اخر الاخبار

يعاني العراق اليوم من حجم كبير من الديون الداخلية والخارجية ومن مخاطر تزايدها بسبب تكاليف خدمتها والتكاليف الباهظة التي يتكبدها الاقتصاد من جرائها خاصة في ظل استمرار مشاكله البنيوية عبر مزيد من الاختلال وتدهور قاعدته التحتية والإهمال الذي أصابه طيلة الفترة الماضية من قبل الحكومات نتيجة التخبط في سياساتها الاقتصادية وسوء إدارتها.

  ومن اللافت في أمر هذه القروض التعارض الواضح في مواقف الأطراف الحكومية المتخصصة في الشؤون المالية للبلاد، فاللجنة المالية البرلمانية قد أفادت في تشرين الثاني من عام 2020 بأن الديون الداخلية والخارجية وصلت إلى 160 مليار دولار وأن فوائدها في موازنة 2021 بلغت 15 مليار دولار مما يعني أن مخاطر هذه الديون في تزايد مضطرد مما تؤدي إلى الحاق الضرر باستقلال البلد الاقتصادي، وبالرغم من ذلك يصر السيد وزير المالية على التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض قيمته 3 أو 4 مليار دولار، ولا نعرف لحد الآن الغاية من هذا القرض هل لسد العجز التخميني  في الموازنة العامة لهذا العام أم لأغراض اخرى.

  في مقابل ذلك يصرح مستشار رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية في تموز الماضي بأن الموازنة لا تحتاج إلى الاقتراض في السنة المالية الحالية لكون ايرادات النفط أمست تفوق ما كان مخططا له، مع العلم أن سعر البرميل وصل إلى 76 دولار وأن السعر المخطط له 45 دولار فلماذا إذن هذا الإصرار على الاقتراض الخارجي؟

  إن مخاطر هذه الديون على خزينة الدولة وامتدادها على الاقتصاد الوطني تتجلى في العديد من الجوانب  لعل اخطرها اقترابها من الخطوط الحمر لبلوغها 55 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي هذا أولا، وثانيا خطر توظيفها في تغطية العجز في الموازنات السنوية  بسبب المبالغة في الانفاق الحكومي وتوجيهها  للأغراض الاستهلاكية التي ترتفع عاما بعد عام،  وكل هذه النفقات لا تؤدي إلى توسع في الطاقات الانتاجية وبالتالي لا تؤدي إلى  خلق فائض في الميزان التجاري عن طريق زيادة في الصادرات وتوفير العملة الصعبة التي تدخل في التنمية

الاقتصادية وخدمة أعباء الدين الخارجي مما يترتب عليها تقليص النفقات المتعلقة بحاجة المواطنين الضرورية في العيش والتعليم والصحة والعمل والخدمات اليومية الاخرى.

 وثالثا قد تضطر الدولة إلى عمليات خلق النقود عن طريق سعر الصرف لتفادي أزمتها الاقتصادية الناشئة عن سوء إدارتها للاقتصاد كما حصل في قرار البنك المركزي لخفض قيمة الدينار العراقي بهدف توسيع حجم الكتلة النقدية لسد العجز في رواتب الموظفين، وأنتج من جراء ذلك مزيدا من الضغط على المستوى المعيشي لذوي الدخل المحدود والشرائح الفقيرة وبالتالي اتساع ظاهرة الفقر التي تصل إلى 40 في المائة فضلا عن تعميق الازمة الاجتماعية وانعكاس ذلك على ديناميات الحراك الجماهيري المقاوم لهذه السياسات باتجاه التغيير.

  لكل ما تقدم ولمعالجة مخاطر هذه الديون ونتائجها الاقتصادية والاجتماعية نقترح ما يلي:

  1. انهاء ملف الديون الخليجية البالغ 41 مليار دولار التي قدمت للنظام السابق كمساعدات في فترة الحرب وتثبيت سلطة النظام ثم تحولت إلى قروض وهي في حقيقتها ديون بغيضة فهذا الملف قد يفتح في أي وقت للضغط على الحكومة تبعا لتوازنات المنطقة.
  2. إعادة النظر بقانون الإدارة المالية والدين العام ليكون منسجما مع الاوضاع المالية في العراق بالتنسيق الكامل مع البنك المركزي بما يصب في عملية التنمية الاقتصادية وايجاد مصادر تمويل جديدة عن طريق تنويع للقطاعات الاقتصادية المولدة للدخل.
  3. تفعيل التشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد الإداري والابتعاد عن سياسة المناورة والمجاملات السياسية للتستر على كبار الفاسدين وصولا إلى إعادة الأموال المهربة والاستفادة من دور الشركات العالمية المكلفة بتدقيق القروض الداخلية والخارجية وتقديم بيانات حقيقية تفيد في الاستعانة بالمجتمع الدولي.
  4. توجيه القروض التي جرى الاتفاق عليها سابقا إلى الاستثمار المباشر في تنفيذ المشاريع المتوقفة.
عرض مقالات: