اخر الاخبار

يقول المثل القديم: "ثلاث يَجْلُبْنَ البَصَر او (يُذهبن عن القلب الحزن): النظر إلى الخضرة، والماء، والوجه الحَسَن". لكن ماذا أبقى العمران الحديث من تلك العناصر؟!

لقد تحولت حدائقنا إلى أبراجٍ أسمنتية، وتوارت وجوهنا خلف جدران العجلة والقلق. أين اختفت بهجة الحياة، ومن يفتح لنا باب الراحة؟!

الجزء الأول: ثالوث السعادة المفقود

  • الخضرة: رئة المدينة وروحها

ليست الأشجار مجرد ديكور، بل هي فضاءاتٌ تتنفس بها المدن، وتُشفى بها النفوس. الدراسات تؤكد أن النظر إلى اللون الأخضر يخفض التوتر ويحسّن الإنتاجية. فما الذي ستولّده فينا مدينةٌ بلا حدائق غير الإرهاق؟! 

  • الماء: مرآة السماء على الأرض

البحيرات والنوافير لم تكن أماكن للتنزه فقط، بل كانت تُذكّر الإنسان بالهدوء والاتزان. اليوم، اختفت مساحات الماء تحت البنايات، واستُبدل الخرير بضجيج السيارات. 

  • الوجه الحسن: جمالٌ يُغذّي الروح

لم يكن "الوجه الحسن" مجرد جمالٍ مادي، بل هو ابتسامةُ طفلٍ في ملعب، أو لقاءُ الأصدقاء في المقهى. اليوم، حوّلتنا الشاشات إلى وجوهٍ بلا تعابير، وأصبح الجمال أسير الجدران.

الجزء الثاني: حين يسرق "الغول" فرح المدينة

  • التحول العمراني: انتصار الأسمنت على الإنسان

لم تكن المشكلة في البناء نفسه، بل في اختزال المدن بأرقامٍ اقتصادية. كل حديقة تختفي تُستبدل بمركز تجاري، وكل مبنى يرتفع يحجب ضوء الشمس عن وجوه المارة. 

  • العواقب: مجتمعاتٌ منهكة

ارتفاع معدلات الاكتئاب، وانخفاض التفاعل الاجتماعي، وتشوّه الهوية الجمالية للمدينة.. كلها نتائج لسيطرة "الغول" الذي يرى الإنسان رقمًا، وليس روحًا تحتاج للجمال.

الجزء الثالث: هل نستعيد مفاتيح السعادة؟

  • نماذج مُلهمة:

مدن مثل سنغافورة التي حوّلت نفسها إلى "مدينة حدائق"، أو كوبنهاغن التي خصصت 40 في المائة من مساحتها للساحات العامة. التخطيط الحضري ليس عدوًّا للجمال، إن أُحسن تنفيذه.

  • حلول مقترحة:

- تشريعات تفرض نسبةً من المساحات الخضراء في كل مشروع. 

- إعادة تصميم الأحياء القديمة لتحوي أماكن للمشي واللقاء. 

- دعم الفنون العامة (جداريات، تماثيل) لتعويض غياب الطبيعة. 

  • الدور الفردي:

السعادة ليست مسؤولية الحكومة وحدها. زرع وردة في شرفة المنزل، أو تنظيم حملات لتنظيف الأنهار، خطوات صغيرة تُعيد للأماكن وجهها الحسن.

أين باب الراحة؟ 

ربما يكون الباب أمامنا، لكننا نحتاج أن نقرعهُ بقوة. الباب قرارٌ جماعي بأن نرفض أن تكون مدننا سجونًا رمادية، وأن نصرّ على استرداد حقوقنا في الخضرة، والماء، والجمال. وكما قال الشاعر: "لا تبيعوا الأرض، فربّ سنبلةٍ خضراء تُعيد للقلب ألفَ ابتسامة". 

عرض مقالات: