كانت الأشهر الأولى من عام ١٩٤٩ انتكاسة حقيقية ومؤلمة للحزب الشيوعي العراقي ، وذلك بإعدام الرفاق يوسف سلمان يوسف (فهد) وزكي محمد بسيم (حازم) وحسين محمد الشبيبي (صارم) يومي ١٤ و١٥ شباط ١٩٤٩ ولكن في نفس الوقت كانت هناك صور رائعة من الصمود والتحدي التي أبداها كثير من الشباب الشيوعي والإصرار الذي أبدته المنظمات الحزبية على مواصلة العمل، والدعم والرعاية التي لقيها الشيوعيون حتى من الجماهير البسيطة التي عرفتهم كمدافعين مخلصين عن مصالحها، وكذلك من أوساط المثقفين والأدباء، أمثال الشاعر محمد مهدي الجواهري الذي قال في قصيدته المعبرة :

سلام على مثقل بالحديد

ويشمخ كالقائد الظافر

كان القيود على معصميه

مفاتيح مستقبل زاهر

ومن تلك المنظمات التي تحلت بالصمود هي منظمة النجف التي أخافت السلطات يوم تسليم جثمان الشهيد حسين محمد الشبيبي لذويه، حيث أخذت تلك السلطات إجراءات مشددة خوفا من الحراك الجماهيري، وأرسلت السلطات الحكومية أعدادا إضافية من الشرطة لمراقبة دار والده الشيخ محمد الشبيبي في النجف، ومنع ذويه من تشييعه والزمتهم بدفنه ليلا في مقبرة وادي السلام، بل ومنعتهم حتى من إقامة مراسيم العزاء على فقيدهم! كما وشنت حكومة نوري السعيد حملت مداهمات واسعة النطاق ضد الشيوعيين ومؤازريهم في النجف، والقاء القبض على عدد منهم، في حين كانت شرطة التحقيقات الجنائية تراقب عن كثب بعض الناشطين مثل محمد علي حسن ورضا عبد الله.

وبمواصلة السلطات المحلية في النجف حملاتها الإرهابية، اعتقلت كلا من جاسم محمد النجار وسالم حميد مرزة وفرات محمد مهدي الجواهري وعبد الأمير عبد علي وذلك في تشرين الاول ١٩٤٩، وأودعوا السجن بعد أن صدرت أحكام الحبس والمراقبة ضدهم لفترات مختلفة. وحكم المجلس العرفي العسكري الاول في ١٩ تشرين الاول ١٩٤٩ على محمد علي حسن ورضا عبد الله ورؤوف صادق الدجيلي وعباس مجيد الكيشوان بالأشغال الشاقة لفترات مختلفة ايضا. كما اعتقل في نهاية نفس العام عبد الله حميد الديوان ومحمد حسن الوائلي وحسين سلطان ومحمد السيد باقر الحكيم (البصري).

ورغم كل الإجراءات التعسفية والاعتقالات استطاعت النجف أن تعبر عن استنكارها لتنفيذ احكام الاعدام المجحفة بوسائل مختلفة، حيث واصل الشيوعيون والوطنيون الآخرون نضالهم في فضح الحكام العملاء والتنديد بالحكومة الرجعية المجرمة والمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين والدفاع عن مصالح الجماهير، خاصة الفقراء والكادحين منهم عندما غطى شعار (الخبز للجائعين والعمل للعاطلين والأرض للفلاحين) جدران أزقة ومحلات النجف.

كما استغل الخطيب الشيخ محمد الشبيبي المنبر الحسيني للربط بين مظلومية الإمام الحسين في الأمس ومظلومية الشعب وهو يصيح بأعلى صوته (يا حسين) تردد الجماهير بعده بصوت أعلى (يا حسين) وهم يعرفون ذلك كان تورية عن ولده الرفيق الشهيد حسين الشبيبي (صارم) فضلا عن مظلومية الإمام الحسين.

عرض مقالات: