر التجار الصغار وأصحاب المحال التجارية، حيث لم يتمكن الكثير منهم من التبضع بسبب عدم استقرار سعر الصرف”.

انخفاض طفيف

يلقي الخبير الاقتصادي إبراهيم الشمري الضوء على العلاقة المعقدة بين ارتفاع سعر الدولار والعوامل النفسية والسياسية، مشيرا إلى أن هذا الارتفاع أصبح قضية حساسة بالنسبة للعراقيين، وخصوصًا فيما يتعلق بأي زيارة لمسؤولين أمريكيين مثل رؤساء الخزانة الأمريكية أو نوابهم، حيث يتوقعون أن تؤدي هذه الزيارات إلى تأثيرات سلبية على سعر الدولار، معتقدا أن أحد أسباب ارتفاع سعر الدولار مرتبطة بالزيارة الأخيرة لمساعد وزير الخزانة الامريكية خلال شهر أيلول.

وبين الشمري في حديث مع “طريق الشعب” أن “زيارة المسؤولين الأمريكيين خلال شهر تموز العام الجاري تسببت في مشاكل كبيرة، بما في ذلك فرض عقوبات على بعض المصارف العراقية وحرمانها من الدولار”.

ومع ذلك، يتوقع الشمري أن يشهد سعر الدولار انخفاضًا طفيفًا في الأيام القادمة نتيجة “ لوجود تطمينات من قبل الخرانة الامريكية لالتزام المصارف بالتعاملات الإلكترونية في التجارة الدولية خارج العراق”. معتقدا أن هذا “سيكون له تأثير إيجابي على السوق ويساهم في تقليل التقلبات في سعر الدولار”.