اخر الاخبار

عاد الحديث مؤخرا عن الاستعدادات الحكومية لإجراء التعداد السكاني في البلاد، بعد 34 عاما من إجراء آخر تعداد في عموم المحافظات، مع الاستثناء الذي حصل عام 1997 الذي لم يشمل إقليم كردستان في حينها. وتبرز أمام هذه الخطوة الهامة، تحديات عديدة تتعلق أبرزها بالصراع السياسي المحموم منذ 18 عاما، ومتعلقات مالية ولوجستية في ظل ظروف بالغة التعقيد. والى جانب ذلك، يقول مراقبون إن غياب الجدية في اتمام هذه العملية، يسبب تأجيلها، لأكثر من مرة.

 

محاولات عديدة فشلت

منذ إسقاط النظام الدكتاتوري وحتى اللحظة، جرت محاولات حكومية عديدة لإجراء الإحصاء السكاني العام، لكنها لم تتم وأجهضت لأسباب سياسية، فضلا عن وجود تعقيدات متشعبة كالمناطق المتنازع عليها وغير ذلك.

وأكد مجلس الوزراء، مؤخرا، تضمين موازنة العام المقبل 2022 مبالغ مالية لإتمام هذه العملية. فيما تحدثت أطراف حكومية عن التفاصيل التي يؤمل إجراؤها. 

وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، إن الوزارة “تحتاج إلى 130 مليار دينار لإنجاز المشروع. وعدا ذلك، فجميع الخطط جاهزة والهيئة العليا للتعداد ما زالت موجودة وقائمة ولا تحتاج سوى إلى تخصيص مبلغ للإحصاء للبدء بتجهيز الأدوات الفنية واللوجستية، لا سيما وأن المشروع سيختلف عن عمليات الإحصاءات السكانية السابقة والتي كانت تجرى ورقيا، أما في هذا التعداد فستكون الطريقة إلكترونية”.

ويوضح الهنداوي “أن عملية التمثيل الإلكتروني تتطلب توفير بيئة إلكترونية من أجل إظهار النتائج بأسرع وقت؛ فعلى سبيل المثال فإن تعداد عام 97 ولأنه ورقي ظهرت نتائجه بعد عامين أو أكثر، لذلك فقد قيمته التنموية”، مضيفا أن “الأمر بحاجة إلى شراء أجهزة لوحية تقدر بأكثر من 150 ألف جهاز، وتدريب 150 ألف عدّاد، وبناء مراكز بيانات وتوفير صور فضائية وجوية للوحدات الإدارية، وإلى إجراء عملية الترقيم والحصر والتجارب القبلية وعمليات الحزم وغيرها من التفاصيل، التي يجب أن تكون مستكملة ومجهزة بشكل تراتبي وصولاً إلى موعد العد. كل تلك العوامل حالت دون تمكننا من تنفيذ التعداد”، مبينا أنه “كان هناك أمل بالحصول على تخصيصات هذه السنة وانحسار الجائحة، لكن ذلك لم يتحقق، فضلا عن عدم تضمين التخصيصات المالية المطلوبة حتى في الموازنة الحالية، ولهذا يتعذر إجراء التعداد السكاني لهذه السنة”.

وفي وقت سابق، أكدت وزارة التخطيط أنها تستعد لإجراء مجموعة من التجارب الميدانية في ست محافظات هي بغداد، البصرة، أربيل، الأنبار، كربلاء، ودهوك، لغرض اختبار قدرات الوزارة الفنية والبشرية للوقوف على المشاكل وحلّها.

 

هل الأجواء السياسية مهيأة؟ 

وفي الشأن ذاته، بيّن المستشار الوطني لصندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، أن “الأجواء مهيأة سياسياً واقتصادياً لتنفيذ التعداد. الأمر بحاجة إلى اتخاذ القرار النهائي. ووزير التخطيط هو رئيس الهيئة العليا للتعداد وهو سيحدد الوقت المناسب لتنفيذ التعداد”.

وأوضح العلاق في تصريح صحافي، أن “الجهاز المركزي للإحصاء في العراق وهيئة إحصاء إقليم كردستان يجريان استعداداتهما لتنفيذ أوسع تعداد عام للسكان في العام 2022 كما هو متوقع، فيما ستوفر هذه العملية فرصة تاريخية للعراق لتأمين بيانات تفصيلية عن السكان والمساكن والمنشآت والحيازات الزراعية في فترة قياسية ربما لا تتجاوز شهرين على تنفيذ التعداد، خلافاً لما كان يحصل في التعدادات السابقة بسبب الأسلوب الورقي وأسلوب الإدخال التقليدي في الحاسبات الإلكترونية”.

 من جانبه، شدد الباحث في الشأن السياسي، أحمد التميمي، على أن “أبرز التحديات هي تلك التي تتعلق بالمناطق المتنازع عليها والتي الغي بسببها التعداد سابقا، وهذا مرتبط بالصراع السياسي وعدم التزام القوى السياسية بالدستور في ما يخص المادة 140”.

ويقول التميمي لـ”طريق الشعب”: هناك مناطق كثيرة في البلاد “تعرضت إلى تغيير ديموغرافي في فترة النظام السابق والفترة الحالية، لذلك لا بد من تطبيع الأوضاع وتهيئتها لضمان انسيابية العملية. وأن إجراء الإحصاء السكاني ضروري لتنظيم سكّان البلد، كما أن الأزمات السياسية التي توالت بين حكومتي المركز والإقليم كانت بسبب عدم الاتفاق على آلية التعداد وتطبيق المادة 140”. 

ويضيف أنّ “بعض مدن العراق تشعر بالغبن بشأن حصتها من ميزانية البلاد مثل المحافظات المنتجة للنفط في جنوب العراق، بالإضافة إلى شريط المناطق المتنازع عليها شمال البلاد، لذلك تأتي هذه الأمور ضمن مجموعة ضرورات كبيرة لإنهاء الجدل وإجراء الإحصاء، ومعرفة العدد الحقيقي للسكان وهذا الأمر له علاقة أيضا بالتنمية والجوانب الاقتصادية والاجتماعية؛ فمن غير المعقول أن يبقى العراق دون تعداد وهو يدخل في نصف العقد ما بعد الثالث من آخر تعداد تم تنفيذه”.

وبالعودة إلى الهنداوي بشأن الأسئلة التي يطرحها المواطنون حول استمارة الاحصاء والمعلومات التي فيها، أكد أنها ستتضمن خانات تطلب معرفة حالة الفرد على المستوى الفردي والعائلي، مستوى التعليم، الحالة الصحية، السكن والخدمات، ولن تتضمن الاستمارة خانة حول القومية والانتماء القومي. إضافة إلى أن التعداد سيشمل العراقيين خارج البلاد أيضا”.

عرض مقالات: