اخر الاخبار

سلاما لمفكري الجمال والمعرفة والشكل والخطاب البصري الذين وضعوا الأسس المعرفية النقدية والجمالية لقراءة الصورة بدءأ من الحسن ابن الهيثم، الفارابي وابن سينا وابن ماجه، فيثاغورس وأفلاطون وأرسطو وسقراط .وغيرهم. وصولا إلى المحدثين، امثال باشلار ودوبريه ودوللوز وميشيل فوكو وجاك دريدا  وهنري اجيل، ومارسيل مارتن، وستيفنسون وميتز وسوسير، وبارت والكثير الكثير منهم. ويمكن الاستنتاج من افكار هؤلاء الأفذاذ على أن الصورة هي لغة وتشكيل و خلية “كائن حي” ورسالة وصنعة جمالية وهي الحاضنة للفكر والجمال والشكل واللون والتكوين والعلامة والشفرة والايقونة والرمز والأيحاء والحركة والمكان والزمن، الوثيقة وغيرها ، ولكن رغم الأهمية الفلسفية و البلاغية في توظيف الصورة في السينما والتلفزيون والمسرح والتشكيل وعالم والكرافيك. وغيرها، الا ان بنا حاجة إلى ثقافة إجادة  توظيفها في حياتنا العامة “الاجتماعية والمهنية في حقول متعددة” كجزء معرفي وفني مهم في تداول الثقافة والخبرة الجمالية، فقد تتطلب الصورة ان نحسن تنظيم وتصميم  شوارعنا وساحاتنا وواجهات ومداخل محلاتنا وابنيتنا وحدائقنا ،مرورا بالمرافق والفضاءات والازقة، لالتقاط صورا جميلة، وقد تذهب الصورة إلى غير هذا وتعشق العفوية والتلقائية وعدم الرتوش والبساطة لغرض تسجيل صورة الحركة والفعل والشيء الذي يحدث فجأة liveحي دون تحضير، لالتقاط “الحقيقة” وكلاهما مادة مهمة  لموضوع للصورة، ففي زمننا، يتاح للمرء حرية التصوير  بالكاميرا والموبايل، وكذلك حرية النشر والعرض دون أدنى عائق، ولكن تبقى المسألة الاكثر اهمية هو ان نعرف اية صورة تصلح للعرض؟ ، وهل ان كل صورة تحمل الصلاحية ؟ وهل هناك أشتراطات وتقاليد عمل فنية تجيز هذه الصورة دون غيرها؟ ، وما هي مواصفات الصورة الصالحة للعرض؟ وهل ان الصورة الورقية في الصحف والمجلات أو في  المواقع الاليكترونية ،  أو المتحركة في التلفزيون أو السينما أو الوسائل الاخرى، هي ذات الصورة؟ ، واجابة هذه التساؤلات هي التي يجب أن يتسلح بها المصور أو الشخص الذي يستخدم كاميرا الموبايل مثلا، لما لهذه الممارسة من مساحة واسعة في التداول اليومي بين أفراد المجتمع ، والا، لماذا تنشر صور وهي مثلا، غير واضحة” اوت فوكس” ، او هنالك خطأ في الاضاءة، او في التكوين، والتوازن  او هناك من الصور التي تحمل شفرات وإيحاءات وعبارات أو كلمات أو علامات مسيئة للذوق العام وهناك لهاث لكشف ما لا يمكن كشفه ، فالصورة خبرة و ثقافة ومعرفة وذوق، وصانع الصورة إنما يعبر عن وجهة نظره إزاء الموضوع المصور، وما نراه في الصورة هي عين المصور والتقاطاته، وما يريد أن يظهر لنا ولا يمكن أن تتخلى الصورة عن المعيار الفني والثقافي و الأخلاقي في “الحياة والعمل” وهي لغة خطاب، يبنى بمجمل عوامل تتضمن محمولات في الشكل وفي المضمون. وجميل في الأمر لو تحمل صورنا رموز السلام وأشكال التسامح والمحبة والاماكن والآثار التي يفخر بها الجميع وان نبعدها عن ملامح القتل والدم والكراهية والتعصب وان نحتكم في التجسيد المرئي إلى المشتركات التي تشكل هوية التعاضد والمصير، وان نجعل من الصورة، قوة فاعلة إيجابية، وفي الوقت نفسه نجعلها وثيقة إدانة لكل من يرتكب اثما بحق بلده ومجتمعه وشعبه، وفي الصورة نقرأ الزمن وطراز المكان وهوية العصر وملامح الحدث، والصورة هي الوثيقة الدالة على الواقعة، والصورة هي نافذة الذاكرة. وهي انتماء فاعل للغة السيميائية ومحمولاتها البصرية، والصورة هي اللحظة التي تم  فيها تسجيل فعل الحركة، او السكون، ومن الصورة نصنع التاريخ، والحقيقة، والصورة هي لغة الضوء، التي تحتمل البريق والخفوت والتباين، والأسود والأبيض، وهي الرصيد الفلسفي التعبيري الذي حقق نجاح الاف الافلام التي سجلت عالميا  من الروائع الخالدة، وقبل ان نلتقط الصورة اللقطة كوحدة بناء فني  في فيلم أو دراما أو برنامج  ،ويجدر بنا  أن نعرف ما هو الموضوع؟ وما هي الفكرة والغرض؟ ومن هم شخصيات اللقطة؟ وفي أي مكان وزمان؟ وكيف نراهم جلوسا ام وقوفا ام يتحركون؟ وباي طريقة؟ وهل هناك توافق ام صراع بينهما؟ ومن هو السيد ومن هو العبد؟ ام هم على حد سواء؟ ومن هو الاكثر طغياناً في مساحة اللقطة؟ ، وما هي نقطة الانتباه؟ وما هو نوع الاضاءة فيها؟ واي الألوان تسيدا وشيوعا ؟  وما هي الأشياء الظاهرة  والباطنة في الصورة؟ وماذا نريد أن نقول فيها من رسالة أو معنى؟  ومن الاشتراطات ايضا ان نمتلك حق المعرفة العميقة في فهم الصورة ودلالاتها ،فليس من حقنا في الحياة العامة مثلا نشر الابتذال والسذاجة والدناءة والفضائح والتلصص، والابتزاز، التشهير، وتصفير الحياء، وانتهاك العادات والتقاليد والقيم، وتدني الذائقة العامة، ابدا، وليس من الصحيح ان نتداول الصورة في النشر الإليكتروني اليومي بمجانية منفلته في الحفلات والمطاعم والساحات والمقاهي والتجمعات والمنتديات وغيرها، من دون التقيد بضوابط العرض، واشتراطاتها الفنية والأخلاقية، ويجدر بنا ايضا ان نحسن تداول الصورة على وفق مستويات  متعددة، منها فنية حرفية ومنها عامة وبكل الحالتين، لابد من التقيد بتمثلات العرض “العام، والخاص، والتداول المحدود، والمحرم” ،وغيرها ، فالصورة  تنتمي إلى عالم يخضع إلى مستويات المعرفة  والفن والجمال، ورغبة النشر ليست نقطة في ازرار التحكم فحسب، وإنما هنالك جملة مهارات تصب في  انتاج تصميم ذهني يضع للفعل أو الحدث، او المنظر أو الفراغ أو أي تكوين “ عالما مرئيا” ، يحبذ ان يبث الحدث والفعل والواقعة وفعاليات الحياة بمختلف ميادينها، بشكل محمل بالتعبير على وفق عناصر الصورة المرئية كلغة خطاب واعية و متحضرة وذات منفعة حقا. فضلا عن مقومات الدهشة والإثارة وجذب عين المتلقي.

عرض مقالات: