تشكو الطبقات الفقيرة في بلدنا من سوء الخدمات الطبية وضعف الرعاية الصحية في المستشفيات والمستوصفات الحكومية. والأمثلة على ذلك كثيرة، منها عند مراجعة المواطن إحدى المستشفيات يلاحظ زحاما كثيفا للمراجعين، نساء ورجالا بمختلف الأعمار، ويشاهد ملامح التذمر والاستياء والبؤس بائنة على وجوه غالبيتهم. فبينما يعانون آلام المرض، يواجهون تأخيرا في الدخول إلى الطبيب بسبب الزحام الكثيف، وإن دخلوا لن يجدوا فحصا جيدا وتشخيصا دقيقا للمرض نظرا لكثرة أعدادهم. كما يواجهون شحا في الأدوية، ما يضطرهم إلى التوجه للعيادات والصيدليات الخاصة، وبالتالي يتحملون مبالغ باهظة لا يقوى على تأمينها الفقراء وذوو الدخل المحدود، وهم في الحقيقة أكثر مراجعي المؤسسات الصحية الحكومية.
وعندما يتطلب من المريض الخضوع لعملية جراحية في إحدى المستشفيات الحكومية، يتم تخييره بين الجناح العام أو الخاص. وعندما يختار الأخير يتطلب منه دفع مبلغ لا يقل عن 500 ألف دينار لإدارة المستشفى، عدا مبالغ شراء الأدوية والمستلزمات الطبية التي غالبا لن تكون متوفرة في صيدلية المستشفى، وهذا يثقل كاهل الطبقات الفقيرة.
أما إذا تطلب من المريض أخذ أشعة الرنين أو المفراس الحلزوني في مستشفى حكومي، فعليه الانتظار نحو 30 يوما حتى يأتي دوره، نظرا لكثرة أعداد المراجعين مقابل قلة أعداد الأجهزة. لذلك يضطر المريض، خصوصا من ذوي الحالات الحرجة، إلى التوجه للعيادات الخاصة، وإجراء تلك الفحوصات مقابل مبالغ باهظة جدا.
هنا يتساءل المواطنون: هل الدولة عاجزة عن توفير اجهزة حديثة لفحص المرضى؟ أين تذهب الأموال الضخمة التي تُخصص للقطاع الصحي من الموازنة العامة؟ اين تذهب رسوم التذاكر التي يدفعها المواطن عند دخوله إلى المستشفى، والتي تصل إلى 3 آلاف دينار للمريض الواحد؟!
يعلم الجميع أن أغلب مراجعي المستشفيات الحكومية هم من الشرائح الفقيرة وذات الدخل المحدود، التي ليس باستطاعتها مراجعة العيادات الخاصة، كونها تستنزف من المريض مبالغ خيالية، بدءا من المعاينة والأشعة والتحاليل والسونار وانتهاء بشراء الدواء، حتى يخرج المريض فارغ الجيب، وهذا ما لا يستطيع الفقير تحمله!
متى تلتفت حكومتنا إلى معاناة الناس جراء سوء الخدمات الصحية وشح الأدوية في المستشفيات الحكومية؟ أليست الرعاية الصحية من الحقوق الأساسية للمواطن، والتي تقع في صلب مسؤولية الدولة، ويجب توفيرها لعموم أبناء البلد من دون تمييز؟!
يكون الإنسان سعيدا ومطمئنا عندما يراجع إحدى المؤسسات الصحية ويجد النظافة والعناية والاهتمام من الكوادر الطبية والطبيب المعالج. فهذا ينعكس على نفسية المريض وراحته ويعد عاملا أساسيا لتماثله للشفاء.