اخر الاخبار

لا يزال الواقع الصحي في البلاد يواجه العديد من التحديات المتعلقة بنقص المستلزمات الدوائية والطبية وسوء الإدارة، ما ينعكس سلباً على الخدمات المقدمة للمواطنين، ويزيد من مسؤولية الكوادر الطبية في التعامل مع تلك المنقوصات، ومحاولة إيجاد بدائل بسيطة لها.

صنّف العراق وفق مؤشر الرعاية الصحية لمجلة CEOWORLDK بالمرتبة الـ 79 عالميا من أصل 110 دول، ضمن التصنيف، وبالمرتبة الـ 11 عربيا بين دول العالم بأفضل أنظمة الرعاية الصحية للعام 2023. ويعتبر مؤشر الرعاية الصحية تحليلا إحصائيا للجودة الشاملة لنظام الرعاية الصحية، بما في ذلك البنية التحتية للرعاية الصحية؛ كفاءات المتخصصين في الرعاية الصحية (الأطباء وطاقم التمريض وغيرهم من العاملين الصحيين)، والتكلفة، توافر الأدوية عالية الجودة، واستعداد الحكومة. كما يأخذ في الاعتبار عوامل أخرى كالبيئة، المياه النظيفة، والصرف الصحي، واستعداد الحكومة لفرض عقوبات على مخاطر مثل تعاطي التبغ والسمنة.

أبرز التحديات

وتعتبر نمارق جواد، رئيس مؤسسة ANN للتنمية المستدامة وحقوق الإنسان، والتي تعمل في رصد الواقع الصحي في البلاد، إن الصحة حق تنموي إنساني أساسي وضروري لتمتع الأفراد بحقوقهم الإنسانية، مؤكدة على واجب الدولة في تعزيز النُظم الصحية كأولوية قصوى في برامجها الحكومية، اذ من الضروري أن يتمتع كل مواطن بأعلى مستوى من الصحة والرعاية الصحية الشاملة.

وخلال حديثها مع “طريق الشعب”، تؤشر جواد “وجود العديد من التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع الصحي في العراق؛ ابتداء من وجود العديد من الكفاءات الكبيرة كالأطباء والممرضين والكوادر الصحية والهندسية والإدارية والخدمية، الذين يسعون بجد لتقديم أفضل الخدمات الطبية للمرضى، إلا أن البيئة الحالية تعتبر طاردة لجهودهم”.

وعن تحدٍ آخر، تقول إن “هناك نقصا كبيرا بالمعدات الطبية والأدوية يعيق تقديم الخدمات بالشكل المطلوب، وهذا ما يجعل المؤسسات الصحية بين (المطرقة والسندان) في مواجهة تحديات كبيرة، والتي في الغالب يقع اللوم على الطبيب المتواجد في المستشفى، كونه في الواجهة إلا انه في الواقع ضحية هذا التقصير”، معربة عن استيائها من الانتقادات التي يتعرض لها العاملون في القطاع الصحي عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن نقص الادوية او سوء البنية التحتية.

ومن خلال رصدها تؤكد ان “الأبنية الصحية في العراق متهالكة ولا تستحق التسمية بالمستشفيات، وأنها تفتقر لأدنى المقومات، ولا ترتقي بمستوى الخدمات المقدمة فيها”، لافتة الى “وجود العديد من المستشفيات سلبت أرواح الكثير من المرضى بدل اسعافهم، كحادث مستشفى ابن الخطيب، الذي أدى الى وفاة ما يقارب 82 مواطناً”.

وتتابع قائلة “يوجد بعض أوجه عدم الكفاءة في تقديم الخدمات الصحية، بالشكل الذي يزيد من حجم التكاليف ويشجع على الهدر، كما وشهدت فرص الحصول على خدمات الرعاية تشوهاً في ظل المستشفيات الأهلية، ما يضطر الفقراء إلى تدبير أحوالهم بأنفسهم”.

وتدعو جواد خلال حديثها إلى استخلاص الدروس من تجارب الأزمات السابقة وضرورة تحسين الأداء الصحي وتوفير الأدوية للمرضى، مشددةً على أهمية تعزيز النُظم الصحية ومكافحة الإدارات الفاسدة وتحسين الإدارة والموازنة لتحقيق تطور مستدام في قطاع الصحة.

فساد

يحمل مسؤول سابق في شعبة الصيدلة بدائرة صحة ذي قار، أنور آدم، مسؤولية شح الأدوية الطبية، تحديداً المتعلقة بأمراض الكلى والسكر والاورام، إضافة إلى قلة اللقاحات الضرورية، لوزارة الصحة المعنية، كونها معنية بالشأن بشكل مباشر.

ويضيف آدم في حديثه مع “طريق الشعب”، أن “الشركة العامة لتسويق الأدوية والمستلزمات الطبية (كيماديا) التابعة لوزارة الصحة، تتضمن قصورا كبيراً في عملها”، موضحا أن “من المفترض على كل مؤسسة صحية تقدير احتياجاتها من الدواء قبل سنتين، ومن مسؤولية الشركة توفير تلك الاحتياجات”.

ويتأسف آدم لعدم توفير أغلب الاحتياجات الدوائية للمؤسسات، سوى بنسبة 30 الى 40 في المائة، وبعض الأدوية تصل نسب توفيرها إلى أدنى من ذلك بكثير.

وينتقل أدم بالحديث عن جانب اخر، يتمثل بوجود فساد مالي يطال دوائر الصحة ومشترياتها الدوائية، ما انعكس سلباً على الميزانية المخصصة لشراء الأدوية وبقية المستلزمات الطبية.

ويتحدث آدم عن لجان المشتريات، مبيناً أن “وزارة الصحة كانت مملوكة لإحدى الجهات المهيمنة، والتي تملك سيطرة على اغلب لجان المشتريات واعتدال الأسعار، اذ كانوا يشترون الادوية بأضعاف السعر الحقيقي”.

وكشف أدم عن فتح 6 لجان تحقيقية وتقديم عدد من المقصرين للقضاء اثناء تسلمه المنصب.

ويذكر آدم إن “احدى اللجان كشفت عن وجود هدر بقيمة مليار وربع من أصل القيمة الكلية البالغة 3 مليارات، إضافة الى وجود صكوك صرف خاصة بأدوية الأورام بقيمة 800 مليون، فيما قيمتها الحقيقية تعدل 200 مليون”.

وفي ختام الحديث يؤكد آدم على “أهمية وجود دعم حكومي جبار ينهض بواقع القطاع الصحي في البلاد، على اعتباره من اهم القطاعات التي تمس حياة المواطن، ومحاولة القضاء على الفساد الإداري والمالي الذي بات ينهش هذا القطاع”.