لا يزال العراق من بين اكثر الدول حرقا للغاز، في الوقت الذي يمكنه الاستفادة من هذه الموارد الطبيعية الهائلة في حال استخراجه لسد الاحتياجات المحلية في تشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، لكن الاعمال في هذا الاتجاه تحتاج لسنوات قادمة للاستفادة من هذه الثروات، والكف عن تلويث البيئة.
من بين 10 دول
وكشف تقرير صادر عن شركة أبحاث الطاقة وذكاء الأعمال “ريستاد إنرجي”، ان العراق من بين عشر دول يساهمون بـ70 في المائة من انبعاثات حرق الغاز في العالم.
وأشار التقرير الى ان “روسيا والعراق وإيران وفنزويلا ونيجيريا والولايات المتحدة والجزائر والمكسيك وليبيا والصين، ما زالت تمثل مجتمعة أكثر من 70 في المائة من انبعاثات حرق الغاز في قطاع الاستكشاف والإنتاج حول العالم”.
وأضاف التقرير انه “بالرغم من أن التطورات الإقليمية تظهر جهود العالم للحد من نشاط الحرق، مع السعي لخفض الانبعاثات، فإن قائمة المساهمين الرئيسين لم تشهد تغييرا”.
وبينّت الشركة ان “انبعاثات الكربون الناتجة عن حرق الغاز في قطاع الاستكشاف والإنتاج حول العالم بلغت 276 مليون طن في العام الماضي 2021، بانخفاض طفيف عن المستوى المسجّل خلال العام 2020، عند 283 مليون طن”، منوهة الى ان “نشاط الحرق يمثل 30 في المائة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، التي تطلقها صناعة النفط والغاز”.
وتوقعت الشركة “ارتفاع نشاط حرق الغاز في العام الحالي 2022، مع زيادة الطلب العالمي على الوقود الأحفوري، ووسط شح المعروض، نظرًا لتراجع الإمدادات الروسية جراء العملية العسكرية في أوكرانيا”.
مشاريع في انتظار التنفيذ
ويمتلك العراق احتياطيات كبيرة من الغاز المصاحب لانتاج النفط الخام والغاز الحر، تقدر بحوالي 137 ترليون قدم مكعب، اذ يأتي في المرتبة العاشرة عالميا، بالرغم من أن 80 في المائة من أراضيه لم تمسح بعد.
وأعلنت وزارة النفط خلال السنوات الماضية عن سعيها الى إيقاف حرق، من خلال الانضمام في العام 2017 الى مبادرة عالمية أطلقها البنك الدولي تهدف الى وقف حرق الغاز بحلول العام 2030.
وتعهد وزير النفط احسان عبد الجبار في كانون الأول الماضي بخفض حرق الغاز في نهاية 2024 من حقول جنوب البلاد بنسبة 90 في المائة، لكن الكميات المعالجة من الغاز المصاحب، لم ترتفع سوى 5 في المائة خلال العامين الماضيين، وفقا لوزارة النفط ذاتها.
وتطلق الحقول النفطية الخمسة في البصرة حوالي 65 في المائة من الغاز المحروق وفقا للبنك الدولي، حيث تعالج “شركة غاز البصرة” معظم الغاز المصاحب حاليا بمعدّل مليار مقمق، من ثلاثة حقول نفط في البصرة. وتسعى الى تطوير مشروع “البصرة للغاز الطبيعي” في حقل أرطاوي، من أجل “رفع قدرته على المعالجة إلى 1,4 مليار قدم مكعب قياسي في اليوم”.
كلفة المشاريع
وتصل كلفة المشروع إلى مليار ونصف المليار دولار، ويتضمن بناء محطتين للمعالجة “ستفعّل الأولى في أيار 2023، أما الثانية فمن المقرر تفعيلها في تشرين الثاني 2023”.
وأبرم العراق في أيلول الماضي عقدا مع شركة “توتال إينرجيز” يتضمن أربعة مشاريع “متكاملة، بين الغاز والطاقة الشمسية والكهرباء والنفط”، وفق ما أوضحت الشركة الفرنسية لفرانس برس.
وتبلغ قيمة العقد عشرة مليارات دولار، وأبرز بنوده معالجة الغاز المصاحب. ويفترض أن يتم تطويره على مرحلتين: الأولى تستثمر 300 مليون قدم مكعب قياسي، والثانية كمية مضاعفة، وفق وزارة النفط.
وأوضحت “توتال إينرجيز”، أن المشروع “يغطي بناء شبكة تجميع ووحدة معالجة للغاز الذي يحرق حالياً في ثلاثة حقول نفط”.
ويفترض “البدء بتشغيل هذا المصنع بحلول العام 2026”.
الإنتاج الحالي من الغاز
وبحسب الخبير الاقتصادي والأكاديمي في جامعة البصرة نبيل المرسومي، فان انتاج العراق الحالي من الغاز يبلغ 3000 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم (مقمق) وإنتاج الغاز الجاف 1317 مقمق يومياً، كما أن إنتاج الغاز السائل يساوي 5571 طناً يومياً، إضافة إلى أن الغاز المحروق 1628 مقمق يومياً.
وبين المرسومي أن “صادرات العراق من المكثفات عام 2021 وصلت إلى 139 ألف طن بقيمة 71 مليون دولار، كما أن صادرات العراق من الغاز السائل قدرت بـ456 ألف طن بقيمة 288 مليون دولار، وان احتياجات العراق الحالية من الغاز الطبيعي 3083 مقمق يومياً”.
وأضاف أن “حاجة العراق الحالية من الغاز المستورد تقدر بـ 40 مليون متر مكعب يومياً، أي 1766 مقمق يومياً، كما أن مشاريع الغاز الحالية: مشروع استثمار غاز الناصرية بطاقة 200 مقمق يومياً، ومشروع استثمار حقل الحلفاية بطاقة 300 مقمق يومياً، ومشروع حقل أرطاوي في شركة غاز البصرة بطاقة 400 مقمق يومياً، وكذلك مشروع حقل أرطاوي في شركة غاز الجنوب بطاقة 300 مقمق يومياً، عندما تنجز في غضون ثلاث إلى أربع سنوات، فانه من المؤمل أن يصل إنتاجها جميعاً إلى 1200 مقمق يومياً، ما سيؤدي إلى تحقيق نسبة 80 في المئة من الاكتفاء الذاتي من الغاز”.
وتابع “إذا ما نفذ مشروع شركة توتال الفرنسية فمن المؤمل استثمار 600 مقمق يومياً، مما سيؤدي إلى تلبية كل الاحتياجات المحلية من الغاز، وتوقف استيراده من الخارج”.
وأوضح “عندما يتم استثمار غاز المنصورية بطاقة 282 مقمق يومياً، واستثمار غاز عكاس بطاقة 388 مقمق يومياً، عندئذ سيكون هناك فائض للتصدير قدره 670 مقمق يومياً أو 19 مليون متر مكعب في اليوم. ويرتفع هذا الرقم عند استثمار حقلي خشن أحمر وأنجانا في ديالى، اللذين تمت إحالتهما إلى الاستثمار بموجب الجولة الخامسة، فضلاً عن إمكانية استثمار المزيد من الغاز المصاحب الذي يرتفع مع زيادة إنتاج العراق من النفط الخام”.