ضيّف "غاليري مجيد" في بغداد، أخيرا، الطبيب الاستشاري والكاتب والمترجم د. حميد يونس، الذي قدم محاضرة بعنوان "أن يكون الطبيب النفسي أديبا"، وسط جمع من الأدباء والمثقفين.
أدار المحاضرة د. أحمد الزبيدي، واستهلها بتقديم نبذة تاريخية عن تطور مصطلح "الأديب"، مستذكرا قولا لابن خلدون يفيد بأن المرء إذا أراد أن يكون عالما، عليه أن يتقن فنا واحدا، وإذا أراد أن يكون أديبا عليه أن يتقن أكثر من فن.
وفي معرض حديثه، ذكر د. يونس أن محاضرته حلقة من سلسلة محاضرات يسعى إلى تجميعها في كتاب مرتقب عنوانه "فلسفة العيادة"، يوضح فيه الأثر المتبادل بين الطب النفسي والأدب.
ثم تحدث عن الحوار الجدلي الذي يجري بين الطبيب النفسي والمراجع، والذي يتطور صعودا ونزولا لحين صيرورته من الحكاية المحكمة التي يطرحها المراجع في التعبير عن حالته النفسية وسرد تفاصيل حياته للطبيب، إلى الرواية الأدبية التي قد يكتبها الطبيب فيما إذا كان أديبا إضافة إلى كونه طبيبا، مشيرا إلى ان مثل هذه الجلسات العلاجية يمكن أن تُصبح ينبوعا أدبيا واقعيا متوجا بأطر فنية.
ورأى المحاضر أن الأدب يحتاج إلى الطب النفسي، لزيادة ثرائه وغناه الفكري وواقعيته، وان الطب النفسي، هو الآخر بحاجة إلى الأدب، موضحا أن النظريات النفسية استقت من الأدب مفاهيم كثيرة.
وأشار إلى ان "أغلب المرضى النفسيين يعتقدون أن أسباب أمراضهم تعود إلى عوامل خارج إراداتهم، كالتنشئة الخاطئة والظلم، وغيرها. لذلك انهم يتعكزون على هذه الأسباب كمعرقلات أمام تحسن أوضاعهم النفسية"، مستدركا "لكن الطبيب النفسي يدعو المريض إلى ضرورة تحمل مسؤولية حالته، وربما يكون الأدب عاملا مساعدا في توسيع دائرة وعي المريض، وتغيير بعض قناعاته".
ووفقا لما يراه د. يونس، فإن "الطبيب النفسي كالأديب، بل من الضروري أن يكون الطبيب النفسي أديباً، لأن كليهما يقدمان أفضل ما عندهما حين يشاركان تجربة الإنسان الفرد، وفي الوقت نفسه، فإنهما ينظران إلى هذا الفرد في سياق حالته النفسية المصغرة وحالته الاجتماعية الأوسع".