اخر الاخبار

في بلادنا يستمر الجدل حول أولوية التوجه للقطاع العام ام للقطاع الخاص؟ ونظرا للتخبط الواضح في النهج الاقتصادي الذي سارت عليه الدولة بعد عام 2003 حيث جلب الحاكم الاداري الامريكي اجندات جاهزة، مستنسخة عن الفكر الاقتصادي اللبرالي وتجارب البلدان الرأسمالية المتطورة، فأصدر تبعا لذلك قرارات خاصة بحرية التجارة وحركة رأس المال، ما قاد الى هروب الاموال العراقية الى الخارج والانفتاح على المنتجات الاجنبية، وبالتالي توقف عجلة الانتاج ومن ثم توقف المشاريع في القطاعين العام والخاص.

وهذا التخبط الذي علق بالسياسات الاقتصادية الحكومية انعكس وفي ظل هذه الاجواء على تحول عملية الاستثمار الى تجربة فاشلة بامتياز، تعاني من الاغتراب وعدم الوضوح، وفي هذه القتامة عجزت الدولة عن ان تكون بديلا ولو جزئيا في هذه العملية، فلم تزد نسبة التخصيصات الاستثمارية في الموازنات السنوية عن 25 في المائة من مجموع النفقات المحددة في الموازنات السنوية. وعلى سبيل المثال، في موازنة 2019 فان جزءا من التخصيصات الاستثمارية تعتمد على0،15 في المائة على القروض الداخلية والخارجية. زد على ذلك انه في عام 2014 كانت مساهمة قطاع النقل والاتصالات 1،7 في المائة في الناتج المحلي الاجمالي فيما كانت مساهمة قطاع المباني والخدمات 5،7 في المائة، اما التربية والتعليم فكانت مساهمتها 0،69 في المائة، فيما بلغت نسبة تدفقات الاستثمار الاجنبي الى العراق 2،2 في المائة من اجمالي استثمارات غرب اسيا، مقارنة بـ50 في المائة مساهمات للسعودية برغم تشابه المناخ الاقتصادي بين الدولتين .

ان وجود قطاع حكومي امر في غاية الاهمية، لأنه يمتلك تاريخا طويلا وخاصة في القطاعات الاستراتيجية، فخلال عقدي الستينات والسبعينات كان قطاعا مربحا ومصدرا اساسيا من مصادر تمويل الخزينة العامة. كما انه امتلك خلال هذه الفترة  خبرات غنية لا يمكن الاستغناء عنها، ولكنه انتكس خلال فترات الحروب وتعرضه للنهب بعد الفلتان الامني بُعيد عام 2003.

كما أن القطاع الخاص هو الاخر يمكن ان يكون قاطرة للنمو والاستقرار الاقتصادي الى جانب القطاع العام، اذا ما تمت معالجة المشاكل التي تواجهه والتي تتمظهر في عدم وفرة القدرات المالية التي تؤهله لإنشاء مشاريع اقتصادية قادرة على الاسهام في قطاع الانتاج والتعقيدات الادارية والتشريعية التي تعرقل توفير القروض الاستثمارية طويلة الامد والاستيراد المنفلت، الذي يشكل منافسة قوية للإنتاج الوطني للقطاعين العام والخاص، في ظل ارتباك تنفيذ التشريعات الحمائية التي سنّتها الدولة، بالإضافة الى غياب البرامج المتقدمة للتدريب والتأهيل التي تساعد في تمكين قوة العمل الماهرة من تغذية القطاع الخاص.

اننا نعتقد انه بدلا من التنظير وتسطيح المفاهيم الملتبسة بشأن الخصخصة والانتقال التدريجي السلس من القطاع العام، واقصائه من ميدان الانتاج  الى القطاع الخاص بدون التمييز المفاهيمي بين اقتصاد السوق والاقتصاد الحر، والتي يطرحها اقتصاديون وبرلمانيون ومسؤولون حكوميون في وسائل الاعلام وكأنها قدر محتوم   دون وجود الارضية المناسبة لتطبيقها. ولكل ما تقدم نقترح الاتي:

  • العمل على ايجاد سوق تنافسي بين القطاعين العام والخاص، بعيدا عن الاحتكار عبر سن القوانين والتشريعات التي تؤطر العلاقة بين القطاعين.
  • من الضروري ان يكون ارتفاع اسعار النفط حاليا منطلقا لإعادة رسم سياسة رشيدة، اساسها تنويع القاعدة الاقتصادية من خلال تفعيل القطاعين العام والخاص.
  • كخطوة اساسية، العمل على مختلف الهيئات الاستشارية الحكومية وهيئة الاستثمار والوزارات ذات العلاقة، لجذب الرساميل العراقية المغتربة، لما يتمتع به المستثمرون العراقيون في الخارج من خبرات ورؤى لتحريك الاقتصاد العراقي وكذلك جذب المستثمرين الاجانب، مع ما لديهم من رؤوس اموال وخبرات وتكنولوجيا متقدمة في مشاريع منتجة، لا تكون بديلا عن المشاريع الاقتصادية القائمة في القطاعين الحكومي والخاص.

من خلال معالجة الضعف المؤسسي في ادارة العملية الاستثمارية عبر اسناد المهمة الى اصحاب الخبرة والكفاءة المعروفين بقدرتهم في ادارة قطاع الاستثمار، واعتماد النافذة الواحدة.

عرض مقالات: