اخر الاخبار

دعا خبراء اقتصاديون الجهات الحكومية المعنية الى طرح وتنفيذ خطط “واضحة وجريئة” لمعالجة ارتفاع معدلات الفقر، التي لا تزال تتفاقم بسبب غياب الآليات الحكومية، في ظل استمرار تفشي جائحة كورونا، الذي أدى الى شلل حركة العمل في الأسواق.

وينصح الاقتصاديون بالاهتمام بالقطاع الخاص “لزيادة فرص العمل”، فيما تؤكد وزارة التخطيط أنها بانتظار التخصيصات المالية لاطلاق “استراتيجية التخفيف من نسب الفقر”.

وفي تلك الاثناء، كشف نواب عن رفع حجم مخصصات شبكة الحماية الاجتماعية في موازنة العام 2021، “لإعانة العائلات الفقيرة في المحافظات الأكثر فقراً”، مردفين أن “خفض نسب الفقر يحتاج إلى وقت، لأنها مرتبطة بحقب سابقة وتداعيات كثيرة”.

وفي تصنيف جديد لمجلة “غلوبال فاينانس” المتخصصة، فان العراق احتل المرتبة الـ80 عالميا، والسابعة عربيا بين أكثر الدول فقرا خلال العام 2021.

وقالت المجلة ان تصنيفها شمل 194 دولة مدرجة بالجدول من حيث نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي.

واشارت الى ان “تم قياس مدى فقر أو ثراء أمة معينة مقارنة بأمة أخرى على أساس نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من خلال تعويض الفروق في تكاليف المعيشة ومعدلات التضخم”، مؤكدة أن “العالم يمتلك ما يكفي من الثروة والموارد لضمان تمتع الجنس البشري بأسره بمستوى معيشي أساسي، ومع ذلك، ما يزال الناس في بلدان معينة يعيشون في فقر مدقع”.

البطالة.. محرك تظاهرات تشرين

وقال وليد خدوري، الباحث في الشأن الاقتصادي، في مقال مطول طالعته “طريق الشعب”، انه برغم “الريع النفطي العالي” الذي يتجاوز 70 مليار دولار سنويا، الا ان “نسب الفقر في البلاد تتصاعد منذ احتلال 2003”، معللا ذلك بـ”الانتشار غير المسبوق لسرطان الفساد، والهدر المالي في القطاع العام”، الذي قاد الى زيادة البطالة “بالذات في المحافظات الجنوبية”.

ولفت الى أن البطالة كانت أبرز أسباب الحراك الشعبي الواسع والتظاهرات في المحافظات الجنوبية.

تدهور أسواق العمل

وبحسب المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، فإن إحصاءات العمل تشير إلى المزيد من التدهور في أوضاع سوق العمل، حيث سجل معدل مشاركة الشباب بين 15 - 24 عاماً تراجعاً ملحوظاً. وزاد معدل البطالة نحو الضعفين في المحافظات المنكوبة بالإرهاب، حيث سجلت 21 في المائة مقارنة بباقي المحافظات البالغة 11 في المائة.

وذكر الهنداوي، أن دراسة مسح للفقر في العراق لعام 2018 تشير إلى أن نسبة إنفاق الأسرة قد تغيرت ما بين الأعوام 2014 و2018 لتصبح نسبة الإنفاق على المجموعة الغذائية بالمرتبة الأولى (32 في المائة)، تليها مجموعة الوقود والإضاءة (24 في المائة)، ثم النقل بالمرتبة الثالثة (12.1 في المائة)، والملابس والأحذية بالمرتبة الرابعة (6.4 في المائة)، ثم الأثاث والتجهيزات المنزلية بالمرتبة الخامسة (5.2 في المائة).

ويربط لخدوري، نسب الفقر العالية في العراق بـ“الحروب والنزاعات المسلحة الداخلية والحصار الأممي خلال عقد التسعينات”، مردفا “لكن المشهد الرئيسي لهذا الفقر هو الفوضى والهدر في إدارة الدولة والفساد غير المسبوق خلال العقدين الماضيين”.

مكافحة الفقر بانتظار تخصيص مالي

وبفعل تفشي وباء فيروس كورونا، وانخفاض أسعار النفط، وتوقف أغلب المشاريع في جميع القطاعات الاقتصادية، طال ضرر بالغ العاملين بالأجر اليومي المحدود.

