اخر الاخبار

برقة فراشة وبقلب رجل وشهامة عشيرة ونبل أكارم ، تبذل أقصى جهدها لإضاءة ولو بصيص شمعة في دهاليز عتمة دروبنا.. مناضلة من طراز خاص بل نادر جدا، تؤمن بأن تحقيق العدالة للعالم ليس وهما، وإن احترفنا خيبات الانتظار ومرت مياه كثيرة من تحت جسورنا.

جمعتني وإياها مطبعة الرواد قبل نحو خمسين عاما ، عملتُ مع رفيق دربها المناضل الشهيد (هادي - أبو فرات ) بتسيير شؤون المطبعة وتنفيذ ماكيتات تصميم صحيفة “طريق الشعب” .. افترقنا متوزعين على جهات الأرض الأربع، بعد الهجمة الشرسة على حزبنا نهاية السبعينات ، ثم التقينا أخيرا في السليمانية عند استضافتنا من قبل كونفرنس رابطة المرأة العراقية – فرع بريطانيا.

فوجئت وأنا المتيقنة من إقامتها في أحدى دول المنفى منذ زمن ، بتعريفي بمكان سكنها الحالي في منطقة البتاوين، وقبلها في منطقة الفضل الشعبية!

وقبل شرح التفصيلات، لابد من الإشارة الى ما تعرضت له عند مداهمة الشرطة لمنطقة البتاوين أثناء حملة البحث الأخيرة عن الخارجين والخارجات عن القانون.. حين طرقوا بابها فوجئوا بوجودها هناك ، طبعا هي معروفة من قبلهم، لحضورها ووجودها سابقا في أكبر خيمة لثوار تشرين في ساحة التحرير ، ثم لنشاطها في منظمة الحزب الشيوعي في منطقة الفضل، ولما تقدمه من خدمات مجانية للفقراء والمحتاجين ولعوائل المنطقة. لم يتوقعوا رؤيتها في البتاوين. سألها الضابط المسؤول ممازحا: هل سيصدق قادتك ببراءتك من مشاكل هذا المكان؟!

أجابت : ليس الجميع هنا مثل ما تتصورون. هنا يعيش أناس كادحون أيضال ومنهم مهجَّرون، ومكاني بينهم مكسب لي!

وهنا كما في منطقة الفضل، يسمون الرفيقة كوريا رياح القائدة العمالية (العمة أم فرات ). لم تتوان يوما في جمع مهجَّرات وحتى متسولات في المنطقة، وتقديم المساعدة والنصح لهن قدر الإمكان، إلى جانب جهودها الكبيرة في العمل على إعادة إحياء نقابة العمال وسط العمالة غير المنظمة وفق القانون، من عمال البناء والمجاري وغيرهم، وبين أصحاب البسطيات والفقراء الذين وجدوا فيها سمات الأم والعمّة الحنون، التي تستمع لمشاكلهم وتسعى لحلها بالتوسط لدى الجهات المعنية سواء في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، او مع البلدية ، أو مع الشرطة المجتمعية في حال تعلق الأمر بالمشاكل الأسرية.

المشكلة الرئيسة التي تواجه العمة أم فرات شأن غيرها من الناشطين في شؤون العمال، هي استمرار نفاذ القانون الصادر في عهد صدام، والذي حوّل العمال إلى موظفين وألغى النقابات العمالية. وذلك على الرغم من إبطاله في العام 2015 وإصدار القانون ذي الرقم 37 ونشره في الجريدة الرسمية، والذي أقرَّ العمل النقابي للعمال، ولكن في القطاع الخاص تحديدا وفقط..

الواقع النظري يبين الاعتراف بهذا القانون، لكنه وللأسف لا يطبق عمليا.

عرض مقالات: