اخر الاخبار

حادثتان غريبتان أو قل طريفتين لا يمحيان تأسينا على الواقع الصحي لدى مؤسساتنا الصحية الرسمية على وجه الخصوص، فقبل مدة قصيرة خضعت أحدى قريباتي لعملية قسطرة شرايين القلب بمستشفى حكومي في مدينة الحلة، أدخلت صالة العمليات وكانت خائفة جدا من ذلك الإجراء الطبي لكن الذي أرعبها تماما تصرف ممرضتي الصالة، فقبل أعطائها جرعة التخدير، سحبت الممرضتان سرير العملية باتجاه القبلة وتعالى صوتهما بترديد أدعية لملك الموت ولشفاعة الأنبياء والأولياء.. ارتجفت المريضة وتوقعت الموت فعليا بدلا من الشفاء..

 و أصبيت جارتي بوعكة صحية مفاجئة نتيجة ارتفاع ضغط الدم وتراكم السوائل على الرئة بسبب خلل في الكلية، توجه أهلها بها فورا لمستشفى حكومي في بغداد وسرعان ما اجري لها العلاج اللازم وباتت ليلتها في المستشفى على أمل تحسن صحتها، الغريب في الأمر أن الطبيب “ الاختصاص” الذي قدم لها طريقة ووصفة العلاج في اليوم السابق رفض معاينتها ثانية صباح اليوم التالي أثناء دوريته “ التور” الاعتيادية على المرضى، وحين استنجدت به ابنة المريضة المرافقة لها ، متسائلة عن سبب رفضه معاينتها ثانية أجابها بطريقة فجة ، أن لا أمل لها بالشفاء وإنها ميتة لا محال ولا داعي لمعاينتها ثانية ! أجهشت الابنة في البكاء وتمسكت بالصبر وبتواصل منح مريضتها علاجها اللازم وبعد يومين فقط تحسن وضع المريضة وخرجت معافاة من المستشفى.

هاتان الحادثتان تحيلنا للتفكير بموضوع الدعم النفسي  للمريض وما يتوجب على الطبيب والكادر الصحي عموما من التمتع بصفات إنسانية مرنة و بمعلومات علمية  صحيحة و بخبرة التواصل  بحيادية وتقبل الآخر والتعاطف الإيجابي معه مع الرغبة الصادقة للمساعدة.. فسلامة المريض ورعايته الصحية لا تعنيان تناول حبة “ بارستول “  مثلا برأي الدكتور جاسم العزاوي الذي قدم في مجلس الشعرباف البغدادي مؤخرا محاضرة حول الرعاية الصحية وأهمية التثقيف بها مؤكدا بأنها علم وإدارة وتخصص مع مجموعة وظائف تهدف تقليل فرص الضرر ومنع حدوثه للمريض مع إمكانية معالجته ومنع تكراره، وإنها تعني المطالبة بحق المريض وتنويره قبل تناوله الدواء مؤكدا أن نصف العلاج يعتمد على الدعم النفسي.

 ولا تتوفر لدينا مراكز دعم نفسي حكومية أو أهلية كافية إذ لا تزيد عن عدد الأصابع ، وسعت  بعض منظمات المجتمع المدني لإنشاء  البعض منها لكنها من دون متخصصين للأسف.. شذت عنها  عيادة المحامية أزهار الشعرباف التي وفرت دعما نفسيا وقانونيا في الوقت نفسه ،ساهمت من خلاله بعلاج الكثير من الحالات النفسية وحلها قانونيا ، وتشير المحامية إلى  المادة 31 من الدستور العراقي  التي نصت على كفالة الدولة للرعاية الصحية ، وأن  لكل عراقي الحق بها  وأن الدولة  تعنى بالصحة العامة وتكفل وسائل الوقاية والعلاج. لكن قبل هذا وذاك لابد من مناشدة الجانب الإنساني للطبيب وللكادر الصحي.

عرض مقالات: