اخر الاخبار

في اليوم الدولي للمفقودين، حثت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الحكومة العراقية على “تعزيز جهودها الرامية للتخفيف من معاناة العائلات التي تبحث عن إجابات بشأن أبنائها المختفين.

إهمال الملف

ويعتبر العراق أحد البلدان التي تضم أكبر عدد من المفقودين في العالم: مئات الآلاف من المفقودين تركوا خلفهم عائلات تعيش في حالة من عدم اليقين وهي في صراع بين الأمل واليأس بانتظار سماع أخبار عن مصير أحبائها وقد يطول الأمر في بعض الأحيان لعقود.  

وأصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أمس الأربعاء، بياناً بشأن عائلات المفقودين في العراق، وذلك بمناسبة اليوم الدولي للمفقودين، مؤكدة أن الألم ما يزال مستمرًا لدى هذه العائلات، ومواصلة البحث عن إجابات عن ذويها المختفين.

وأضافت اللجنة، أن “هذه العائلات لا تعلم فيما اذا كان أحباؤها المفقودون على قيد الحياة أم في عداد الموتى، وهي لا ترى نهاية لمعاناتها ولذلك فهي تمر بقدرٍ كبير من المعاناة على المستويين العاطفي والنفسي”.

وأوضحت أن “لدى هذه العائلات الحق في معرفة ما الذي حصل لأحبائها، وهو حقٌ منصوص عليه في القانون الدولي الإنساني”.

ووفقا للجنة، خَلَفت عقود من النزاعات المسلحة وفترات العنف المتتابعة في العراق، أحد أكبر أعداد المفقودين في العالم.

وما يزال مصير مئات الآلاف من الأشخاص مجهولًا وهنالك الكثير من العائلات التي تواصل البحث عنهم ويعيش الكثير منها في حيرة بسبب حالة عدم اليقين التي تحيط بمصير أقاربها المفقودين، وفق اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

جدير بالذكر أن اللجنة الدولية ترأس لجنة ثلاثية بشأن المفقودين تضم الكويت والعراق وأخرى تضم إيران والعراق واللتان تهدفان لتوضيح أماكن تواجد هؤلاء المفقودين.

ونقلت اللجنة عن مازن، وهو فتى يبلغ من العمر 16 عامًا من الأقلية اليزيدية في سنجار، قوله: “كانت عائلتي سابقًا تتألف من ثمانية أخوة وأخت واحدة، وفي عام 2015، إختفى أربعة من إخوتي ووالديّ وإبن أخي، وما أزال أفتقدهم كل يوم، لغاية الآن أبكي عندما أرى أطفالًا آخرين يقضون أوقاتًا جيدةً بصحبة والديهم”.

وفي عام 2022، تلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر 1,477 طلبًا من ذوي المفقودين للبحث عنهم وإيجادهم. “ساعدنا في إيضاح مصير 678 شخصًا من خلال دعم السلطات في عمليات البحث ومن خلال الأنشطة التي ننفذها مثل تبادل الرسائل المكتوبة بين المحتجزين وعائلاتهم”.

وفي النصف الأول من عام 2023، قدمت العائلات 994 طلبًا للمساعدة في إيجاد ذويها المفقودين. وقد جرى ايضاح مصير 171 شخصًا، ولم شمل 5 أشخاص مع عائلاتهم في خارج العراق.

مصاعب اقتصادية

وتواجه هذه العائلات مصاعب اقتصادية وتعاني من مشاكل نفسية وهي معرضة لمخاطر من الناحية القانونية.

تقول وحيدة أحمد التي فقدت ثلاثة من أفراد عائلتها في عام 2016 بضمنهم زوجها وابنها البالغ من العمر 25 عامًا “عندما تسألني حفيداتي عن والدهن، أظهر لهن صورته. لقد كنّ صغيرات عندما فُقِد. أسوأ ما في الأمر هو عندما نتذكرهم أثناء تناول الطعام فنبدأ بالبكاء”.

وتضيف، “إننا عادة ما نترك الباب مفتوحا لعل أحبابنا يعودون يوما”.

سنواتٌ مَضَت، والألم يلازم عائلات المفقودين ولكنها تظهر قدرًا عاليًا من التكيف مع هذا الوضع.

التكيف مع المصاعب

آسيا، امرأة تبلغ من العمر 47 عامًا من ناحية الصقلاوية، تمثل ذلك الأمل الذي لا ينتهي في عام 2016: اختفى أربعة من أخوتها وهذا ما ترك فراغًا كبيرًا في حياتها.

على كل حال، وجدت آسيا عزاءها، كما هو الحال مع نساءٍ أخريات عانين من خسارةٍ مماثلة، في برنامج المرافقة الذي تنفذه اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والذي يساعد العائلات على التكيف مع المصاعب العاطفية والاجتماعية ذات الصلة باختفاء أقربائها.

تحملت آسيا تدريجيًا دور المعيل لعائلتها. واستطاعت لوحدها تربية بقية أخوتها وأبناء أخوتها المفقودين، وبذلك باتت مثالًا للقوة والإلهام في مجتمعها.

يقول جان جيروم كازابيانكا، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق، “إننا لا نحمل سوى الاحترام والتقدير للصلابة التي أظهرتها هذه العائلات ونحن ندرك حاجتها الماسة للحصول على إجابات. في النصف الأول من عام 2023، قدمت العائلات 994 طلبًا للبحث عن أقربائها المفقودين. وقد جرى إيضاح مصير ومكان تواجد 171 شخصًا إلى جانب لم شمل 5 أشخاص مع عائلاتهم في خارج العراق. لدينا حاليًا 28,892 ملف فقدان لم يتم حسمه في العراق ومستمرون في دعم السلطات للمساعدة في إنهاء معاناة العائلات على النحو الذي تستحقه”.