اخر الاخبار

وطن لطيور الماء، توصيف إخباري، ليس من اجتراحي، وإنما  هو عنوان مجموعة شعرية بالفصحى للشاعر العراقي المبدع علي جعفر العلّاق. والعلاق ذو منجز كبير، شعريّاً ونقدياً، ولهُ في ذلك أعمال كثيرة قبل وبعد (وطن لطيور الماء) من بينها: (لا شيءَ يحدث لا أحدَ يجيء، فاكهة الماضي، شجر العائلة، أيام آدم، سيد الوحشتين، نداء البدايات ،المملكة الغجريَّة، حداثة النص الشعري). والشاعر على تماس مع توهجات الشعر الشعبي العراقي الحديث، انتباهاً وتفاعلا وتطويعاً  . كما أنه كتب الشعر الشعبي في بدايات تفاعله الشعري  . ففي مجموعته المُشار إليها يوّظّف بعض التوهجات  الشعبية في العديد من قصائده بتطويع فني غير خفي. في قصيدة (مرثية الأخطاء المتكررة) التي يُهديها الى الشاعر عريان السيد خلف

يقول:

مثلما تهجرُ الحنطةُ الساحليةُ، ها انني مهملٌ.

والإحالة هنا واضحة الى بيت الدارمي:

بين الجرف والماي حنطه ازرعوني

لا كَالوا الله وياك لا ودّعوني.

 والشاعر في هامشه يُشير الى هذا التطويع الشعري قائلاً: «ثمة أغنية عراقية، تتحدث عن العاشق الذي يُترك مثلما الحنطة وحيداً بين الجرف والماء، هذه الأغنية كانت مدخلاً الى المقطع الثاني من القصيدة».

وفي قصيدة (سيدتي الصغيرة) يقول:

 اتريدينَ أنْ تهبطي بقعة

 ليس يسقط فيها الندى؟

إنَّ أرضَ السماوةِ

مفتوحة ً للحنين المرفّهِ والخطرِ العذبِ.

 ويتكرر مثل هذا المعنى في مقاطع القصيدة والاستعارة واضحة من الشعر الشعبي:

اخذني إو طير بيّه للسماوه،

 إو ذبني ابكَاع ما بيهه نداوه

هلي والناس صارولي عداوة،

 بس الوالدة الحنّت عليّة.

والشاعر يوضح في هامشه: بنى الشاعر هذه القصيدة على أغنية قديمة، تطلب فيها المرأة من حبيبها، أنْ يأخذها الى السماوة، ويهبط بها على أرضٍ لا نداوة

فيها.

وفي قصيدة (الثريا كتاب) يقول الشاعر:

 أمسِ غرّبتِ الريحُ،

والغيمُ لملمَ أطرافه، أيكم رأى مَن أحِبُّ؟

 والإشارة هنا واضحة الى بيت الشعر الشعبي الذي أصبحَ من ضمن كوبليه لأغنية عراقية قديمة:

هب الهوه إمن الغربي

والغيم لم اطرافه،

وآنه امضيّع وليفي،

انشد عله مِن شافه.

ويوضح الشاعر في هامشه: «تستفيد القصيدة، في مقطع ما، من إحدى الأغاني القديمة تتحدث عن الريح التي تهب من الغرب، والغيم الذي لملمَ أطرافه والحبيبة التي تُحلّف الناس: إنْ كان أحدٌ قد رأى مَن تحب.

في (وطنٌ لطيورِ الماء) يمنحنا الشاعر المبدع علي جعفر العلاق تماساً شفيفاً مع جماليات الشعر الشعبي العراقي من دون إخفاء ليكون النسغ اللذيذ المُضاف ، وبذلك يُؤكد لنا، أنَّ الشعر َ طيّعٌ في اللغة واللهجة على السواء ...

عرض مقالات: