اخر الاخبار

يُعد متحفنا العراقي رابع متحف على مستوى العالم من حيث محتواه الفكري والعلمي وما يضم من الكنوز المكتشفة في باطن الأرض .. وفي جريمة عام 2003 وما حدث في أربعة أيام سود فقط من نهب وتدمير للمتحف، مستهدفا الهوية والتراث ، فقدنا أكثر من 15 ألف قطعة أثرية من أرقى قطع المتحف وأهمها من المعرّفة دوليا، أي مسجلة المعلومات وتواريخ العثور عليها.. وبعد التعافي النسبي وبجهود مكثفة تمكنا من استرجاع نحو 17 ألف رُقم طيني من أميركا، بينما ما يزال “الأرشيف اليهودي” قيد التداول لاسترجاعه من الجهة نفسها. وفي العام 2022 أسترد العراق لوح “حلم كلكامش” الذي يعود تاريخه إلى 3500 عاما، وفي هذه السنة نجح فريق مستميت من خبراء المتحف العراقي من استرداد 6 آلاف قطعة أثرية من بريطانيا.

ومع كل ما أصاب آثارنا من كوارث ما زلنا نحوز على أكثر من مليون قطعة أثرية صالحة للعرض أمام الجمهور، بحسب الدكتورة لمى ياس الدوري المدير العام لدائرة الآثار ، التي أوضحت في محاضرة لها نظمها أخيرا، أن المديرية تسعى لفتح متاحف في ألـ 18 محافظة وعلى نفس طراز المتحف العراقي في بغداد، الذي أحتفل أخيرا بالذكرى المئوية لتأسيسه من قبل مس بيل البريطانية سنة 1923.

السؤال الذي حيَّرنا جميعا حول حقيقة تهشيم داعش للآثار في متحف الموصل ، وهل أن ما هشم كان نسخا جبسية فقط وبقيت الأصلية منها. أجابت عنه الدكتورة الدوري بأن أغلب قطع المتاحف المهمة تُصنع منها عادة نسخ جبسية، لكن يد داعش الإجرامية كسَّرت معظم النسخ الأصلية والمنسوخة في المتحف، وما عثر عليه بعد التحرير لم يكن سوى أكوام من الأحجار تصعب عملية إعادتها وترميها للأسف. وما زالت مديرية الآثار تعمل على إعادة تأهيل وترميم متحف الموصل لافتتاحه قريبا، فضلا عن إنشاء متاحف موقعية، أي في المناطق الأثرية نفسها دون الحاجة لنقلها، مثل تأهيل “متحف الحضر”.

ومع ذلك ما زالت بواطن أرضنا تضم كنوزا لم ينقب عنها، في ثمانية عشر ألف موقع أثري في كافة أنحاء العراق، وهي المعرضة للسرقة والنهب أيضا ، إذ تعجز مديرية الآثار عن توفير الحماية اللازمة لها، معتمدة على حماية عشائر المناطق المستوطنة فيها ولا غير!

طبعا جميع مناطقنا الأثرية تفتقد للتأهيل السياحي اللازم مثل زقورة عكركوف التي تغلق أيام الجمعة والسبت! وإن فتحت باقي أيام الأسبوع فهي عبارة عن أرض جرداء و” هيمة” تنعدم فيها أبسط متطلبات السياحة.

شخصيا كنت ضمن وفد صحفي ذهبنا لتغطية آثار أور أيام التسعينات رفقة حماية شرطة ذي قار، وعند وصولنا فوجئنا بكميات من المسامير الطينية ، المادة الأساسية لبناء الزقورة، متناثرة على الأرض بإمكان أي شخص الحصول عليها بيسر وسهولة، فضلا عن عدم توفر الماء النقي ولا أي مرفق سياحي، والأدهى من ذلك أصر أفراد بدو رحل خيموا قرب الزقورة على إكرامنا بذبح شاة وطبخها بماء المستنقع القريب، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ طعم وجبة الغداء، وبعدها نوعية الشاي الخابط المالح المخدَّر بالماء نفسه!

عرض مقالات: