اخر الاخبار

في الشارقة، افتتحت مؤخراً الدورة الخامسة والعشرون لمهرجان الفنون الإسلامية تحت شعار “تجليات”، ويستمر لمدة 40 يوماً  وذلك في متحف الشارقة للفنون.

و “تجليات”  مفردة تحيل الى دلالات جمالية وفكرية عميقة وقد تحمل اكثر من معنى وتفسير بين فنان وآخر، ومن هنا ينبثق مسعى المهرجان في المضي نحو مزيج متنوع من الاعمال الفنية في محاولة لتجسيد الشعار انطلاقا من افكار حيوية. عملت لجنة المهرجان على تقديمها والاشتغال عليها.فالتجليات فضاء لمخيلة نشطة، وتكوين لمفاهيم معاصرة، واستحضار لغائب بعيد يتجلى في أعمال الفنون الإسلامية، وقد صاحب ذلك وعي عميق يتصل بكل ما هو انساني، ونوراني، ولعل العمل الفني القائم على هندسة بصرية ومعمارية دقيقة إنما يتطلب الكثير من التجلي في العمل، كي يحقق الصورة المتخيلة، والواقعية، والمعنى المطلوب.

المهرجان يأتي استمرارا لحركة الثقافة والفن في الشارقة ويسهم في إبراز دور الفنون الإسلامية في الحياة اليومية  عن طريق مشاركات إماراتية وعربية وعالمية، بما يعكس التبادل الثقافي والفني والاطلاع على أبرز الأعمال التي ينتجها الفنانون في مختلف دول العالم. 

قدم المهرجان 319 عملاً فنياً من تجهيزات، وحروفيات، وجداريات، ولوحات في الخط الأصيل والزخرفة، تعبّر عن المشهد الفني الإسلامي العريق  وتتوافق مع شعار المهرجان “تجليات”.

شارك في المهرجان50  فناناً من 25 دولة تصدّرتها الإمارات، بمشاركات نوعية  واسعة، فيما توزعت بقية المشاركات على دول عربية مثل: العراق، مصر، السعودية، فلسطين، الكويت، سوريا، لبنان، البحرين، والأردن، بالإضافة إلى مشاركات من دول أجنبية منها : إسبانيا، بولندا، تركيا، وكولومبيا، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، والأرجنتين.

وينظم المهرجان معارض، وورش فنية، ومحاضرات، تضيفها دائرة الثقافة بالتعاون مع 18 جهة، منها: بيت الحكمة في الشارقة، اتّحاد المصوّرين العرب، جمعية التصوير الضوئي، جمعية الإمارات للفنونِ التشكيلية، وغيرها من المؤسسات الثقافية في الشارقة. وتشمل الفعاليات 47 معرضاً نظمها متحف الشارقة للفنون، ومتحف الشارقة للخطّ، وشاطئ كلباء، ومُدَرَّج خورفكان، وجمعية الإمارات لفنّ الخطّ العربيّ والزخرفة الإسلامية، وأماكن عرض أخرى في الإمارة، كما سيتم تنظيم 81 ورشة فنية، وتقديم عروض مرئية لتجاربَ فنيةٍ متنوعةٍ. هذا الكم من المعارض والفعاليات يشير الى مدى اهتمام الشارقة بتأصيل تجاربها في الحياة اليومية للمواطن العادي الذي وجد فيها متنفسا لرؤية التلاقح بين الثقافات عن طريق الفنون والفعاليات المشتركة.

المشاركة العراقية

وتنفرد المشاركة العراقية بحضور عدد من الخطاطين والتشكيليين العراقيين والذين اسسوا لهم وللخط العربي في الشارقة مكانة متميزة ولايكاد يخلو مهرجان من مشاركة عراقية فاعلة.حيث قدم الاستاذ محمد نوري ورشة” خطوط الأقلام” وذلك يوم الاربعاء 20 كانون الاول في ساحة الخط- مركز الشارقة لفن الخط العربي والزخرفة  تلتها ورشة “الهلكار الملون بعبارات الذهب المختلفة، كما قدم الاستاذ مصعب الدوري ورشة “ الزخارف الركوكو” .

اعتمد الفنان خالد حنيش  في مجموعة لوحاته المشاركة في المهرجان على رسم الحرف العربي انطلاقا من خلفيته كفنان تشكيلي، اذ وظف خط الثلث المركب فضلاً عن اضافة التعتيق الى الحروف، فالفنان قدم الحرف العربي كفن انطلاقا من دراستة للفن التشكيلي.   اتسمت اعماله بجمالية الحرف العربي عبر تشكيلات فنية متنوعة بين الحروفية وفن الكولاج، حيث وظف فيها جمالية الحرف في انشاء اعمال فنية اتسمت بالمحافظة على جمالية الحرف العربي ومدرسته الكلاسيكية وتقديم الحرف العربي كقيمة جمالية في عمل تشكيلي، فكان التوزان واضحا  بين الحرف واللون ما اعطى قيمة فنية وجمالية للاعمال المقدمة.

يهدف الفنان عمر عبد الجواد من السعودية  في عمله الفني “ طريق الدار” الى توحيد المسارات المجزأة للعودة الى الوحدة، عبر الاقرار بضعفنا ومحدودية فترة وجودنا على الارض، وذلك عبر 33 لوح أكريليك رأسي مزدوج اللون، على مسافات متساوية، مثقلة بأحجار البازلت المكي.

وقد اشارت الاقواس المدببة الى الزمن، مما أعطي الاحساس بالتحديق عبر نفق رجوعي متعدد الالوان، بأسقف على شكل قباب، مثبتة بأعمدة خفيفة من الصلب، على شكل ساعة رملية. أطر عمل” تسع وتسعون” وبات في مسار واضح للقاءات المشاهدين على الجانبين المتقابلين من العمل التركيبي، ما يدفعهم الى التفكير في انسانيتهم المشتركة. كما عد الهيكل بمنزلة صورة مجازية لرحلة الحياة التي يصفها الفنان بانها” فترة انتقالية بين مجهول وآخر”. العمل مفعم بالامل والايمان رغم التحديات المتعددة التي نواجهها كما يقول الفنان ويمكن ترجمة العمل الرقم “ 99”  بأنه يرمز الى اللانهائية والامتداد.

“منوعات زخرفية”

تحولت الرسومات اليدوية لدى” استوديو  إبيني من المملكة المتحدة وفرنسا والاردن”  في العمل المعنون “ المسافة بين الصفر والواحد” الى هياكل شجرة حسابية وخرائط كثافة تُطبق فيها نظرية الرسم البياني والخوارزميات الاحتمالية من اجل تحقيق تأثير” التأكل”. اما العمل الذي حمل عنوان “ التحف المتمردة” فساعدت الافكار الرياضية في انشاء اعمال نحتية معقدة، فالاسطح القابلة للتطوير اولف المواد المسطحة وثنيها الى اشكال ثلاثية الابعاد استخدمت تقليديا في مجالات مثل التصنيع او بناء القوارب او رسم الخرائط، وقد استخدمت هذه القطع لتصميم وبناء شكل مزهرية منحوتة من اوراق مقصوصة بالليزر، حيث بدا الشكل النهائي مثل العاج المنحوت. وفي العمل الثالث” منوعات زخرفية”  والذي يشبه حديقة متضخمة نمت فيها الازهار والنباتات والاشجار ببطء.

“المركز”

قدم “استوديو تشوي و تشاين من الولايات المتحدة الامريكية”  اشكالاً مشابه لمبادئ وفلسفة المقرنص، حيث يظهر هيكل الاقواس في بوابات المساجد والعتبات بين العالم الدنيوي والمقدس. يشكل العمل ممراً بسيطا يتحرك الجمهور عبره لإيصال حركتهم الجسدية بين الشكلين، وملأ الفراغ بينهما. ان المشاركة النشطة للجسد في الدخول تكمل العمل الفني وتخلق صورة قابلة للفهم. صمم العمل على قاعدة او شبكة حديدية ثبتت عليها  شبكة من خيوط البلاستك تضيئ عندما يسلط عليها الضوء، حيكت بطريقة فنية تحاكي في تصميمها نقوش غطاء الرأس( العرقجين). حيث تعكس الاسطح الواقع وتتغير الصور المعكوسة على المحيط من حولها ويؤدي ذلك الى تغيير في تصّور الشخص للواقع وكشف ابعاده المخفية مما أتاح منظوراً بديلا للجسم المتطابق.

كما قدم كل من كاز شيران وديانا ني من اليابان وامريكا عملا فنيا مشتركا بعنوان “ يداً بيد مع الشارقة”  ثبت الهيكل امام مدرج مدينة خورفلكان، حيث وفر ظلالاً نهارا وتحول لمظهر مصباح زخرفي في الليل،

تألف الهيكل من 15 وحدة متطابقة ومتصلة بعضها البعض. تسلط وحدة الاشكال المتكررة الضوء على العلاقة بين الجزء والكل، حيث يمكن تكرار الشكل الفردي لابتكار تشكيلات متعددة ومتنوعة بناءً على البيئة المحيطة بها.

تتالف كل وحدة من 16 وجها. الوجوه موجهة نحو الخارج، مغطاة بالواح خشبية تحتوي على فتحات بنمط هندسي اسلامي، اما الوجوه الداخلية فهي مصنوعة من شبكة معدنية. وكل وحدة تتميز بالتماثل الشعاعي. اختار هذا التصميم ليرمز الى الاتصال والتواصل في الوقت نفسه.

عرض مقالات: