لم تعد تظاهرات عوائل المحتجزين الإسرائيليين الوحيدة التي تنتظم في اغلب أيام الأسبوع، كما لم تبق في حدود طلب إعادة أبنائها المحتجزين بصوت أقرب الى استعطاف الحكومة. فقد توسعت القاعدة الشعبية للاحتجاجات لتشمل قطاعات متعددة من الإسرائيليين، ولم يعد جهدها ينحصر في مجرد حثّ الحكومة على تسريع التفاوض مع الفلسطينيين، وانما تعمقت المطالب وغدت سياسية الطابع، وفي مقدمتها مطلب استقالة حكومة نتنياهو واجراء انتخابات مبكرة، ما يدل على انحدار الثقة بهذه الحكومة التي وصلت الى ادنى مستوياتها، خاصة بعد فشل الحرب الفاشية على غزة والتي امتدت الى خمسة اشهر حتى اليوم، واقترفت خلالها جرائم إبادة جماعية ولم تسلم حتى المستشفيات من وحشيتها المدمرة.
عند معاينة الاحتجاجات التي شهدتها المدن والشوارع الإسرائيلية هذا الأسبوع، يتشكل تصور كافٍ عن أبعاد الصراع السياسي - الاجتماعي ومستوى الازمة التي تعصف بالنظام السياسي في إسرائيل. فقد احتشد مئات الأشخاص في شارع مروري رئيسي في قيسارية بالقرب من مقر إقامة رئيس الوزراء نتنياهو، فيما تجمع كثير من المتظاهرين أمام مقر وزارة الدفاع “كيريا” في تل أبيب، وتظاهر إسرائيليون آخرون أمام سفارة الولايات المتحدة في تل أبيب مطالبين الرئيس الأميركي جو بايدن بالضغط على نتنياهو ليوافق على التوصل إلى صفقة تبادل للأسرى. وعند مدخل منطقة كيريا في شارع بيغن بتل أبيب نظمت تظاهرة أخرى، في حين انطلقت تظاهرة غيرها من مستوطنة رعيم في غلاف غزة متوجهةً الى القدس، في مسعى للمشاركة في التصعيد. ووصل المتظاهرون قبل يومين إلى بيت شيمش على بعد 30 كيلومترا عن القدس الغربية، ورافقت مسيرتهم أعمال احتجاج اغلقت شارع كابلان، بالإضافة إلى بعض المخارج المؤدية الى طريق أيالون السريع بهدف إغلاقه. كما تظاهر الآلاف في حيفا ورحوفوت ونس تسيونا وبئر السبع وكركور ونهلال وروشبينا وعدد من المواقع والبلدات الأخرى.
وفي جميع هذه الفعاليات حمّل المحتجون نتنياهو مسؤولية ما وصلت اليه الأوضاع، وعبروا عن ذلك بالشعارات والهتافات التي رددوها، كما رفعوا صوره على خلفية يدين ملطختين بالدماء، وتحت شعار «مُذنب»، الذي ظهر مع الصور والايادي الملطخة.
وتتزايد مؤشرات استمرار الاحتجاجات وتصاعدها، في مواجهة عدم استجابة الحكومة الفاشية الاستيطانية لمطالب المتظاهرين بأعدادهم المتعاظمة، إضافة الى فشلها في تحقيق أيٍّ من الاهداف التي أعلنت عنها. ومن الواضح انها في تخبطها ليس عندها ما تقدمه سوى الاستمرار في عدوانها الهمجي على قطاع غزة واجتياحاتها الدموية للضفة الغربية.