اخر الاخبار

المجموعة الشعرية “ مباهج التوقيعات والحزن أبقى” للشاعر ريسان الخزعلي، تمنحنا فرصة كبيرة، للوقوف على أنماط وأنواع وأساليب ورؤى متنوعة ومختلفة، شكلا ومضموناً وبناء، كونها حفلت بكم هائل من الثيمات  المفردات الشعرية الجديدة والمبتكرة والتي ابتعدت تماماً عن التكرار، فيما نجد في بعض القصائد لشعراء يقدمون قصائدهم بإيقاع واحد، كونها ساحة كبيرة من الشعر والمشاعر الجياشة والتداعيات الذاتية، وهي تحمل بين طياتها كماً هائلاً من المعلومات التي تؤكد أن الشاعر على إطلاع بواقع الحياة وسبر اغوارها وقرأ الكثير لينعكس كل هذا على قصائده. كما أن الشاعر في هذه المجموعة إستطاع أن يتخلص من الأنا لتكون قصائده شمولية بعد أن يكون قد تخلص من هذا المجال الضيق في صناعة القصيدة الشعرية، لتكون رؤاه ممتدة الى ما لانهاية، فهو لا يرى النهر بواقع حاله، انه نهر يعكس تاريخ الشاعر ووجوده وضرورته وتأثيره ووجه الحياة الشاعرية فيه، كذلك الحال عندما يصف السجن، فأنه لا يراه قضبان خلفه ينام السجناء بل يراه برؤية فنية مختلفة وهي توقيعات وضع بصماتها في متن نصوصه الشعرية الحافلة بصور واستعارات وانزياحيات تبعث فينا بهجة الاستمارا والمتابعة، وكذلك نجد في بعض القصائد توظيفه للنص الصامت بشكل يشعرنا وكأنه كتب هذا النص وحذفه من القصيدة لثقته بما حذف منها، وأن بإمكانه أعادة تلك النصوص الصامته كما هو مؤشر في تنقيطها، وكما نجد استخدامه للقصيدة الوامضة، والمختزلة والمكثفة التي تصل الى حد كلمتين او اكثر، وكذلك القصيدة القصيرة، وقصائد الهايكو، وهي زاخرة بالوان من الافكار والموضوعات، وهو يعتمد في ذلك في استخدام العنوان كرؤية فنية شاملة للقصيدة، والذي هو عتبة نصية مكملة للقصيدة الشعرية، وقد قسمت المجموعة الى  أربعة منطلقات هي: قصائد الومضة الشعرية، والقصائد المختزلة ، والقصائد القصيرة، وهكذا نجد الشاعر قد توغل الى إعماق عالمه الشعري العذب، وصار جزءاً لا يتجزأ من كل قصيدة تغور في اعماقه وتخرج قطعة محملة بروح الشعر والاحاسيس الجياشة النابعة من تلك الخبرة الطويلة في مجال صناعة القصيدة.

نتابع تلك القصائد الوامضة و “تأويلات” نجد:

الحلمُ

صحوٌ آخر...

رأسه

رأسُ المال

(ماركس) ما زالَ يحتفظُ بجسدهِ...

وفي “توقيعات عن النهر”  تحولت الرؤى الى صورة شعرية للنهر:

وحدَها

أُم الغريقِ

تعرف طولَ النهر..

 (باخوس)

صحوٌ مستمر..

الحبُّ

كلُّ مايكون

وكذلك “توقيعات الوحشة” حيث نجد الشاعر يعبر عن الوحشة:

في

(أبي نؤاس)

الصبيةُ الناحلةُ..

كتفُها لصقَ كتفكَ

والرصيفُ باغته الإنشطار

وفي “توقيعات السجن” ندخل مشاعر الشاعر ورؤيته للسجن:

في

السجن

سمعت بعضَ كبارِ السنِّ (ينبحُ)

في

السجنِ.. البرجُ أوطأُ

نقطةٍ للطيبرِ في الأعالي

لكنهُ يخشى المقصلةَ أيضاً...

وفي القسم الثاني “محاولات صيد” هناك قصائد شعرية مختلفة منها “ العبور إلى حانة “المرلاايا”:

امسكت عثراتي برجفة أضلعي

كانت

أصابيعُ الفتى خفقات طين.

ومن القسم الثالث “ العودة إلى المراودة” والتي تركها مفتوحة ولم يضمها الى قصائد مستقلة نتابع:

في البحرِ

مهما علا الموجُ

الصاريةُ أعلى..

وفي القسم الرابع من أغاني المراودة والصيد التي تنتمي الى بنية العنونة:

من  كرمةٍ

كان الغناءْ

وكرمتي كانت قَصَبْ

غنيتها

شربتُها

في صحوةٍ من التعب.

ريسان الخزعلي، عالم شعري رائق، وايقاع منساب كانسياب الماء الصافي الرقراق في نهر تحيطه الاشجار والزهور.

من اصدارات الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق لعام 2024 .

عرض مقالات: