اخر الاخبار

أمام تعافي أسعار النفط وضع الشباب العاطلون عن العمل، آمالا بأن ينتشلهم ذلك من مستنقع البطالة التي تتفشى بشكل مخيف بين أوساط المجتمع، لكن الانفاق التشغيلي يبتلع أغلب إيرادات الخزينة العامة، الحال الذي تضمحل معه تلك الآمال، بينما تتفاقم أزمات حامليها. 

ومؤخرا، شهدت أسعار النفط انتعاشا ملحوظا حيث وصل سعر البرميل الى 84 دولارا، لكن ذلك لم تتعاف معه القطاعات الانتاجية والشركات المملوكة للدولة، انما بقيت خارج إطار العمل والانتاج.

وذكر آخر الإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي، أن مستوى البطالة في ‏العراق بلغ 13.7 في المائة، وهو المعدل الأعلى منذ عام 1991، ما ينذر ‏بتفاقم حالة سخط شعبي، قد يقود إلى احتجاجات مماثلة للاحتجاجات ‏العارمة التي اندلعت عام 2019.

فيما أظهر إحصاء أخير أجرته الحكومة العرقية عن معدلات البطالة في عام ‏‏2020، أن محافظة الأنبار غربي البلاد سجلت أعلى نسبة بطالة بواقع 32.4 ‏في المائة. فيما بلغت النسبة في محافظة كركوك 6.3 في المئة، وهي ‏الأقل مقارنة بباقي المحافظات.‏

وبلغت نسبة البطالة في الريف 14 في المئة، مقارنة بـ13.2 في المناطق ‏الحضرية.‏

أسعار النفط والبطالة

وارتفعت أسعار النفط لتصل الى  84.28 دولارا للبرميل، الامر الذي قد يدفع نحو اعادة العمل بالمشاريع المتوقفة والمتلكئة او استحداث مشاريع جديدة، ما يعني ان هناك امكانية التحاق اعداد من العاطلين في هذه المشاريع.

وعن علاقة ارتفاع سعر النفط بالبطالة، قال المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أن “الاولويات في اعداد الموازنة العامة، هي تأمين التكاليف الثابتة “الموازنة التشغيلية” وعلى رأسها الرواتب والاجور، واجبة الدفع والصرف. وهذا الصرف يكون على حساب المشاريع الاستثمارية التي تشغل اعدادا كبيرة من الشباب”.

وأضاف في حديث مع “طريق الشعب”، أن “ارتفاع سعر برميل النفط وبحكم الفائض من الريوع النفطية المتحققة نتيجة لذلك، فإن امكانية  التوجه نحو المشاريع الاستثمارية وارد جداً، وهذا ما يحرك سوق العمل ويقلل من نسب البطالة”.

وأوضح أن “الانفاق الاستثماري يحرك سوق العمل اكثر من الانفاق الاستهلاكي، لان الاخير يحرك سوق العمل بدورة محدودة جداً، تقتصر على التسويق والخدمة”.

وعلى صعيد آخر، ذكر المستشار المالي أن “الشركات المملوكة للدولة التي من شأنها أن تشغل اعدادا من الشباب، على ارض الواقع تعاني من عدة مشاكل، حيث ان 78 في المائة منها متوقفة منذ 2003، ويعمل فيها نصف مليون عامل من دون ان يقدموا انتاجا”.

وبحسب خبراء اقتصاديين ومراقبين، ان “ السياسيات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة تعمل على تعطيل الشركات المملوكة للدولة بهدف خصخصتها بحجة انها (غير منتجة)”.

أسس غير سليمة

وقال الخبير الاقتصادي، باسم جميل انطوان، أن “سوق العمل يدخل له سنوياً من 500 الى 600 الف شاب، ثلثهم ـ بما يعادل 170 الف ـ من خريجي الكليات والمعاهد”.

وأضاف لـ”طريق الشعب”، أن “نسب البطالة في العراق تتراوح من 14 الى 20 في المائة”، مبيناً أن “الاقتصاد العراقي مبني على اسس غير سليمة، تعتمد منهجية الهدر في الثروات، وعدم فتح مشاريع، وغياب دعم القطاع الخاص”.

وأوضح أنه “لا يمكن للدولة ان تستوعب الاعداد الهائلة من الشباب، ولكن لو تم تفعيل مجال الاعمار والاسكان وقطاع الزراعية والصناعي بالإضافة الى تفعيل قطاع السياحة والنقل والمواصلات، من خلال القطاع الخاص، لكانت النسب اقل من ذلك بكثير”.

وتابع انطوان بقوله: “عندما تغير سعر صرف الدولار في بداية العام الحالي، فقدت الناس 25 في المائة من دخولها، وهذا ما احدث انكماشا اقتصاديا في البلاد، وحجم من مشتريات الطبقات الفقيرة، وبالتالي توقفت المشاريع الصغيرة جداً للشباب، وتحولوا الى عاطلين”.

وذكر أن “ازمة كورونا دفعت الى انخفاض الناتج الاجمالي المحلي بنسبة 11 في المائة، وهذا ايضاً دفع نحو رفع نسب البطالة”.

مسح للسوق العراقية

وأكد المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، أن نسبة ‏البطالة مرتفعة في العراق مقارنة بما كانت عليه قبل سنوات.

وقال الهنداوي في تصريحات صحفية، إن “جائحة كورونا وما رافقها من تداعيات خلفت ‏أزمة اقتصادية وانكماشا ماليا فاقم من معدلات البطالة والفقر في البلاد”.‏

وزاد، أن نسبة الفقر في العراق شهدت أيضا ارتفاعا خلال العام ‏الماضي لتصل إلى 31.7، لكنها انخفضت قليلا هذا العام لتصل إلى 30 في ‏المئة.‏

وتابع الهنداوي أن “وزارة التخطيط تعمل حاليا على الانتهاء من إتمام مسح ‏لسوق العمل العراقية من المؤمل أن يعطي لنا مؤشرات جديدة عن البطالة ‏والفقر”.‏

وكان الهنداوي قال في تصريح آخر أن حكومته وضعت خطة للتعافي من تداعيات كورونا، تمتد من عام 2021 إلى 2023 وتشتمل على ثلاثة محاور أساسية.

المحور الأول، وفقا للهنداوي، يتضمن “تحسين مستويات الاقتصاد ودعم القطاع الخاص والاستثمار الخارجي. والثاني اجتماعي يركز على مجالات الصحة والتعليم والفقر وتمكين المرأة وعودة النازحين. والثالث يتعلق بالتنمية المكانية ويستهدف معالجة الفجوات التنموية الموجود في عموم البلاد”.

ولم يكشف الهنداوي عن حجم الأموال التي تحتاجها هذه الخطة، لكنه أشار إلى أنها تحتاج لجهود مجموعة من المؤسسات الحكومية، مضيفا أن موضوع الأموال “متروك للجهة التي سيكون لها دور في تنفيذ الخطة، ومدى توفر التخصيصات اللازمة لذلك من ميزانياتها”.

عرض مقالات: