اخر الاخبار

تتجه البلدان المالكة للإرادة الحقيقية والطامحة إلى تنشيط متواتر لكل عوامل التنمية والتطور للبحث الجاد عن أفضل السبل نجاعة في توظيف الموارد البشرية وتعبئتها في عملية إعمار مستدامة في أجواء  من البناء السلمي للدولة والمجتمع  والاقتصاد المنتج والثقافة من خلال بناء استراتيجية تنموية خالية من كل أشكال التحدي في كل ما يحول دون تنمية حقيقية للموارد البشرية المتمثلة بالجهل والامية والانغماس في أيديولوجية الاساطير العدمية وتسليحها بالعلم والمعرفة وما أنجزته البشرية من العلوم والتقنيات الحديثة خير معين  كل ما كان متاحا،

إن البحث في الاستراتيجية والتخطيط للموارد البشرية يأخذ أهميته ليس فقط في إخضاعه للدراسات النظرية على أهميتها من خلال استعراض التجارب العالمية بصورة مجردة لما فيها من اختلاف في الظروف والبيئات، وإنما إخضاعها للاختبار الميداني خاصة في ظل المتغيرات الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية والاجتماعية، وكذلك تبرز أهمية هذا البحث في كيفية إدارة هذه الاستراتيجية مؤسسيا في مختلف قطاعات الإنتاج،  وحيث أن العراق يشكل جزءا من البلدان النامية  فإنه مدعو لبذل مزيد من الجهد والتخطيط والمال للاستثمار في مجال تنمية الموارد البشرية .

ومن الواضح لدى الاقتصاديين أن النظرية الاقتصادية الكلاسيكية قد اهتمت برأس المال واعتبرته الأكثر، في حين اعتبرت العمل الأكثر توافرا، غير أن الدراسات الحديثة أثبتت سذاجة هذا الرأي وأكدت على الترابط بين البيئة والانسان والإنتاج المادي، وبناء على هذا الفهم نتج مفهوم التنمية المستدامة، بحيث كان المعنى الاقتصادي للتنمية البشرية هو الزيادة في إنتاجية العمل وزيادة معدلات الانتاجية السنوي وليس زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا هو جوهر التناقض بين النظريتين.

وتشير الإحصاءات التي  ينشرها الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط  إلى أن عدد العاملين في القطاع الحكومي يزيد  عن  أربعة ملايين موظف من مختلف الاختصاصات،  ما يعني من جهة أن هذا القطاع كان الأوفر حظا في احتواء المعروض من العمل،  ولكن هذا الاندفاع للعمل في القطاع الحكومي لم يصاحبه توسع في القطاع الإنتاجي  من جهة أخرى، بل أن هذا الأخير لا  يتسم بالمرونة الكافية  فهو الأضعف في القطاعات الأخرى، وذلك لأن الأساس في توسع القطاع الإداري بهذا الكم الهائل تقف وراءه عوامل سياسية تستهدف  توسيع القاعدة الانتخابية للقوى المهيمنة، ولذلك تشير بعض الإحصاءات البرلمانية أن انتاجية الموظف لا تتطلب وقتا اكثر من 20 دقيقة، كما تشير الإحصاءات من الجهاز المذكور أن نسبة العمالة في الصناعة التحويلية تشكل 9 في المائة من الذكور  و11 في المائة من الإناث، غير أن نسبة البطالة حسب وزارة التخطيط تصل إلى اكثر من 16 في المائة،  وبعض المصادر تشير إلى أكثر من هذا الرقم بكثير ارتباطا بأوضاع الريف والمشاكل التي يعاني منها القطاع الزراعي، لا سيما أن الإحصاءات من نفس المصدر تشير إلى نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و45 عاما خارج دائرة التعليم والعمالة والتدريب تشكل 8.6 في المائة خارج العمالة و95.6 في المائة خارج التدريب في عام 2019. فهل ننتظر ما أعلنه المستشار المالي لرئيس الحكومة بان جملة من العناوين الكبيرة لها علاقة بالتوجهات الحكومية في المرحلة المقبلة لخصها بالمباشرة في تنفيذ استراتيجية الأمن الاجتماعي وهدم سور الصين العظيم بين الدولة والقطاع الخاص وإنشاء مجلس السوق ليكون بديلا عن اللجنة الاقتصادية لكننا لم نسمع سوى صوت الرحى بلا طحين.

إن أفضل توجه استثماري للموارد البشرية في نظرنا يتطلب من بين أمور عديدة ما يلي:

  • إيجاد سوق عمل راسخ ومستقر مع وفرة من العوامل الاقتصادية والتشريعية والتنظيمية ترتبط عضويا باستراتيجية اقتصادية متكاملة مشرعة برلمانيا وملزمة للسلطة التنفيذية، سوق يكون على درجة عالية من الانضباط كي تتحقق العمالة الكاملة ليس مقصورا على القطاع الخاص فقط وإنما يكون لقطاع لدولة دور فاعل.
  • التوسع في انشاء مراكز للتشغيل ووضع البرامج التدريبية وفقا لحاجة المشاريع الإنتاجية وتهيئة مستلزماتها وبما يتناسب مع حاجة القطاعات الإنتاجية على اختلافها.
عرض مقالات: