يعد قانون العمل الذي شرع في عام 2015، من افضل القوانين في المنطقة كون أن العامل فيه يتمتع بحقوقه الكاملة لكن تضاد بعض التشريعات المحلية مع الدولية كان احد معرقلات انفاذ القانون، فضلاً عن قلة اعداد العاملين في لجان التفتيش الحكومية وضعف وعي العمال.
وفر القانون مجموعة حقوق للعامل ومن اهمها الحد الادنى للأجور ومنع التمييز بين العمال في الاجور، وينظم ساعات العمل واوقات الدوام ويضع شروط على ساعات العمل الاضافية، لمنع استغلال العمال من قبل اصحاب العمل، وينظم القانون العمل بأوقات العطل الرسمية والاعياد والمناسبات.
ان القانون ضمن موضوع الاجازات الرئيسية للعمال ومنها اجازات الترفيه واستراحة نهاية الاسبوع ، بالاضافة الى الاجازات الاستثنائية، والاجازات التي تخص المرأة، وكلها مدفوعة الاجر.
القانون وفر حماية للعاملين الاحداث بين سن 15 و18 سنة ووضع لهم تنظيم قانوني خاص من ناحية العمل ونوعيته.
نظم القانون موضوع الصحة والسلامة والمهنية في مواقع العمل والزام اصحاب العمل في بتوفير معدات الوقاية الشخصية.
يتطلب شراكة اجتماعية
وقال الامين العام لاتحاد العام لنقابات عمال العراق، عدنان الصفار، أن “قانون العمل هو مكمل لقانون الضمان الاجتماعي، ولذا ان الخلل في عدم تطبيق قانون العمل يأتي نتيجة لعدم تطبيق قانون الضمان الاجتماعي”.
وأضاف الصفار لـ”طريق الشعب”، أن “اكثر قطاعين شهدا عدم تطبيق قانون العمل هما القطاع الخاص والمختلط، لان لجان التفتيش التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية وارباب العمل لا يساهمون في انفاذ هذا القانون”.
ورأى أن “تنفيذ القانون يتطلب شراكة اجتماعية بين صاحب العمل والعمال والحكومة” مبيناً أن “الاتحادات والنقابات العمالية هي ممثل العمال امام ارباب العمل والحكومة”.
ولفت إلى أن “العراق صادق في عام 2017، على قانون منظمة العفو الدولية رقم 87 لسنة 1948، والذي يؤكد على حق التعددية النقابية وحق العامل وأصحاب العمل بتشكيل نقاباتهم، دون تدخل السلطة”.
وذكر الصفار، أن “وزارة العمل ما زالت تطبق قوانين وتشريعات النظام السابق التي تؤكد على الاتحاد الواحد او النقابة الواحدة، وهذه احد أسباب عدم انفاذ القانون، رغم ان الدستور العراقي يعارض هذه القوانين”.
وبيّن أنن “القضاء العراقي والوزارة متمسكان في قانون العمل القديم، رقم 52 لسنة 198، والذي ما زال نافذاً، حيث يؤكد على ان هناك اتحاد واحد يمثل العمال، رغم صدور قوانين أخرى بعد التغيير”.
معرقلات
ومن جهته، قال المحامي المختص في الشؤون العمالية، مصطفى قصي، أن “القانون على ارض الواقع يصعب انفاذه لعدة اسباب، اهمها ضعف التنظيم النقابي حيث ان النقابات العمالية تسعى الى تطبيق القانون، أضافة إلى قلة الكوادر الموارد البشرية والدعم اللوجستي، لقسم تفتيش العمل في الوزارة”، مبيناً أن “عدد المفتشين لا يكفي لتغطية حجم المشاريع في المدن”.
وأضاف قصي، لـ”طريق الشعب”، أن “وعي العمال بالقانون ضعيف وهو اهم معرقلات تطبيق القانون”.
تحديات قانونية
وأكد أن “المحاكم تطبق القانون العمل في حال وصول شكوى من العمال او لجان التفتيش وفقاً للنصوص القانونية الموجودة، ومعظم القضايا في المحاكم تحسم لصالح العمال”، مشيراً إلى أن “محاكم العمل مؤسسة بموجب قانون العمل وفي كل منطقة استئنافية هناك محكمة للعمل، وفي كل محافظة يوجد محكمة عمل”.
وأِشار الى “وجود حاجة لدعم الجهاز القضائي في تبادل الخبرات والمهارات مع الاقران في الدول المتقدمة”.
ورأي قصي أن “بعد انضمام العراق الى اتفاقية منظمة العفو الدولية رقم 87 لسنة 1948، والتي تشمل مبادئ عامة، حدثت مشكلة تشريعية، كون ان مبادئ الاتفاقية لا تتفق مع التشريعات العراقية ما يفرض على الدولة المنظمة تكييف تشريعاتها الوطنية مع بنود الاتفاقية في حال وجود نصوص مخالفة”.
ولفت إلى أن “قانون التنظيم النقابي الموجود منذ النظام السابق يتعارض مع اتفاقية منظمة العفو، كون ان التنظيم النقابي كان يتمثل في اتحاد واحد”، مبيناً أن “لحل هذه الاشتباك تم كتابة مسودة قانون تنظيم نقابي للعمال والموظفين وأرسل الى مجلس الدولة للشورى عام 2018 لكنه ما زال معلقاً”.
غياب السياسات الاقتصادية
إلى ذلك، عد الكرار حسن عضو مركز المعلومة للبحث والتطوير، في حديث لـ”طريق الشعب”، قانون العمل واحداً من افضل القوانين في المنطقة.
ورأى حسن، أن “المعوقات التي تحول دون تطبيقه تعود لعدم وجود سياسة اقتصادية واضحة ولوجود قطاعات عمل غير منتظمة نتيجة فوضى الوضع الاقتصادي والسياسي في العراق”.
وأضاف أن “تدهور القطاع الخاص بالتزامن مع استنزاف واردات العراق على المصاريف التشغيلية مثل الرواتب والاعانات والمصاريف على حروب تحرير المناطق المحتلة من الجماعات الارهابية وتسديد الديون الخارجية واهمال دعم القطاع الصناعي في العراق واعتماده لما يقارب 85 في المائة، على الريوع النفطية، حيث لا يوفر الريع المردود لفئة كبيرة فالنمط الاقتصادي الحالي المتمثل بالورقة البيضاء يعد نظام اقتصادي نيو ليبرالي وهو نظام عاجز عن تقديم ضمانات حقيقة للعمال وغير قادر على تلبية الاحتياجات وتطبيق قانون العمل الحالي كما ان السياسة الاقتصادية الحالية تتسبب بتقاطع في التشريعات”. ومن المعوقات الاخرى التي تواجه القانون، بحسب حسن هو “قلة عدد مفتشي العمل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومحدودية صلاحياتهم تجاه المخالفين للقانون ومنتهكي حقوق العمل”. وذكر أن “مع تردي السياسة الاقتصادية البائسة وانحسار حجم الشركات والمصانع وعدم استقرار سوق العمل ادى الى اتساع حجم العمل غير المنتظم الذي لم يكفله القانون العراقي النافذ بشكل حقيقي”.