اخر الاخبار

1) جاءت ديباجة مشروع برنامج الحزب الشيوعي العراقي، المعروضة للنقاش والحوار الواسعين، في مسيرة الصعود نحو المؤتمر الحادي عشر للحزب، مركزة وشاملة، واضحةً في تحديد سمات وطابع الحزب من النواحي الفكرية والطبقية - الاجتماعية، والسياسية، كما في الإفصاح عن توجهات ومفاصل العمل والنشاط التغييريين، وبمنهج جدليّ تترابط في حلقات العمل النضالي. وجاء ذلك مستوعباً جميع مفاصل وحقول العمل والكفاح، بالاستناد إلى واقع التطورات منذ عام 2003، وما أفرزته من حقائق وحاجات اجتماعية، أفرزت حركة جماهيرية تمثلت بهبّات وانتفاضات في مرحلتيها بين عاميّ 2011 و2019 وحتى اليوم. (وهنا أشير فقط من باب تأكيد صدق الحزب، مع تشخيص كل مكونات المجتمع، إلى ضرورة إضافة مكونين هامين من موزاييك شعبنا، وهما مكونا الجرجر والكاكائيين). 

أرى أن ديباجة مشروع البرنامج، جاءت كاملة، شاملة وافية، وطرحت مضامينه باسلوب مبسط، يتوجه لأوسع الجماهير المعنية بتحقيق ما ورد فيه من حاجات ومتطلبات ومطالب يومية أفرزتها التطورات، وعبرت عنها حركة الجماهير في تظاهراتها ومسيرة هبّاتها. وتلمست في المضامين، الصدق وروح الجدية في تحقيق الاقتراب والمقاربة مع تلك الحاجات. وكان جلياً الترابط الجدلي بين الداخلي – الذاتي، والخارجي – الموضوعي، بين الخاص والعام، بين متطلبات الأوضاع داخل البلاد، وامتدادات الفعل والتأثر والتأثير على الصعيدين الإقليمي والدولي.

2) وثم تأتي مفاصل وأبواب البرنامج مترابطة، محكمة في تناسق مضامينها الواقعية. وهي تتواصل مع مبدأ التركيز والتحديد الملموس لكل مفصل من مفاصل حياة شعبنا، على اساس ما تم تحديده في المقدمة، الديباجة، في تحديد طابع الحزب ودوره الثوري - التغييري، وسماته الفكرية – السياسية، والثقافية، مبتعداً في ذلك عن نهج الضيق الايديولوجي. ولهذا فإن البرنامج عالج ومسّ خلقات بل وتفصيلات في التعبير عن هموم أوسع الجماهير الشعبية، وموجبات إدارة الحياة لبلادنا على أسس علمية منهجية، وبمنطلقات ديمقراطية حية. وابتعد الحزب في مشروع برنامجه عن الصياغات اللغوية والتخريجات الأيديولوجية الجامدة، كما كان يحصل في فترات سابقة. 

لوحظ ذلك بدءاً من باب بناء الدولة والنظام السياسي، منتقلاً إلى السياسة الاقتصادية والاجتماعية، وكل مفرداتها وموجباتها وبترابط جدلي حيّ. ومروراً بعد ذلك باستيعاب كل قطاعات العمل والحياة، انتهاءً بحقوق الطبقات والفئات الاجتماعية، المبنية على اسس التحليل الطبقي الملموس، على أساس  واقع عراقي ملموس.

3) وثم جاءت خاتمة مشروع برنامج الحزب الشيوعي العراقي المطروح للنقاش، تهيأة للمؤتمر الوطني الحادي عشر. ومرة أخرى وبشكل منهجي جدلي مركز، اكد الحزب طابعه الحركي المادي الديالكتيكي، في تحديد مهام وميادين العمل والنشاط للمستقبل بلا افتعالات أو ادعاءات؛ إذ يطرح في بداية الخاتمة أن “حزبنا الشيوعي العراقي إذ يطرح برنامجه هذا، الذي انطلق في وضعه من الواقع الموضوعي لبلادنا، ومن مرحلة تطورها الراهنة (الوطنية الديمقراطية – الكاتب)، وآفاقها، يؤكد في الوقت نفسه خياره الاشتراكي، لبناء المجتمع في المستقبل”.

ثم يحدد الحزب وبأسلوب مبسط، عميق، مفهومه للاشتراكية ومعانيها وعلاقتها الجوهرية بالنضال والتطور الديمقراطي. ولم يفت معدي المسودة البرنامجية، لفت الانتباه إلى مبدأ الاستفادة من دروس التجارب الاشتراكية السابقة، طبعا بسلبياتها، وهي كثيرة، وبإيجابياتها أيضاً. وبالاستناد إلى “الخصوصية الوطنية، والثقافية وبكونها عملية نضالية طويلة الأمد”. وهنا يشير مشروع البرنامج، إلى حلقات هامة في النضال من أجل الاشتراكية، وهي تحقيق العدالة الاجتماعية، والديمقراطية السياسية والاجتماعية، والتوزيع العادل وفق مبدأ “من كل حسب طاقته، ولكلٍ حسب عمله”.

وأختم قراءتي هذه، بالتأكيد مجدداً على حقيقة وجوهر اساسي في العمل والنشاط الثوريين وهي أن كل وأجمل وأدق البرامج تبقى حبيسة الأوراق التي كتبت عليها، إن لم ترتبط بأدوات وتنظيم حي جدلي متطور، إن لم تمر عبر أدوات تنظيمية متجددة تتناسب وحركة الواقع، فاعلة بأدواتها وأساليب وسبل عملها ونشاطها. واستند في ذلك إلى مبدأ، بل الى قانون يحدد في بناء الحزب ونشاطه: مستوى من الوعي، في المجتمع يستلزم مستوى وشكلاً للتنظيم، ليفضي إلى نشاط فاعل ومتجدد ومؤثر في الواقع وفي تحديد مساراته نحو التغيير الحقيقي ...!!!.

عرض مقالات: