اخر الاخبار

إن البحث عن المعاني في المتاهات كالغوص في بحور الوجود لنيل الدّرر الثمينة، فهناك إشارة لقول إيزر:” أن الناقد يدّعي أن الكاتب يُخفي في السّرد كنزًا، وأنّ التأويل الذي يقوم به هو اكتشاف هذا الكنز، ومثلما ينشأ حول الكنوز الحقيقية صراع تملّك، ينشأ كذلك حول الكنوز الحكائية، فيزعم المؤلف أنه صاحب الكنز الذي أودعه الكلمات، ويزعم القارئ أنّه وحده الذي اكتشفه؛ فهو مالكه الحقيقي”.

فالصراع ملكية الكنز الحكائي يحتدم بين صاحب الكنز ومكتشفُه، أو كما يجب أن نقول بين كاتب النّص ومؤوله، فلا يكتسب النّص هويته إلا بالعثور عليه، وليس مقصود التّأويل هو المعنى القصدي الذي دفنه المؤلف في مكانٍ ما، ولا ذلك النّهائي المكتمل الذي سيزعم القارئ أنّه المعنى الوحيد، إنما مصطلح ملء الفجوات من خلال النّص، لكن الروائي د. برهان الشاوي جعلنا شركاء بلا إرادة منا حين دعانا إلى متاهته العظيمة، ليطرح أسئلة وجوديّة كبرى يحتدم في إجاباتها الصراع الفكري الوجودي الأبديّ.

وعلى رغم تنوّع القراءات، نجد أنّه ما من قراءة يمكن لها أن تقصد المعنى الأوّل الذي عناه المؤلف بعينه، وما من قراءة يمكن أن تشارف نهاية العالم فتدّعي حقّ الاكتمال، ولكن من باب الحضارة الانسانية العريض جدًا أرغب بالدّخول لأثير بعض الأسئلة التي طرحها وأترك متعة اكتشاف الإجابات.

بين أيدينا الآن عمل أدبي طويل وهو (متاهات برهان الشاوي) بأجزائها التسعة، استطاع الكاتب من خلالها أن يدرس التحولات في المجتمع الإنساني خارج حدود الزمن استطاع من خلاله أن يفتح رؤى جديدة، فقد كانت المآسي التي شهدتها المتاهات أشبه بأهوال يوم القيامة لكنها لم تبدر عن إله، إنما بدرت عن بشر اشتركوا بكونهم ورثة (آدم، وحوّاء)، وفي الجزء الثالث (متاهات الشاوي)، متاهة قابيل محور الكلام هنا، نجد العنوان قابيل واسمه الذي يرمز بقوة لحكاية قتله أخيه هابيل السرديّة المحفورة في الوعي الإنساني والتي احتفظ بها النّص الدّيني، لتتخطى حدود الزّمان والمكان، وتستقر في أرض الحضارات العريقة بلاد النهرين، وتظل دليلًا على بقاء الصّراع إلى يومنا هذا، عبر أبطاله وهم أوادم كثر وحوّاءات كثيرات، خلال صراع طائفي عُدّ الثيمة الثّانية بعد القتل اتّصف بأنه نفسي وأخلاقي وقيَمي وجودي يجول داخل الإنسان العادي عامة والمفكر المثقف خاصة وبين الأنا والآخر، فقد كانت البداية حكاية قابيل وهابيل أوّل ابنَي آدم عبر أول جريمة قتل عرفها الإنسان، تحوّل من خلالها قابيل القاتل رمزًا للشرّ والظلم، بينما هابيل أصبح رمز الخير والإصلاح.

أكاد أكون آسفة إذ أن التوتّر والحزن سمتان تصاحبان العراقيين، وبحسب استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب الدولية أظهر أنهم احتلوا الصدارة للعام الخامس في مؤشر الشعوب بسبب الاضطرابات التي تعيشها البلاد منذ عقود، حيث عانوا من ويلات الحروب، وغياب العدالة الاجتماعية والسياسيّة التنموية الصحيحة التي تلبي حاجات المجتمع للنهوض بالواقع وتحسين جودة الحياة.

وهذا ما سنرى أمثلته الكثيرة في المتاهة، ومتاهة قابيل كانت دموية أكثر فبدأت بالقتل وانتهت به، وإذا سأل سائل لماذا العراق تحديدًا، أخشى أن أجيب بأن الحزن في العراق وهو حالة إنسانيّة مصدرها طبيعة الحياة، لكنه تحوّل نفسيًّا إلى عادة قديمة قِدَم الأساطير متأصلة في الذّات العراقيّة، بدءًا من الطوفان وفجر السّلالات، وصولًا إلى تراجيديا جلجامش التي صوّرت الحزن في قلبه بعد فقده لأنكيدو، فكانت الإشارة له في أقدم لوح كتابي، حين قال جلجامش وهو ينظر إلى جثمان أنكيدو” الآن، أيّ نوم هذا الذي غلبك واستولى عليك”، وفي نص آخر يقول:” لقد حلّ الحزن في جوفي”. فأصبح علامة لأغلب السومريين. كذلك نرى الألم والمرارة تعايش أدباء المهجر العراقيين إن صحّ التعبير فكان لهم النصيب الأكبر والحرّيّة في التعبير عنه بطرق إبداعية جمّة، وهنا تظهر أسرار متاهة الشّاوي وأسبابها الوجوديّة.

فقد بدأت الرواية وهي امتداد لروايتين قبلها برواية عن آدم البغدادي المغدور الذي يكتب رواية عن آدم التائه الأستاذ الجامعي، فتتداخل الأحداث في الروايتين، وهكذا تتوغل المتاهة، فمن يكتب عن من؟ ليمتزج الواقع بالخيال، وحيث ختم المؤلف متاهة حوّاء، إذ يدلي السادرون الكثُر بدلوهم، ليتناسل الأوادم ومن ثم الحوّاءات، وتتداخل الروايات في الرّوايات، مع اختلاف الصّفات والألقاب بين الساردين، ونجد إشارة تخصّ اسم كل كاتب في الرّواية، فنبدأ بآدم البغدادي ذلك البطل الذي منحه اللقب الأكثر عراقة وقدِما في التّاريخ “ بغداد”، والحال الذي كانت عليه إشارة واضحة إلى حال العراق، فقد أسس الكاتب لزمنين عراق ما قبل التسعينات وإن كانت حروبه كثيرة لكنه كان حرّا كريمًا وعراق ما بعد الاحتلال الأمريكي، حيث الانفجارات اليومية التي جعلت الموت مجّانيّا بعد الاحتلال، ليعمّ الرّعب والظّلام والفساد والانحطاط وتجّار الطوائف قي سياق الصراع المذهبي، لكن الصّدمة كانت أن حجم الخراب النفسي والاضطرابات متساويًا في كلا المرحلتين، قبل و بعد اندلاع الحرب الطائفية التي سعت إلى تقطيع أواصر المحبة والعلاقات في بنية المجتمع العراقي، والرّغبة الجامحة العمياء، والشّغف الجسدي المتأجج، لتسود كوابيس الأشباح وتدور علامات استفهام كثيرة حول الأفكار الفلسفيّة والوجوديّة، انطلاقًا من الأبعاد التي شكّلتها عوالم التّحليل النّفسي للمتاهات، إلى إجرائية الغوص في أبعاد الشّخصيّات التي كانت إنجازًا قد سلّم للفرويدية مفتاحًا ذهبيّا وحضورًا أوّليّا أسهم في تكوين بنية دوافع الرّغبة بين التحليل النّفسي كعلم سريري، وبين الفن والأدب كمخيال ووقائع وأحداث بنى عليها الروائي أجندته الخاصة لكلّ الشّخصيات في الرواية، وبذا يكون المؤلف حقّق قصب السبق في الاقتراب من مركزية المتاهة التي دارت حولها الخفايا النفسية في كلّ  شخصيّة، وسنذكر مثالا عنه:

( قابيل العباسي وحواء ذو النورين، وهي امرأة القاضي الحكيم التي عاشت معه في وضع اجتماعي ومادي جيد قبل اختطافه وقتله من قبل جماعات متشددة، الامرأة ذات الجمال الأخاذ والجسد المثير جدا، بدأت علاقتها بقابيل العباسي الفتى الذي اتّصف بالبساطة والرزانة قبل التحاقه بالجماعات الإسلامية المتشددة، وكان صديق ابنها آدم ذو النورين الذي مازال يحتفظ لها في ذاكرته رغباته الدّفينة نحوها عندما كان يثيره جسدها، وذلك عندما كان في سن المراهقة فيذهب ليمارس رغبته في السرّ، وعندما عاد ولدها من اختطافه البشع ذي دفعت الأم حواء ذو النورين فدية له مبلغا من المال وشريط فيديو صورها القتلة فيه عارية ينتهك فيه عرضها وانسانيتها بصورة تشبه الرّقص بدم بارد فوق جثة، لضمان صمتها، وسمع ولدها من الخاطفين بذلك فلم يستطع العودة إلى بيته عندما أخلي سبيله، فلجأ إلى قابيل العباسي صديقه القديم وجارهم في الحي ظنا منه بأنه الرجاء، لكن انتهز الأخير هذه الفرصة ليسمح لرغبته الدفينة بالظهور، فعمل على مساعدة الولد بالانتقام من خاطفيه لامتلاكه النفوذ والسلطة، ثم أجبر الأم على تسليمه نفسها مقابل الشريط ولم يكتفي بذلك بل أجبرها على الزواج وهي مذهولة تائهة بين مشاعر الخوف والعار والفقد لولدها الذي لم يعد، وما إن مكنت قابيل العباسي مما يريد جاءها خبر أن ولدها قتل نفسه بعد اغتصابه من أحد الرفقة في الجماعة ورؤيته شريط الفيديو الذي سجل اغتصاب أمه، فأخذت ما لديها من أموال وهربت إلى سوريا).

وقد قبض الروائي على باعثة اللاوعي لعمليّة الابداع، وتمكّن من تمتين الرّابط المقدّس بين فعل الابداع ولا وعي المؤلف، التي أكّد عليه فرويد حين قال:” إن التحليل النفسي يسعى إلى معرفة خلفية الانطباعات والذّكريات الشّخصيّة التي استند إليها الكاتب لبناء عمله، وهذا يعني أننا ننتقل من النّص إلى السيرة الذّاتيّة، ومن الشّخصيّة إلى الكاتب”. وهنا تكمن المتاهة لحقيقية في العبور إلى دهاليز وسراديب الغموض لتعتبر المشكل والدافع في الحالة المجتمعيّة التي صوّرها منذ البدء.

إن الغوص في نفسيّات ودوافع الشّخصيات إنما هو نضال مرير يُدار بصعوبة بالغة ضد كشف متواريات الأقنعة، التي تحجب المعنى الحقيقي الخفي والمتعدد، وبما أن اللاوعي الجمعي قاع أوّلي عتيق يحوي داخل بنيته التّراكميّة الرّأسمال الرّمزي للبشريّة، فهو يتضمّن ميراث أمومة تاريخ الكبت الإنساني.

وفي أحاديث الأبطال ذهب الروائي ليبث خلاصة أفكاره عبر نقاشاتهم التي دارت حول التاريخي والأسطوري والنقطة الأهم التي خلص إليها وبثها عبر بطل روايته آدم التائه وإيفا ليسينج هي أن البشر ليسوا أبناء آدم أنما أبناء قابيل، لأن آدم لا أب له ولم يخلق من نطفة مثل قابيل، فهو ليس بشر بالمفهوم البيولوجي، وإن قابيل هو الإنسان الأول لكنه قاتل، والبشر جميعهم أبناءه.

شخصيات الرواية النساء (حواء) وأما آدم من الرجال، فهم كثر.

1 -حواء الزاهد: هي شخصية رواية سابقة وهي متاهة حواء، ابنة لرجل مرموق تزوجت الإسلامي المتشدد الذي ذبح تحت التعذيب ومات شهيدًا، وأنجبت منه آدم الملاك، وبعد أن أحبت آدم المحروم وحملت منه سفاحًا قتل هو الآخر فقررت أن تحتفظ بالجنين ثمرة الحب وتنجب هابيل، ثم باعت بيت والدها، مع ميراثها من زوجها الأول، وتذهب لمكان لا أحد يعرفها فيه، وتسجل ابنها في مدرسة ابتدائية قريبة وتتعرف على مديرها قابيل الفهد الذي أعجب فيها، وتمنى وصلها، لكن هروبها لم يعفيها من ملاحقات أخي زوجها، الذي تمنّاها لنفسه، وحين اختبأت في بيتها ذهبت إلى مدير المدرسة وطلبت منه العون فرآها آدم الأسير الذي ساهم في قتل حبيبها آدم المحروم، ثم تلقت مكالمة هاتفية بالتهديد، بأنها عاهرة وأن ابنها هابيل هو نغل، وعندما تبرع مدير المدرسة بمساعدتها وأصدر لها رقم هاتف جديد كان الحاج هابيل أخا زوجها بالمرصاد فاختطف المدير وأمر بقتله كما قتلوا عشيقها آدم المحروم الذي عاشت أجمل قصة في عمرها معه ودامت لمدة أسبوع فقط، وحين قررت الهروب مع ابنيها بمساعدة حواء الكرخي، تلقت رصاصة في صدرها ليبقى الطفل هابيل مع صديقتها حواء الكرخي.

2 -إيفا ليسنج: إيفا يعني بالعربية حواء، وهي ممثلة بريطانية التقاها بطل رواية آدم البغدادي، آدم التائه الأستاذ الجامعي في القطار المتجه إلى ميونخ حيث نشأ بينهما حوار أدبي عميق عن ستندال وشكسبير، فتعمقت علاقتهما في ميونخ أثناء توقيع الممثلة عقود تخصها، وحين عادت إلى لندن بسبب انتحار صديقتها العزيزة حواء الصحراوي لجأت إليه طالبة مساعدته عندما رفع زوجها قضية لحضانة طفلها، متهما إياها بالشذوذ من خلال علاقتها بها، فأرادته كغطاء يحمي سمعتها ويبطل الاتهام الذي قدمه زوجها وإن كان له بوادر نفسية غير معلنة، ليبقى السؤال مطروح يبحث عن إجابة.

3 -حواء المظلوم: شخصية افتراضية سبق ذكرها في متاهة حواء السابقة، ولكنها هنا روح شاردة، كانت تزور آدم التائه وتقدم له الفواكه، وبقيت شخصية غامضة وروح حائرة نفت وجود ضيوف لديها (كانوا دوستوفسكي الروائي الشهير وبطليه الأمير ميشكن وناستازيا) لكنها روت لآدم التّائه كيف قُتلت على يد زوجها الغيور الذي يعاني من عقدة النقص المركبة التي تكونت لديه منذ الصغر عدما كان ينام في سرير أمه فرأى وسمع خيانة والدته وعهرها مع عمه أثناء تواجد والده خارج البيت في الحروب، ثم أخته وسلوكها المشين ، فكانت الغيرة لديه في أعلى مستوى مرَضي، لتنال زوجته القتل عقابًا على ذنب لم تقترفه.

4 -حواء صحراوي هي صديقة إيفا في لندن خليجية لعائلة ثريّة جدّا، لن نتحدث عنها لأنها بطلة متاهة لاحقة.

5 -حواء الكرخي شخصية واقعية، شاعرة مناضلة صديقة الصحافي آدم الشبيبي صديق مدير المدرسة المقتول قابيل الفهد وبطلب منه ساعدت حواء الزاهد البطلة الأولى وكانت تحميها من تهديدات الحاج هابيل القاتل، فأقنعتها بالهروب من البلد.

6 -إيفا جايكوفسكايا: شخصية افتراضية تنحدر من عائلة الموسيقار بيوتر جايكوفسكي، التقاها آدم التائه في محطة قطار ميونخ وهي تعزف، لتحظى ببعض التبرعات التي تساعدها على العيش، فأدلت له باعترافات جنسية غريبة أكدت معلوماته حول الرغبة وأنها أهم دافع للعلاقات جميعها

جميعها الجيد منها والسيء..

7 -ايفا اسكندروفنا: كذلك شخصية افتراضية وهي صديقة التي قبلها، منذ الثانوية بموسكو تعرّف عليها آدم التائه وهو يعزيها في موت زوجها، الذي مات مقتولًا بسكين شباب ألمان ينتمون إلى اليمين المتطرف، وعلى إثر هذه الكارثة أصيبت أم الزوج بجلطة دماغية مات بعدها والد الزوج بذبحة قلبية.

8 -حواء ذو النورين سبق وتحدثنا عنها مع قابيل العباسي.

9 -حواء المؤمن شخصية افتراضية وهي زوجة آدم التائه التي خانته مع جارهم اللبناني، ليبقى سر خيانتها لغز ومتاهة مهلكة تعود وتعود في كل ليلة كالكوابيس.

أوادم المتاهة كثر منذ آدم البغدادي حتى التائه والمحروم والشبيبي وذو النورين والأسير الذين طغت على صور بعضهم تحوّلهم من ضحايا إلى مجرمين، ليكونوا ردة فعل بائسة لمجتمع اتخّذ القتل أسهل الحلول وأبشعها في التعامل.

لكن تشير نهاية المتاهة التي لم تنتهِ حقّا إلى هروب حواء ذو النورين وحواء الكرخي بعيدا عن الموت والحروب، لتبدأ متاهة أخرى.

إن بنية السرد الأولى في الرواية هي فلسفة برهان الشاوي الشاعر في الأصل لكن طريقته السينمائية في الكتابة السردية بعيدة عن اللغة الشعرية، صورت الأحداث بعين الكاميرا التي تحيط  بكامل المشهد وتركز على ما يضيء الفكرة المطروحة في أروقة معتمة، الفكرة التي صوّرت الرغبة والشبق المؤدي إلى الخطيئة والعلاقات المحرمة، كدافع أوّل للعنف والقتل والاغتيالات والحكايات فتستفز الحواس، وتستدعي التركيز، ليصل إلى أعلى مستوى في بناء شخصياته التي نمت وتعاظمت في العمل مثل حواء الزاهد وآدم المحروم، وطرح وحوارات فلسفية وأدبية ممتعة وصلت إلى أعظم الكتاب الذين يفضل الأغلبية أن يقرأ لهم، ليكون الانهيار الأعظم إلى أعلى، بجوهر الفكرة اللامرئي، والإبداع كذلك يكمن في اختصار الأسماء حواء، قابيل، آدم، وتحميلها الصفات، ليناقش عبرهم فكرة أن السبب في القتل هو جينات قابيل الذي نتج عن آدم من نطفة، وجاء من رحم حواء، فهو الأب الحقيقي والمؤسس الأول للجريمة والقتل، وهو السبب في القتل الذي أبدت الملائكة تخوفها في حوار وصفه رب العالمين في كتابه العزيز بقوله:” وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء قال إني أعلم ما لا تعلمون “، وكأن المشهد الدّموي حدث في عوالم أخرى عبر فرضية العوالم الموازية، وكأن البشر نسخة مطورة أكثر عن غيرهم فاستخلفهم، و زودوا بعقل أكثر تحررا قادر أن يختار ما يريد ويفرق بين الخير والشّر، وفي توصيف المتاهة شكًلا نجد أنها أقرب في الشبه إلى تلافيف العقل وهيأته، فربما هذه دلالة أن المتاهة الحقيقية داخل الإنسان والطريق والهداية ينبع من الداخل، وأن القتل خيار أول وليس خيار أخير، وبذلك تستعر المتاهة الوجودية بين السؤال والبحث عن الحقيقة.

 

ــــــــــــــــــ

*كاتبة وناقدة سعودية

عرض مقالات: