اخر الاخبار

تُعَدّ جريمة الاتجار بالبشر إحدى أبرز الجرائم التي نشطت في العراق خلال السنوات الأخيرة. وتُسجل السلطات وقائع شبه يومية يجري فيها استغلال فئات مثل المعوقين والمشردين والفقراء في العمل تحت ظروف صعبة، أو في مجالات بعضها مجرّم قانونيا، مثل الدعارة أو التسول أو تهريب الممنوعات، فضلاً عن توجه آلاف الشباب نحو الهجرة السرية بسبب الظروف التي تعيشها البلاد.

وكانت القوات الأمنية قد ألقت خلال الشهور الماضية، القبض على عشرات المتورطين في قضايا الاتجار بالبشر وتهريب المخدرات.

تقدم كبير

مدير عمليات دائرة مكافحة الجريمة المنظّمة في العراق العميد حسين التميمي، قال في حديث صحفي أن قوات الأمن حقّقت تقدّماً كبيراً في ملفّ مكافحة الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة في عموم البلاد، مؤكداً اعتقال المئات من المتورّطين في عمليات اتجار بالبشر منذ مطلع العام الجاري.

وأوضح التميمي أن “عمليات الاتجار بالبشر وبالأعضاء البشرية تتراجع  في العراق في ظلّ مكافحة قوات الأمن شبكات وجماعات متورّطة فيها”، مضيفاً أنّ “هناك حالات كثيرة تشمل محاولات بيع الكلى، وان المستهدفين في هذه الحالات هم أشخاص يقرّون بأنّهم في حاجة إلى المال أو آخرون يوهَمون بأنّهم يتبرّعون لمرضى حياتهم في خطر”.

وأشار إلى ان “هناك أشخاصا قدّموا بلاغات تفيد بأنّهم تعرّضوا للتخدير وسُرقت أعضاء من أجسادهم. لكنّ خلال التحقيقات، ثبت أنّهم في معظمهم قاموا بذلك بملء إرادتهم ثمّ تراجعوا. وهذه الحالات قليلة عموماً”.

وتابع التميمي قوله: “كذلك ثبت لدينا قيام عصابات مرتبطة بجهات في خارج البلاد بخداع أشخاص لدفعهم إلى السفر لأغراض متعدّدة ثمّ سرقة أعضائهم. وهذه حالات قليلة أيضا”.

وأوضح مدير عمليات دائرة مكافحة الجريمة المنظّمة، أنّه “بالنسبة إلى الأشخاص المقبوض عليهم من قبل مديريتنا بتهمة الاتجار بالبشر، وكذلك التسوّل لأنّه يندرج ضمن بند الاتجار، فقد بلغوا منذ بداية عام 2023 وحتى نهاية آب منه 795 متّهماً”، مبينا أنّ “عقوبة المتاجر تصل إلى السجن المؤبد”.

أزمة الأدوية

وحول أزمة الأدوية وجرائم التهريب والمضاربة بأسعارها، قال التميمي ان “1571 طنّا من الأدوية المهرّبة أو المعدّة للتهريب ضُبطت حتى تاريخ نهاية تموز الماضي”، مضيفاً انّ “ثمّة تنسيقاً عالي المستوى بيننا وبين وزارة الصحة في التعامل مع هذا الملفّ. إذ وُضعت آلية لتتبّع وملاحقة الجريمة في ملفّ الأدوية”.

وأشار إلى أنّ “نسبة الأدوية المهرّبة التي تدخل العراق من دون فحص كانت تصل في السابق إلى 70 في المائة. أمّا حالياً، فالأدوية التي تدخل العراق تخضع كلها للفحص، وأيّ محاولة لإدخال أدوية مهرّبة تحبَط من قبل مفارز الأمن”، لافتا في هذا الإطار إلى أنّهم تمكّنوا كذلك، عبر التنسيق مع إقليم كردستان، من إغلاق كلّ المنافذ التي كانت تتسرّب منها الأدوية المهرّبة.

اتفاقات دولية لمكافحة الجريمة

وتحدّث التميمي عن انضمام العراق إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عام 2007، الأمر الذي “سمح بعقد اتفاقات مع دول عربية ودول الاتحاد الأوربي، تمّ من خلالها تبادل معلومات مهّدت للقبض على متورّطين في جرائم تندرج ضمن بند الجريمة المنظمة في داخل العراق وخارجه”.

وقبل أكثر من أسبوع، أعلنت السلطات العراقية عن إحباط عملية بيع فتاة قاصر من قبل والدها في بغداد، لقاء خمسة آلاف دولار أمريكي، مؤكدة إلقاء القبض على الرجل.

دور المنظمات المدنية

يعمل بعض منظمات المجتمع المدني على الدفاع عن حقوق الفئات الفقيرة التي عادة ما تكون ضحية لعصابات المتاجرة بالبشر، ويتواصل عدد منها مع المؤسسات والدوائر الرسمية في مجالات رسم الخطط واتخاذ الإجراءات للحد من تفاقم تلك الجريمة، لكن بعض المنظمات تتعرض إلى تهديدات من قبل مجهولين ينتمون إلى تلك العصابات لثنيها عن نشاطاتها في مكافحة استغلال الفئات الفقيرة والضعيفة.

وفي حديث صحفي سابق لوكالة أنباء “العربي الجديد”، قالت عضو رابطة المرأة العراقية مريم سلمان، ان “معظم منظمات المجتمع المدني تخصص ضمن برامجها السنوية ونشاطاتها التطوعية حملات لمكافحة الاتجار بالبشر، وتعمل على الكشف عن الجهات التي تقف وراءها، وجميع المعلومات التي تصل إليها المنظمات تشير إلى وجود جماعات نافذة في الوسط السياسي والمليشيات المسلحة تحمي هذه العصابات”.

وتُعَدّ جريمة الاتجار بالبشر من الجرائم التي تنشط في العراق منذ السنوات الأخيرة، وقد سُجّلت حوادث متكرّرة في هذا الإطار، وسط مطالبات الأمن العراقي بتشديد ملاحقة جماعات تمتهن الاتجار بالبشر، من خلال التسوّل والبغاء وبيع الأعضاء.

وكانت مفوضية حقوق الإنسان قد أعلنت في آب الماضي، عن اتفاق مع منظمات دولية لمحاربة الاتجار بالبشر في البلاد، موضحة أنّه وُضعت في هذا الإطار خطط واستراتيجيات عمل مشتركة ميدانية وتثقيفية.

ويعرّف القانون العراقي الاتجار بالبشر بأنّه “أيّ تجنيد أو نقل أو إيواء أو استقبال للأشخاص من خلال التهديد بالقوّة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر، أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة، أو بإعطاء أو تلقّي مبالغ مالية لنيل موافقة شخص له سلطة أو ولاية على شخص آخر بهدف البيع أو الاستغلال أو العمل القسري أو الاسترقاق أو التسوّل أو المتاجرة بالأعضاء البشرية”. وقد فرض القانون العراقي عقوبات بالسجن إلى جانب غرامات مالية على المتاجرين بالبشر.