وتزعم جهات حكومية أنها تبحث عن بدائل مالية لانخفاض سعر النفط.

ووفقا للهنداوي، فإن استراتيجية الوزارة للتخفيف من نسب الفقر “بحاجة إلى أموال لتنفيذها”، مشيرا الى أن الحكومة رفعت حجم مخصصات شبكة الحماية الاجتماعية.

الحروب فاقمت الإحصائيات

وبهذا الصدد، تحدث رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في مجلس النواب، حسين عرب عن مخصصات تقدر بتريليوني دينار عراقي (نحو 1.3 مليار دولار)، لإعانة العائلات الفقيرة في المحافظات الأكثر فقراً.

ويضيف أن اللجنة حرصت على إعطاء قروض للشباب وإنشاء مشاريع مدرة للدخل، وتدريبهم وتوفير فرص عمل لهم وفق خطة تدريجية، فضلاً عن شمول العديد من الأسر بشبكة الحماية الاجتماعية.

ولفت عرب إلى أن خفض نسب الفقر يحتاج إلى وقت، وليس شهراً أو شهرين، مبيناً أن “زيادتها تعود إلى حقب سابقة وتداعيات كثيرة، منها الحروب”.

توزيع غير عادل

ويدعو خبراء اقتصاديون إلى إعادة توزيع الثروات بشكل عادل، وتنفيذ خطط واضحة وجريئة لمعالجة ارتفاع معدلات الفقر.

ويقول رئيس مؤسسة عراق المستقبل للدراسات الاقتصادية منار العبيدي، إن “تقديرات البنك الدولي لمستوى خط الفقر تبين أن الدخل اليومي للفرد يبلغ 1.25 دولار، أي نحو 37 دولاراً شهرياً، وإن ما نسبته من 32 إلى 33 في المئة من العراقيين، الذين يبلغ عددهم 13 مليون مواطن، تبلغ إيراداتهم الشهرية 481 مليون دولار، ونحو 5.78 مليار دولار سنوياً”.

ويوضح العبيدي أن هذه الدراسة أعدت قبل تغيير سعر صرف الدولار، مؤكداً أن حجم المداخل انخفض نتيجة انخفاض قيمة الدينار.

ويضيف أن الموازنة العامة للدولة تشغيلية ومرتكزة في غالبيتها على فئة معينة من الشعب العراقي، مع إهمال الفئات الأخرى، في وقت يجب أن تسعى إلى إيجاد مشاريع استثمارية تهدف إلى تشغيل الشباب وإيجاد فرص عمل لهم وزيادة في مداخيل العراقيين، مشيراً إلى سوء في توزيع الإيرادات نتيجة الخلل في المصروفات التشغيلية. ويعتبر العبيدي أن الحل الوحيد لهذا الأمر هو تفعيل استراتيجية تخفيض مستوى الفقر، التي أعدتها وزارة التخطيط.

غياب الخطط الحكومية

ويرجع الخبير بالشأن الاقتصادي عبد الحسين الشمري زيادة نسبة الفقر والبطالة عام 2021 الى “غياب الخطط الحكومية واستمرار جائحة كورونا”، مشدداً على ضرورة الاهتمام بالقطاع الخاص لزيادة فرص العمل.

ويشير الشمري إلى أن الصرف الكبير على الدرجات الخاصة ورواتب الموظفين (أكثر من 4 ملايين موظف)، مع وجود فساد مالي في كافة مفاصل الدولة، أديا إلى هدر كبير في المال العام واستنفاد الموازنة.

مكاتب عمالة وهمية

وكشفت لجنة العمل والشؤون الاجتماعية النيابية، امس الاحد عن وجود نحو مليون عامل اجنبي في البلاد، اغلبهم يعمل في الشركات النفطية.

وقال عضو اللجنة فاضل الفتلاوي في تصريح صحفي “ارتفعت نسب البطالة في البلاد، بسبب تواجد العمالة الاجنبية والتي يقدر عددها بالمليون شخص”.

وذكر الفتلاوي ان “مكاتب عمل وهمية قد تكون محمية من قبل جهات متنفذة تُدخل العمالة الاجنبية مقابل اجور الفيزا فقط، وتمنحهم رخصا غير رسمية للعمل في البلاد