اخر الاخبار

شكا فلاحون ومربون ومسؤولون في الجمعيات الفلاحية في منطقة الفرات الاوسط، من غياب الدعم الحكومي واستمرار التخبط في اتخاذ القرارات، وفسح المجال امام المنتج المستورد، لارضاء شخصيات فاسدة. فيما طالب آخرون بإبعاد وزارة الزراعة عن مشاريع المحاصصة الطائفية والصراعات الحزبية الضيّقة. وطالب المتحدثون في أحاديث لـ”طريق الشعب” بضرورة مد يد العون لهم، ورفع الحيف عنهم، وتقديم الدعم الكافي لهم، عبر تخفيض اسعار البذور والاسمدة، وتوفير المياه الكافية للسقي واستصلاح الاراضي، وعدم فسح المجال لاستيراد المواد المتوفرة محلياً، الا في حالات الضرورة.

تنظيم الحصة المائية

يقول حيدر حمزة الفتلاوي، احد فلاحي ناحية الخيرات في قضاء الهندية شرق كربلاء لـ”طريق الشعب” ان “معاناتنا تتمثل بعدم تنظيم الحصة المائية، التي لا تتناسب مع المساحة المزروعة”، كما اشتكى من عدم توفير الجهات الرسمية لـ”الاسمدة بالوقت المناسب لمحاصيلنا الزراعية من الحنطة والشعير”.

ويتابع “كذلك الحال بالنسبة لأدوية مكافحة دوباس النخيل والمزروعات والقوارض”، مشددا على ضرورة “دعم المنتج المحلي في وقت الذروة عبر غلق الحدود امام الاستيراد”.

وليد حمد الكريطي، رئيس الاتحاد المحلي للجمعيات الفلاحية التعاونية في كربلاء، قال في حديث لـ”طريق الشعب”، إن “ما تقدمه الحكومة للفلاح من ناحية الاسعار ونوعية البذور محدود جدا، ما يضطره الى اللجوء للسوق السوداء، او الاستيراد من خارج العراق”.

ويضيف “في هذه الحالة تأتي هذه البذور مهجنة ما يؤدي لزيادة غلة المحصول”، مشيرا الى ان “الجهات الزراعية الرسمية خفضت الجرعة السمادية للمحاصيل الزراعية”.

ووفقاً لرئيس الاتحاد المحلي، فإن “اغلب المشاريع الاروائية في كربلاء كانت متلكئة، وبالتالي انعكس شح المياه هذا العام، على زيادة نبات الشمبلان في جدولي الحسينية وبني حسن، الامر الذي خلق مشاكل كثيرة للفلاحين”.

لا حياة كريمة

فيما ذكر حمزة هادي حساني، نائب رئيس جمعية الخليج العربي، احدى الجمعيات الفلاحية التعاونية في محافظة بابل، ان “الفلاحين والمزارعين يعانون منذ عام 2003  من اهمال حكومي متعمد لقطاع الزراعة، ما تسبب في حرمان البلد من المورد الثاني الاقتصادي”، مبيناً ان “تراجع توفير الحياة الكريمة الى  العاملين في الريف والعزوف عن الزراعة اسبابه عديدة ومنها قلة الدعم الحكومي، وعدم توفير المستلزمات الزراعية مثل الأسمدة والبذور وايصال المياه لتغطي جميع الاراضي الزراعية”.

وتابع في حديثه لمراسل “طريق الشعب”، ان “المعاناة مستمرة للفلاح العراقي مع كل موسم زراعة، وتتمثل في طلبات دوائر الدولة في جلب الكتب من (الكهرباء، البلدية، الاثار، الحصه المائية، الكشوفات، المرتسمات) وهذا ما يثقل كاهل الفلاح من الناحية المادية، وتجلب له متاعب اضافية”.

وطالب حساني بـ”ضرورة تطهير الجداول والأنهار بشكل دوري، وإعادة النظر في تنظيم ضخ المياه الى الجداول والانهار ورفع التجاوزات عنها ووضع شروط على التجاوزات وايصال المياه للمناطق البعيدة المحرومة من الزراعة”.

منتجنا خالٍ من المواد الكيماوية

وناشد نائب رئيس جمعية الخليج العربي، الحكومة “بضرورة الاسراع في دفع اثمان المحاصيل المسوقة بعد استلامها بمدة لا تزيد على شهر واحد، وشمول محصول التمور ضمن المحاصيل المسوقة للدولة، ورفع اسعار هذه المحاصيل مقارنة بالمصروفات، بالإضافة الى زياده الأسمدة وتخفيض اسعارها وتوزيعها مثل الموسم الشتوي والصيفي وشمول المحاصيل الاخرى مثل الباقلاء والخضر”.

وجدد رفضه “تخفيض حصة الدونم من الأسمدة وزيادة سعرها ونطالب بتسعيرة معقولة”.

ويشير حساني إلى أن “الانتاج المحلي ذو جودة عالية مقارنة بالمستورد من حيث الطعم والنكهة، ويخلو من المواد الكيميائية”، مطالبا الحكومة بمد يد العون للفلاحين والمزارعين ورفع الحيف عما تعانيه هذه الشريحة المظلومة، وأن توفر الدعم اللازم لقطاع الزراعة”.

ويؤكد نائب رئيس جمعية الخليج العربي في بابل، فشل احد المشاريع الاروائية وعدم استلامه من قبل مديرية الموارد المائية بعد تنفيذه من قبل الحكومة المحلية عام 2010، إذ يقول “هناك مشكلة في مشروع حلة  – كفل الذي نفذ في عام 2010، وقد ادت الى ضرر في مقاطعات (حرملة، الحگانية، الهميسانية، الرارنجية، المرادية) وفشل فعليا بنسبة تتجاوز ٨٠ في المائة”، مضيفاً أن “الانهر القديمة اندثرت، والفلاح حاليا يعاني شحة مياه السقي”.

ويلخص حساني المعاناة المتفاقمة للقطاع الزراعي بشكل عام بالقول: إن “مشاكل الفلاحين والمزارعين كثيرة، اهمها عدم اهتمام الحكومة في قطاع الزراعة، وقلة الدعم وتوفير احتياجات الفلاح”.

ونوه بأهمية ابعاد “وزارة الزراعة عن المحاصصة الطائفية والصراعات الحزبية وعدم التدخل في شؤون الوزير، وضرورة اختياره بعناية وان يكون شخصية كفوءة ونزيهة، وان يكون له حق اختيار المدراء العامين في المحافظات، خارج المحاصصة الحزبية والطائفية”.

منافسة صعبة

من ناحيته، اشار رئيس اتحاد فرع الشامية للجمعيات الفلاحية التعاونية في محافظة الديوانية، عباس لفته عطيه، إلى “سماح الجهات الحكومية باستيراد العجول الهندية، وهي بالغالب كبيرة العمر والكثير منها مصاب بامراض بالتزامن مع ارتفاع اسعار الاعلاف، اذ يصل سعر الطن الواحد في فصل الشتاء الى 400 الف دينار، ما يجعل منافسة مربي الحيوانات صعبة مع المستوردين”.

ويتهم عطية الحكومة بمحاربة المربين والمزارعين والفلاحين، الذين يشكلون نسبة كبيرة من نفوس العراقيين.

ويتابع أن “العديد من الفلاحين لا يفكرون بزراعة اراضيهم مستقبلاً نظراً لعدم توفر المواد المطلوبة ومياه السقي اضافة الى منافسة المنتجات الزراعية المستوردة”، مؤكداً ان قرارات فتح الاستيراد دون دعم المنافسة المحلية، تحطم آمال الفلاحين وتنهي الثروة الحيوانية”.

وفي شأن توزيع الحصص المائية وعدم وجود حلول مناسبة للفلاحين، شدد عطية على ان “الحكومات المتعاقبة ليس لديها تخطيط وحرص على المياه التي تمر في العراق، ولو كانت كذلك لجرى الاحتفاظ بها واستخدامها في موسم الزراعة والسقي”.

مشاكل اخرى

وأشّر رئيس اتحاد فرع الشامية للجمعيات الفلاحية في حديثه لـ”طريق الشعب”، صعوبات اخرى تواجه الفلاحين في محافظة الديوانية ومنها “قلة البذور وارتفاع اثمانها”، فيما يؤكد ان “المبيدات غير فعالة ولا تناسب التربة، اضافة الى مشكلة التسويق لمراكز البيع وقلة المشترين، يؤدي الى تلف المحصول الزراعي”.

ودعا المتحدث الى “اعمار مصانع التعليب وانشاء المخازن المبردة”.

اضطهاد الفلاح

ويشاطر عبد الجاسم عبد الحسين، ممثل اتحاد الجمعيات الفلاحية في المشخاب بمحافظة النجف، ممثلي الجمعيات في الفرات الاوسط، بقوله: “لم نتلمس اي دعم للفلاح والمزارع منذ حوالي ١٨ سنة”، مبينا “لو كان هناك دعم لشريحة الفلاحين والمزارعين والمربين لأصبح العراق بلدا مصدرا وليس مستوردا”.

ويضيف عبد الحسين، في حديثه لـ”طريق الشعب”، ان الحكومة توفر حصصا من البذور والاسمدة بنسب قليلة لا تسد الحاجة وعندها نضطر الى شرائها من السوق السوداء بسعر مرتفع”.

ويتابع ان “الفلاح مضطهد في قوت عيشه، اذ سوقنا انتاجنا من بذور الحنطة لمخازن وزارة التجارة، ولم نستلم منهم اي مبلغ منذ موسم ٢٠١٩-٢٠٢٠، كذلك الامر مع تسويق محصول (الشلب) للموسم ٢٠٢٠- ٢٠٢١”.

ويواصل عبد الحسين حديثه ان “الجمعيات الفلاحية لا تلقى الدعم والتشجيع من قبل الحكومة، وليس لها صلاحيات في مديريات الزراعة”.

وقال ان وزارة الزراعة “ملزمة بان تعطي صلاحية للجمعيات الفلاحية بمتابعة كري الانهر والبزول لمتابعة الاليات التي تكلف بذلك من قبل الري وعند توزيع البذور والاسمدة”.

استيراد كميات مقننة

وفي وقت سابق، وجه وزير الزراعة محمد كريم الخفاجي، بفتح الاستيراد لمحصول الطماطم، ومن جميع المنافذ الحدودية وبكميات مقننة، وبواقع خمسين الف طن، ولمدة محدودة، اعتبارا من ٨ / ٤/ ٢٠٢١.

وذكر بيان لوزارة الزراعة، اطلعت عليه “طريق الشعب”، أن “عملية فتح الاستيراد المقنن للطماطم جاءت تلبية لحاجة المستهلك خلال هذه الفترة، ولمعالجة شحة المنتج بين العروتين الخريفية والربيعية، ولفترة عشرين يوما فقط، تزامنا مع  قدوم شهر رمضان”.

من.. والى..

وقال مستشار الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية التعاونية في العراق، احمد القصير لـ”طريق الشعب”، إن “سوء الإدارة وانعدام التخطيط جعل وفرة المنتج تؤدي إلى انخفاض الأسعار وخسارة باهظة للفلاح، حيث وصل سعر صندوق الطماطم الى 1000 او 2000 دينار او لا يُباع”، مضيفا “أما فترة الشحة بين العروتين الخريفية والربيعية فارتفعت الأسعار وخضعت للمضاربات”.

ونبه الى أنه “كان بالإمكان توفير مستلزمات خزن المحصول والسيطرة على تذبذب الأسعار وتأثيرها على المستهلك”.

وفي حال فتح الاستيراد “لا بد أن يكون بموجب خطة موضوعة  لفترة معينة (من – الى)، حسب الكثافة الزراعية المحلية أو تخصيص نسبة مستمرة للاستيراد مع الانتاج المحلي مثل ٢٥% بحيث لا تكون هناك زيادة ولا نقص في الاسواق”.

واردف قوله ان “المنتج المحلي يضاهي المستورد ويتفوق عليه، لأنه طازج (سريع الوصول للسوق) بالاضافة الى ان نوعيته افضل كثيراً من حيث القيمة الغذائية والمذاقية وخالي من الأمراض الضارة للنبات والإنسان”.

 

دعم غير مجزٍ

ويلفت احمد القصير، الى ان “دعم وزارة الزراعة غير مجز للفلاحين من كل الأمور الزراعية، (بذور، اسمدة، مبيدات، ايجار ارض بدون مياه سقي، تجهيزات زراعيه مثل المرشات المحمولة لمكافحة الأدغال الرفيعة والعريضة)”.

ويشير الى ان “اغلب العقود المبرمة مع صغار الفلاحين منذ عام ١٩٩٠ بموجب قانون ٣٥، تتراوح بين ٣٨ الى ٤٠ دونما للعقد الواحد، ولشخص واحد، ومع كبر عدد عوائل المتعاقدين مع الحكومة فإن هذه المساحة لا تكفي لمعيشة العوائل التي تتراوح اعدادها بين 12 - 14 فردا في الريف العراقي”.

ويختم مستشار الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية بالقول: ان “الاراضي المستصلحة تعبت من الكثافة الزراعية، كما ان المبازل مسدودة بالقصب والبردي، فلم تعد الأراضي مستصلحة، فيما كثر فيها التصحر والطرفة، واصبحت ارضا للخنازير فقط والحيوانات الأخرى”.

عرض مقالات: