اخر الاخبار

طرح الحزب الشيوعي العراقي مسودة برنامجه كوثيقة أساسية للمؤتمر الحادي عشر للراي العام لمناقشته مسجلا تقليدا تفرد به عن غيره من الأحزاب العاملة في الساحة العراقية، وليكون مرشدا ودليل عمل في عموم منظماته الحزبية. وكذلك لاطلاع المؤسسات الرسمية التي تخطط لمستقيل العراق وللحركات السياسية الطامحة بصدق لبناء عراق يحتل مركزا متقدما في محيطه الاقليمي والعالمي.

البرنامج يتكون من ديباجة وأبواب تشتمل على كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدمية،  ففي الديباجة عبر الحزب عن منهجه الفكري ورؤاه في مختلف جوانب الحياة في دولة يحكمها نظام ديمقراطي اتحادي فيدرالي بحق وحقيقة،  وفي الوقت الذي يدعو فيه إلى توطيد الفيدرالية في إقليم كردستان فإنه في ذات الوقت يدعو إلى اللامركزية في مناطق العراق الأخرى، مؤكدا إمكانية تشكيل أقاليم جديدة شريطة أن تقوم بتأمين المصالح والحاجات الحقيقية لأبناء المناطق المعنية .ومعبرة عن إرادتهم الحرة،  وهنا كان لابد من الإشارة  أن الشرط الأراس لإنشاء الأقاليم هو أن تكون الديمقراطية حقيقية وملموسة في النظام السياسي وبدونها يصبح الحديث عن الأقاليم  شيئا من حوار الطرشان،  فبدون هذا النظام القائم على هذا  الشرط يمكن وفي ظل ظروف معينة أن تعود البلاد إلى نظام أكثر شمولية وتطرفا من النظام الديكتاتوري السابق عبر أقلية متسلطة مدعومة خارجيا تقفز إلى السلطة في اجواء سياسية مشحونة بأيديولوجية طائفية سياسية.

وبالنظر لحجم الخراب والانفلات السياسي والأمني وتدهور القاعدة الاقتصادية والاجتماعية الناشئة عن الحروب والتدخلات الخارجية والتي انتجت تراجعا خطيرا في كل مناحي الحياة مما تطلب أن تكون برامج إعادة البناء بعيدة عن المثالية والمشاريع المثقلة بالرومانسية السياسية، وانطلاقا من هذه المحذورات فإن طرح البرنامج متصفا بالواقعية الفكرية والسياسية وليكون ملامسا لأية نوايا حسنة يحتمل توافرها في حكومة مستقبلية تتخلص من أدران سابقاتها وتعمل على توظيف طاقات الوطن البشرية وثرواته المادية ضمن خطط وبرامج عقلانية بعيدة عن التضليل والشعاراتية.

ففي باب بناء الدولة والنظام السياسي حدد البرنامج خيار الحزب في إقامة الدولة المدنية واشتراطاتها الدستورية وأساسها تخليص الدولة من أمراض الفساد ووبائه المنتشر في كل مفاصلها والذي انتشر نتيجة المحاصصة البغيضة التي كانت السبب الأراس في تخريب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وهنا وبالرغم من شمولية البحث في هذا الباب فإنني أرى من الأهمية بمكان التطرق إلى هيبة الدولة التي تعرضت للانتهاك وبشكل يومي نتيجة لاتساع نطاق الميليشيات المسلحة التي تتدخل بشكل سافر في الانشطة الحكومية  والاستحواذ على مصادر الدولة المالية وتضع كل قوانين الدولة واجراءاتها عرض الحائط، وتأتي هذه التسلكات جنبا إلى جنب مع تدخلات دول الجوار في الشأن الداخلي..

وفي حقل سياستنا الاقتصادية والاجتماعية، جاء البرنامج مؤكدا على وحدة دعائم الباء الاقتصادي والاجتماعي وروابطهما العضوية حيث يشكلان معا أسلوب الانتاج في المرحلة الراهنة  وعلاقتهما بالحياة السياسية، ومع أن ما ورد في مجال الاصلاح المصرفي كان علميا وواقعيا فأرى ضرورة تضمين هذا الإصلاح التنسيق بين السياستين المالية والنقدية لما لهذا التنسيق من أهمية في استقرار معدلات التضخم واسعار الصرف وانعكاساتهما على عمليات التنمية والاستثمار والمردود السليم للموازنات السنوية والإدارة الصحيحة للديون الحكومية وآثارها على مستوى العيش للمواطنين العراقيين، وهذا في نفس الوقت يتطلب إعادة النظر بقانون الإدارة المالية والدين العام . كما اقترح التأكيد على مراجعة نافذة البنك المركزي التي تحولت وبحسب تصريحات المسئولين في البنك المركزي والدولة وبرلمانيين كثر في أنها أصبحت نافذة لغسيل الأموال وتهريبها إلى الخارج، واداة من أدوات المضاربة في السوق،  وأيضا في الجانب المصرفي أرى ضرورة الإشارة إلى السياسة الادخارية وما تسفر عن تنشيط الاستثمار والهدف من ذلك استيعاب الكتلة النقدية المكتنزة التي تقدر ب70 في المائة من الكتلة النقدية المتداولة .وأضيف إلى ذلك ضرورة التأكيد على الغاء قرار سعر الصرف للدينار العراقي الذي أدى انخفاض قيمته إلى ارتفاع الأسعار وتعاظم معدلات التضخم وانعكاساته السلبية على حياة المواطنين المعيشية.

وفي مجال الاستثمار اقترح إلى جانب ما ورد في مسودة البرنامج الانفتاح على المحيط العربي في جذب الاستثمارات وخاصة الدول الخليجية حيث تتمتع بقدرات مالية فائضة لما تمتلك من صناديق سيادية جاهزة للاستثمار وتقدر حجم أموالها أكثر من تريليون دولار.

وفي حقل التجارة الداخلية والخارجية أقترح ما يلي:

  1. تفعيل دور وزارة التجارة بدراسة السوق باستمرار من حيث توافر البضائع والسلع الاستهلاكية سواء المنتجة محليا أو المستوردة وتحدد كميات ونوع البضائع اللازم استيرادها غير المنتجة محليا مع مراقبة الاسعار وعمليات الاحتكار التي يلجا اليها بعض التجار ضعاف النفوس.
  2. تفعيل التشريعات الحمائية للمنتجات المحلية كقانون حماية المنتجات وقانون حماية المستهلك وقانون من الاحتكار.
  3. تفعيل دور الرقابة التجارية وفي محاربة الاتجار بالسوق الموازية والبضائع المهربة.

وفي حقل القطاعات الاقتصادية اقترح إبراز فقرة خاصة تؤكد على التكامل بين القطاعين الزراعي والصناعي وتشجيع القطاع الخاص في إقامة المصانع التي تعتمد المنتجات الزراعية المحلية في سد حاجة السوق إلى بضائع الاستهلاك الشعبي وتدعيمها من الموازنات السنوية عبر زيادة مساهمتها في الانتاج المحلي الإجمالي.

وفي مجال التربية والتعليم اقترح تضمين البرنامج إضافة لمادته الثرية:

  • الاهتمام بنوعية المناهج بإعطائها جاذبية وإبعاد ما هو ممل وتوفي المستلزمات الضرورية للطلبة بهدف التشويق ومنع تسرب التلاميذ.
  • إعادة برامج التغذية المدرسية وخاصة في الأرياف حيث ينتشر الفقر للإسهام في التشبث بالدراسة والحفاظ على صحة التلاميذ.
  • معالجة توفير الطاقة الاستيعابية في المدارس ومعالجة اكتظاظ الصفوف وتأثيرها على المستوى الدراسي ومنع انتشار الأوبئة والأمراض السارية وتخليصها من المدارس الطينية والكرفانات المعرضة للاحتراق.
عرض مقالات: