ضيّف "غاليري مجيد" في بغداد، أخيرا، أستاذ علم الجمال د. نجم حيدر، الذي قدم محاضرة عن إشكاليات مفهوم ماهية الفن. وألقى الضوء على نتاجات الفنان التشكيلي الراحل كاظم حيدر (1932 – 1985).
المحاضرة التي استمع إليها جمع من المثقفين والمهتمين في الشأن الفني، استهلها الضيف متحدثا عن الفن كجزء من المنظومة المعرفية الإنسانية، والذي يرتبط معها في كل تحولاتها على مر التاريخ، مبينا أن الفن يرتبط بمفهوم الجمال، وان هذه العلاقة تنتج باستمرار نتاجات فنية جديدة مختلفة.
وفيما رأى ان كثيرا من الفلاسفة اليوم يثنون على فكرة الاختلاف والمشاكسة والتجديد في الفن، ويعتبرون ذلك صفة إيجابية لتطور المعرفة، بيّن ان هناك مفكرين أصوليين يشددون على الثبات والتماثل، كأمر أساسي للحفاظ على سلامة الموقف الفني الواحد.
وأشار د. حيدر إلى ان "الفن قوة معرفية تشبه المعارف الأخرى، وانه لغة منفتحة على المعنى وتتخطاه، بينما اللغة الدارجة مؤطرة بالمعنى"، موضحا أن "الفن يتطور بتطور الخيال الإبداعي البشري. وهذا له علاقة بالتخلص من الضرورات الجسدية الضاغطة. فكلما تخلص الإنسان من حاجاته الفسلجية، زاد اهتمامه بمخيلته الابداعية الجمالية والفلسفية".
وتحدث المحاضر عن الاختلافات الفنية بين الشرق الأوسط وأوربا، في ظل اختلاف ملامح النهضة بين الجانبين، مبينا أنه بسبب التواصلية وتطور حركة الاتصال، أصبح العالم قرية صغيرة، ما أسقط الفجوة بين الأجيال وساعد على انتقال الثقافات.
بعدها تطرق إلى تجربة الفنان كاظم حيدر. والقى الضوء على حركة وعيه المتطورة ورؤيته لنهضة الفن، ومشاكساته الجمالية، مشيرا إلى عدد من لوحاته المهمة التي حملت رؤية حداثوية متقدمة في الوعي الجمال، مثل "الشهيد" و"رقصة المغازل" و"الحمّال" و"شجرة الزمن".
جدير بالذكر أن الفنان كاظم حيدر تخرج في معهد الفنون الجميلة في بغداد، بعد تخرجه عام 1957 في دار المعلمين العالية. ودرس فنون الرسم والديكور المسرحي والطباعة الحجرية في الكلية المركزية للفنون في لندن. وشارك في معظم المعارض الفنية المهمة خارج العراق. وأقام معرضين شخصيين في بغداد 1965 و1969. وقد أولى كاظم اهتماما شديدا بديكور المسرح. فارتبط بفرقة المسرح الفني الحديث، التي عهدت إليه تصميم أعمالها المهمة، مثل "النخلة والجيران" و"الشريعة" و"هاملت عربيا" و"بغداد الأزل بين الجد والهزل" و"الخان وأحوال ذلك الزمان" و"القربان" و"كلكامش".