اخر الاخبار

وسط تأكيدات حكومية بتوقع ارتفاع الاحتياطيات النقدية للعراق الى حوالي 90 مليار دولار مع نهاية العام الحالي، تبرز الحاجة الى انتهاج سياسة اقتصادية تؤدي الى تنمية حقيقية مستدامة ومعالجة مشاكل الاقتصاد  وفق رؤية واقعية، وعدم التباهي بزيادة الكتلة النقدية، لكونها جاءت نتيجة لزيادة أسعار النفط. ومن الممكن ان تنخفض مجددا في حال تراجع الأسعار عالميا.

زيادة الاحتياطيات

وتوقع وزير المالية علي عبد الامير علاوي، زيادة الاحتياطيات النقدية لدى البنك المركزي الى 90 مليار دولار في حلول نهاية العام الحالي.

وقال علاوي في حديث صحفي، إن “تخفيض قيمة الدينار العراقي أدى إلى الحفاظ على احتياطيات العملة الأجنبية لدى البنك المركزي بعد المستويات المنخفضة والحرجة التي وصلت اليها في أواخر عام 2020”، مبيناً أن “التعافي في أسعار النفط والإدارة المالية الحكيمة، ساعدا الاحتياطيات على أن تصبح 70 مليار دولار بحلول نيسان الماضي”.

وأضاف أنه “من المتوقع أن يؤدي التعافي المستمر لأسعار النفط إلى زيادة هذه الاحتياطيات إلى أكثر من 90 مليار دولار بحلول نهاية العام 2022 وهو مستوى قياسي للعراق”، لافتاً الى أن “انخفاض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي في كانون الأول 2020 أسهم في انخفاض الطلب على الدولار الأمريكي، في حين أن الطلب الحالي على الدولار أعلى من الانخفاضات التي شوهدت في العام 2020 إلا أنه أقل بكثير من الفترة التي سبقت العام 2020”.

تأكيد من البنك المركزي

من جانبه، أعلن البنك المركزي العراقي ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية إلى 74 مليار دولار، مشيراً إلى أن الوضع المالي في العراق “ممتاز جداً” مقارنة بدول الإقليم ودول الجوار.

وقال مدير عام دائرة الاستثمارات في البنك مازن صباح أحمد، إن “الاحتياطيات الأجنبية وفق أحدث تقرير للربع الأول لسنة 2022، بلغت 74 مليار دولار تتوزع جغرافياً بين 8 أو 9 دول رئيسة، وتتنوع بأشكال وأصول مختلفة بين الودائع والسندات الحكومية والذهب والأرصدة الجارية”.

وأشار إلى أن “هذا المستوى المرتفع نسبياً من الاحتياطيات الأجنبية يضع العراق في وضع مريح من ناحية مستوى كفاية الاحتياطات الأجنبية قياساً بحجم الاقتصاد وحجم الاستيرادات السنوية وكذلك قياساً بحجم الالتزامات المتعلقة بالمديونية الخارجية على المدى القصير”. ومضى أحمد إلى القول، “أبعث برسالة اطمئنان على مستوى الاحتياطيات الأجنبية في العراق خاصة بعد زيادة أسعار النفط وتلاشي تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي”.

وأضاف، أن “الوضع المالي الآن ممتاز جداً مقارنة بدول الإقليم ودول الجوار، ويجب استغلال هذه الفرصة باتجاه تحقيق الاستثمار الأمثل لهذه المكانة المالية والجدارة الائتمانية العالية للعراق مدفوعة بارتفاع أسعار النفط، كذلك يجب أن تُعزَز ببعض الإجراءات الحكومية التي تعزز من قدرة الاقتصاد العراقي”. وتابع، “كون زيادة العائدات النفطية التي تحققت بعد زيادة أسعار النفط هي ملكية الحكومة أو وزارة المالية وليست بملكية البنك المركزي، وبالتالي ليس هناك من إجراء يقع على عاتق البنك المركزي نتيجة هذه الزيادات، وبالتالي فإن الإجراء المطلوب هو من الحكومة ووزارة المالية باتجاه الاستثمار الأمثل لهذه العوائد المتزايدة”.

عملية توازن

من جهته، دعا المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء، مظهر محمد صالح، الى ايجاد “عملية توازن بين مستوى التمويل وخطوات التنمية ووسائل الانتاج”، مبينا ان “الاستيرادات الاستهلاكية ينبغي تقنينها على اعتبار أنها لا تقدم شيئاً للتنمية ونتمنى أن يتم التوجه لدى القطاع الخاص تجاه الاستيراد الإنتاجي”.

واكد في حديث صحفي أن “ما نحتاجه هو سياسات خاصة تسهم في توجيه القطاع الخاص للاستيراد الانتاجي”، موضحا ان “السياسات المالية والنقدية في العراق هي سياسات متقدمة ولا نتوقع وجودها لدى العديد من دول العالم، لكنها بحاجة الى تحريك وتنظيم وتوجيه وان يتم توحيد الجهود وخصوصا السياسية لدعم السياسات النقدية والمالية في سبيل تطوير ودعم عجلة التنمية في البلد، بدل وضع المعرقلات التي من الممكن أن تسبب الضرر بدل المنفعة لاقتصاد العراق”.

الحل في موازنة مدروسة

وحول الفائدة المنتظرة لهذا الإيرادات الوفيرة، اكد الخبير الاقتصادي احمد محمد ان “الحديث عن نمو الاقتصاد المحلي هو حديث غير علمي، فالزيادة الحالية ناتجة عن ارتفاع أسعار النفط”، مشيرا الى ان “العراق اذا ما استمر في انتهاج سياسته الاقتصادية الحالية فأن المشاكل سوف تتفاقم وحينها لن يكون بمقدور احد مواجهتها”.

وأشار محمد في حديث لـ”طريق الشعب”، الى ان “الصراع السياسي وتأخر تشكيل الحكومة وعدم إقرار او مناقشة قانون الموازنة العامة للعام الحالي حتى الان، هو مؤشر سلبي حول عدم امكانية الاستفادة من هذه الأموال”، مشددا على “ضرورة الإسراع في إيجاد حل للمشاكل السياسية من اجل إقرار الموازنة العامة التي تسهم في تحريك الاقتصاد المحلي”.

وأضاف ان “السياسة الاقتصادية لحكومة تصريف الاعمال حملت المواطنين أعباء الازمة الاقتصادية اثناء هبوط أسعار النفط، ولابد لها من معالجة اثار سياستها التي اضرت بشرائح اجتماعية واسعة”، مبينا ان “الحل هو بإقرار موازنة مدروسة تولي الاهتمام لتنشيط الاقتصاد المحلي والدفع باتجاه إيجاد فرص عمل للعاطلين من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة واخضاعها لشروط الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، من اجل ضمان نجاح هذه المشاريع”.

الفائدة مشروطة

بدوره، بيّن الخبير الاقتصادي احمد خضير ان “لا فائدة تُنتظر من الوفرة المالية دون اعتماد سياسة اقتصادية واقعية، تسهم في الحد من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والتضخم”، منوها الى ان “نظرة القائمين على الاقتصاد المحلي لا تتعدى ما حولهم، وهم مقتنعون ببقاء العراق رهينا لتقلبات أسعار النفط”.

وأضاف لـ”طريق الشعب”، ان “ما يهم المواطن هو تحسين الأوضاع الاقتصادية واستقرار الأسعار وتحريك الاقتصادي المحلي لضمان توفير فرص العمل”، مؤكدا ان “جهات متنفذة تعمد الى عرقلة أي خطوة من شأنها تحريك الاقتصاد المحلي من خلال وضع العراقيل في طريق عملية التنمية الحقيقية”.

وتابع ان “العراق فشل في تحويل نمط الموازنات العامة من البنود الى الأداء والمشاريع، وهذا الامر يؤشر خللا كبيرا في المنظومة الاقتصادية”، مبينا ان “هذا الفشل يدعو بشكل جدي الى إعادة ترتيب الأولويات، وتقديم الأشياء الضرورية على الثانوية”.

وشدد خضير على “ضرورة الاستفادة من الفائض النقدي بانشاء صناديق سيادية تنموية تتولى عملية تحريك الاقتصاد المحلي من خلال انشاء المدن الصناعية الكبيرة، ودعم المشاريع المتوسطة”، مبينا ان “هذا الامر يحتاج الى تدخل حكومي مباشر، وإبعاد ايدي الفاسدين من اجل تقديم شيء ملموس للعراقيين”.