اخر الاخبار

تواجه الاقتصاد العراقي المتعب طائفة كبرى من التحديات التي حالت دون خروجه من عنق الزجاجة وهددت مستقبل العراق وأمنه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وأبرزها وأكثرها تأثيرا الفساد المالي والإداري وإشكالية الاقتصاد الريعي الماسكة بالاقتصاد والمانعة لتطوره، وضعف دالة الاستثمار المعوقة لعملية التنمية الاقتصادية عبر إضاعة فرص الاستثمار وتعثر فعالية قطاعات الإنتاج.

ومن بين أبرز هذه التحديات الفساد المالي والإداري الذي استعصى أو هكذا يبرر المسؤولون سبب استمرار هذه الظاهرة المدمرة التي بدأت بنطاق واسع في قمة الهرم الحكومي الذي يهيمن عليه رموز أحزاب السلطة، وبات إشكالية أساسية تهون أمامها كافة التحديات الأخرى، فعمليات الفساد التي تتمثل بموجة تلحقها موجة تمارس تأثيرها المباشر وغير المباشر على كافة منافذ الاقتصاد الوطني، فالتقارير الدولية المتابعة للشأن الاقتصادي العراقي تؤشر إلى تهريب ما بين 450 – 500 مليار دولار. وآخر صيحات الفساد عملية سرقة مليارين ونصف من التأمينات الضريبية التي تتزعمها شخصية مغمورة مدعومة بثلة من المسؤولين والذين ما زالوا يتمتعون بحرية الحركة والتنقل  وبكافة امتيازات الطبقة الارستقراطية، وزيادة على ذلك فان مؤشرات منظمة الشفافية الدولية  تشير إلى أن العراق  جاء بالمرتبة 162 من اصل 180 دولة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2019، وان الفساد السياسي يعد الفاعل الرئيسي للفساد في العراق،  ثم أن التقارير السنوية لهيئة النزاهة تشير إلى صدور 14 حكما بالإدانة بحق وزراء أو من بدرجتهم  فضلا عن 124 بدرجة مدير عام  أو من الدرجات الخاصة للفترة (2017 – 2019 )،  ولا يختلف عنهم برلمانيون  رغم انخفاض نسبة من أفصح عن ذممه المالية للسنوات المذكورة .

ومن التحديات الأخرى عجز الاقتصاد التخلص من إشكالية الريعية التي مازالت ملازمة له بقوة لا فكاك منها فالعوائد النفطية تشكل 95 في المائة من إيراد الموازنة السنوية،  وتوصف العلاقة بين هذه الإيرادات والإيرادات العامة في إطار ما يعرف بالأدبيات المالية الحديثة بحوض الاستحمام  كلما تعاظمت أسعارها التي تتأتى من إفرازات الصدمات الخارجية الموجبة فضلا عن انكشاف الاقتصاد العراقي على الخارج بنسبة تقارب 99 في المائة بسبب اعتماده على الاستيرادات وتعطل القاعدة الانتاجية الأمر الذي يجعل الأمن الغذائي  يشكل بنسبة 85 في المائة معتمدا على هذه الاستيرادات .

ويأتي ضعف دالة الاستثمار كتحد قاس  لعملية  التنمية، فالحديث عن الاستثمار لا يعني انكفاء الدولة عن دورها المباشر في الاستثمار،  ففي بلادنا  ولعوامل تاريخية ولطبيعة الاقتصاد المختل  يكون للدولة الدور الأكبر في عمليات الاستثمار المباشر بسبب ضعف إمكانيات القطاع الخاص وغياب العوامل الجاذبة للاستثمار الأجنبي، ولكون الدولة بما تتوافر لديها من الموارد المالية تعتبر الأكثر قدرة في ممارسة عمليات الاستثمار، وعلى العكس من ذلك فلدى الحكومات العراقية ميل للاستثمار الخاص  ولهذا أصدرت قانون الاستثمار وتعديلاته  بهدف تحسين بيئة الاستثمار. إن الهيئة الوطنية للاستثمار قد عرضت من خلال مؤتمر الكويت المنعقد في 14—15 شباط عام 2018 عشرة قطاعات استراتيجية للاستثمار تحتوي على 203 فرصة عمل انطلاقا من طبيعة البيئة الاستثمارية المتمثلة بالتنوع في طبيعة القطاعات والمشاريع التي تكون جاذبة ومغرية لرؤوس الأموال الأجنبية كالسياحة الدينية وقطاع العقارات والبنى التحتية المتهالكة والتي تتطلب إعادة إعمارها وقطاع السياحة وقطاعي الصناعة والزراعة، فما عدا مما بدا.

إن مواجهة هذه التحديات تتطلب مراجعة لفلسفة التخطيط عبر منظومة من التدابير، مقترحين الآتي:

  1. مراجعة التشريعات المتعلقة بالاستثمار المحلي والأجنبي والعمل على توفير البيئة الاستثمارية الجاذبة للمستثمرين ومراجعة اشتراطات التعاقدات مع المستثمرين من حيث توفير الطاقة الكهربائية والقاعدة التحتية للمشاريع بما فيها طرق المواصلات والأراضي الضرورية للاستثمار ومحاربة أساليب الابتزاز التي يمارسها البيروقراطيون الفاسدون من خلال العقود واشكال الضغوط الأخرى.
  2. من الممكن والمناسب العمل ومن خلال إجراء التعديلات على موازنة 2024 زيادة تخصيصات الموازنة الرأسمالية اعتمادا على الفوائض المالية المتحققة من الزيادات في أسعار النفط ومن الأموال المستردة سواء في الخارج أو الداخل عبر قرارات قضائية.
عرض مقالات: