اخر الاخبار

يواجه المنتج الوطني وخاصة الصناعة الوطنية وهي الأساس الذي تقوم عليه استراتيجية التنمية الاقتصادية، تحديات كبيرة، من قبل الكثير من الوزارات والجهات الحكومية التي لم تأبه بما يعانيه الاقتصاد الوطني، من تخلف شديد في مجال التنمية والعجز في الميزان التجاري والقبول بسياسة الاغراق التي تمارس على السوق العراقية وما خلفته من تراجع مريع في انتاج الشركات الحكومية والقطاع الخاص والقطاع المختلط   على خلفية مخرجات السياسة الحكومية التي وضعت مبادئها إدارة الاحتلال.

وفي هذه الأيام  واستنادا إلى تصريحات رئيس الحكومة  ووزير الصناعة  التي تبعث فينا  شيئا من التفاؤل خاصة عندما يتعلق الامر بتفعيل قانون حماية المنتجات الوطنية والتركيز على الصناعات الاستراتيجية الثقيلة مثل الحديد والصلب والأدوية والاسمدة والفوسفات والكبريت  مع عدم اهمال الصناعات التحويلية  والصناعات التفصيلية الأخرى، مع العلم أن بعض هذه الصناعات قد جرفها الاهمال مثل الأسمدة والبتروكيمياويات  والحديد والصلب  والصناعات العسكرية رغم أن بعضها قد عادت له الحياة  لكنها محدودة  وغير مؤثرة في الناتج المحلي الإجمالي،  فعلى سبيل المثال أن نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الانتاج المحلي الاجمالي قد بلغت 2 في المائة بالإضافة إلى انخفاض القيمة المضافة لتصل إلى قيم سالبة في بعض شركات القطاع العام فضلا عن توقف 30 في المائة من حجم الشركات العامة لغاية عام 2011 وفي 70 في المائة من شركات القطاع العام انخفضت معدلات الإنتاج  لتصل بين 30 --- 50 في المائة. ومع أن شيئا من الأمل تبعثه تصريحات رئيس الحكومة لكنها قد لا تكون كافية لإزالة الشك الذي ظل يشغل بال العراقيين بسبب استمرار ذات التحديات التي واجهت رؤساء الحكومات السابقة  والتي تتمثل بضعف الإرادة الحكومية الرسمية والمقاومة الشرسة من الجهاز البيروقراطي الحكومي وانشطة الفساد التي تعايشت مع المشاريع الحكومية، ولنفترض أنهم على دراية كاملة بروائح الفساد التي انتشرت في هذه الأيام  خصوصا، والتي تشير إلى أنها كانت السبب في عمليات تهريب إجرامية للعملة الوطنية بصفقات مشبوهة خلال الفترة بين  2006 و 2014، حيث  دخل خلالها إلى الخزينة 551 مليار دولار من تصدير النفط،  تقف وراءها جهات سياسية نافذة تسببت في تهريب 312 مليار دولار تحت عناوين حوالات تجارية وشراء معدات بالرغم من أن قيمة الاستيرادات خلال نفس الفترة كانت 110 مليار دولار . وقبل هذا وذاك قلة نسبة التخصيصات الحكومية الاستثمارية المحددة في موازنات الحكومية والتي لا تزال تقل 25 في المائة من إجمالي الانفاق العام، زد على ذلك عدم التوافق بين الوزارات العراقية على أهمية الاستفادة من المنتج الوطني بحجة ضعف تقنية المنتج الوطني.   لقد أصدرت الحكومة العراقية أكثر من مرة قرارات تلزم الوزارات العراقية بتغطية احتياجاتها من المنتجات الوطنية التي تنتجها الشركات العراقية أو القطاع المختلط وآخرها قرار مجلس الوزراء المتخذ بجلسته بتاريخ 3/2/ 2015 والذي يقضي بإقرار توصية لجنة الشؤون الاقتصادية في الأمانة العام حول شراء المنتوج الوطني وتفعيل نشاط الصناعة الوطنية وزيادة مساهمتها في الانتاج المحلي الاجمالي.

  ولكي لا ننسى فان العراق كان معروفا بإنتاج مادة الاسمنت وهي من أجود الأنواع واشد قبولا في أسواق دول الخليج فقد أهملت معامله لدرجة أن الدولة لجات إلى تحويلها إلى مشاريع استثمارية وأدت في نهاية الأمر إلى تسريح العمال ولجات إلى استيراده من إيران، وحتى عام 2015 وصل حجم الاستيراد إلى 12 ملون طن سنويا وفي عام2018 تم التوقف عن الاستيراد والاكتفاء الذاتي من المنتج المحلي.

   من كل ما تقدم فان الارتقاء بالصناعات الاستراتيجية والصناعات التحويلية سواء الحكومة او المشتركة والخاصة لا يمكن ان يكتب لها النجاح ما لم تقترن بمتابعة يومية جادة من قبل الحكومة المركزية وان تفعل القوانين الحمائية مع ادخال لتكنولوجية المتقدمة وتطوير مهارات العاملين في الداخل والخارج وتحفيز المبادرات وتطوير الخبرات وتشريع القوانين الضامنة لحقوق العمال.

عرض مقالات: