يطرح مسؤولون حكوميون جملة أسباب تتعثر مع بقائها عملية النهوض بالصناعة الوطنية، بل أن التدابير الحكومية التي رافقت تفشي فيروس كورونا وانخفاض أسعار النفط، كانت تشتغل بالضد من المنتج المحلي أيضا، ما جعله يمر بالعام الأكثر تراجعا، حيث وصلت نسب مساهمته في الناتج المحلي إلى اقل من 2 بالمئة.
6 منافذ غير شرعية
يقول الخبير المالي مصطفى حنتوش لـ”طريق الشعب”، إن “هيئة المنافذ الحدودية، لم تفعل شيئا تجاه حقيقة المنافذ غير الرسمية في إقليم كردستان”، ونقل مراسل “طريق الشعب” عن مصدر مطلع، ان العراق لديه منافذ حدودية غير رسمية على طول الشريط الحدودي مع الدول المجاورة له.
ويؤكد حنتوش قانون حماية المنتج المحلي ينشط في المنافذ الغربية والجنوبية، ويترقب تحركا من هيئة المنافذ الحدودية تجاه تلك الخروقات، بحسب قوله.
ويسترسل حنتوش، أن “المؤسسات المسؤولة عن تطبيق قانون حماية المنتج المحلي هي وزارتا الصناعة والتجارة وهيئة المنافذ الحدودية وبعض الوزارات التي لديها استيرادات خاصة مثل العلوم والتكنلوجيا والصحة وغيرهما”.
ولم تتمكن “طريق الشعب” من تأمين اتصال مع الجهات المعنية في وزارة الصناعة والمعادن، للتعليق على الموضوع، انما تجاهل المسؤولون فيها الاتصالات والرسائل المكررة للجريدة.
فيما يقول الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان، إن “كل دوائر الدولة تعاني من تردي القطاع الإنتاجي لديها، والأسباب متنوعة على رأسها غياب الحماية للمنتج المحلي”.
ويضيف انطوان لـ”طريق الشعب”، أن “نسبة مساهمة القطاع الصناعي المختلط في الناتج الإجمالي المحلي كانت تصل الى 19 في المائة، بينما لا تتجاوز نسبة انتاجه الان 2 في المائة، ولذلك شهدنا استيراد السلع الصناعية من الخارج بنسبة كبيرة وهي غير مطابقة للمواصفات والنوعية”.
ويشير الى أن “البضائع التي يجري استيرادها، عادة ما تتهرب من الرسوم الجمركية، الامر الذي يشكل منافسة غير متوازنة امام القطاع الصناعي المحلي”.
ويعتقد انطوان، ان القطاع الصناعي بحاجة الى دعم جدي “التسهيلات لم تكن بالمستوى المطلوب لعدم وجود تشريعات كافية لحماية المنتج المحلي والوطني، فضلاً عن غياب الدعم للقطاع الخاص”.
وينوه أن الكثير من المصانع طال معداتها الاندثار ما يتطلب تحديثها وتبديلها للنهوض بالقطاع الصناعي “وخلق جو من المنافسة مع البضائع المستوردة”.
ونتيجة لعدم حماية المنتج المحلي، تفاقمت نسب البطالة والفقر والجوع، طبقا لانطوان.
معاناة في وزارة الصناعة
ويقول مدير الدائرة الفنية في الوزارة ناصر إدريس مهدي المدني، في تصريحات صحفية، ان وزارته تعاني تضخما في الملاكات العاملة، بسبب توقف عمل أغلب المصانع الوطنية، الامر الذي “جعل العام 2021 هو الأسوأ في حماية المنتج الوطني” بحسب تقديره.
ويعول المدني على خطة وزارته “خطة قصيرة” التي شملت تأهيل 22 مصنعاً. كما هناك خطة متوسطة تتضمن تأهيل 20 مصنعاً “من المؤمل أن تنتهي خلال العام الحالي”.
وتمتلك الوزارة 286 مصنعاً أغلبها منجزة منذ ثمانينيات القرن الماضي وما قبلها، لكنها تعاني تقادم أبنيتها واندثار مكائنها، بل حتى المواد الاحتياطية التي تدخل في صيانتها توقف تصنيعها لدى دول المنشأ.
ولا يعتقد المدني أن هناك جدوى من عملية تأهيل المصانع القديمة، بسبب لجوء المستثمرين إلى إنشاء مصانع حديثة بخطوط إنتاجية عالية ومربحة.
أين الورقة البيضاء؟
ويتساءل الخبير الاقتصادي احمد خضير في حديث لـ”طريق الشعب”، عن دور الحكومة في حماية المنتج المحلي، “هذا ما وعدت به من خلال ورقتها البيضاء؟”.
ويقول خضير، إن ان المنتجات المحلية لا يمكنها منافسة البضائع المستوردة لاسباب معروفة منها “قلة الدعم الحكومي وعدم توفير المواد الاولية وغياب المستلزمات الضرورية للنهوض بهذا القطاع الحيوي”.
ويرى ان غياب الكهرباء يشكل عائقا امام نهوض الصناعة “الجميع يعلم ان توفير الكهرباء يتطلب مبالغ طائلة لا يستطيع ارباب العمل او المعامل تحمل تكلفتها الباهضة”.
ويخلص الى ان “العراق يشهد فوضى وسوء ادارة وتجاهل للامكانيات المتاحة، مع عدم وجود رغبة حقيقية بتطوير قطاعاته الانتاجية، نتيجة لعدم وجود ارادة وطنية حقيقية لتخليص الاقتصاد العراقي من التبعية”.