ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، السبت الماضي، الكاتب والناقد حسب الله يحيى، محرر الصفحة الثقافية في "طريق الشعب"، الذي تحدث في جلسة عنوانها "الصفحات الثقافية في الجرائد والمجلات ودورها في استقطاب الأجيال الجديدة".
الجلسة التي احتضنتها قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، حضرها جمع من المثقفين والصحفيين والأدباء، إلى جانب عدد من قيادات الحزب الشيوعي العراقي. فيما أدارها عضو اللجنة المركزية للحزب الرفيق طلعت كريم، الذي قدم نبذة عن سيرة الضيف وتجربته مع الصحافة والكتابة الأدبية، مبينا أنه ولد عام 1944 في مدينة الموصل، وفي بدايته امتهن التعليم، ثم انتقل في ستينيات القرن الماضي إلى الصحافة والأدب، ونشر العديد من القصص والمسرحيات والكتابات النقدية في صحف ومجلات محلية وعربية، واحيانا كان ينشر تحت أسماء مستعارة للتعبير عن أفكاره في نقد الواقعين السياسي والاجتماعي إبان زمن الدكتاتورية.
وأضاف قائلا أن يحيى انتقل عام 1964 إلى بغداد، وهناك تأثر بتجارب فرق "المسرح الفني الحديث" و"مسرح اليوم" و"مسرح 14 تموز"، وبات يتابع الحركة المسرحية، ويتعرض لها بالدراسات النقدية. وفي ثمانينيات القرن الماضي، ومع هبوط الحركة المسرحية وتدهورها، تصدى بالكتابة النقدية لعموم الأعمال الهابطة.
وتابع قوله أن الضيف، ورغم عدم دراسته المسرح أكاديميا، عُين محاضرا في قسم المسرح - معهد الفنون الجميلة في بغداد، مشيرا إلى ان يحيى أصدر الكثير من الكتب في مجالات السرد القصصي والنقد الأدبي والمسرحي والصحافة.
بعد ذلك، ابتدأ الضيف حديثه قائلا أن الصحافة العراقية في بدايتها، منذ صدور جريدة "الزوراء" عام 1869 مرورا بالصحف الصادرة إبان العهد الملكي، لم تكن تتضمن صفحات ثقافية، مضيفا أن هذه الصفحات ظهرت بعد ثورة 14 تموز 1958، من خلال صحف يسارية، أهمها "الحضارة" و"الإنسانية" و"اتحاد الشعب" و"الثقافة الجديدة". وتابع قائلا أن هذه الصفحات، وبالرغم من أهميتها، كان الإعلام يغلب عليها، وليس الثقافة، مستدركا "لكن (طريق الشعب) تحديدا، ومن خلال مواكبتي إياها، كانت تترك الحرية كاملة للصفحات الثقافية، كي تأخذ متنفسها في الميادين كافة".
وأشار إلى أن "الصفحات الثقافية في الصحف الأخرى، تدنو من الأدب عموما، وما يجاوره كالمسرح والفنون التشكيلية والموسيقية وغيرها، لكن في الصحافة الوطنية اليسارية، كانت الثقافة تعنى أساسا بإنتاج المعرفة وتوسيعها في الميادين كافة. فالمثقف لا يمكنه أن يتخلى عن أي من الميادين، سواء السياسية أم الاقتصادية أم الفكرية وغيرها. ولأن القارئ المثقف مجموعة نظم ثقافية ومعرفية، يُفترض بمحرر الصفحة الثقافية أن يكون عارفا بجميع تلك النظم، لا أن يكون متخصصا فقط في القصة أو المسرح وما شابه".
ومضى في قوله أنه "يفترض بمحرر الصفحة الثقافية أن يكون مطلعا على ثقافات الأمم الأخرى، لا أن ينظر إليها كثقافات أجنبية، إنما ثقافات إنسانية نتأثر بها، سواء كانت معنا أم ضدنا".
ولفت يحيى إلى ان الثقافة تنطلق من المعرفة، وتلهب في الإنسان أسئلة كثيرة تجعله يتعرف على سبل مختلفة من الحياة والوعي، مضيفا قوله: "نحن أمام معطيات جديدة في هذا العصر، بين علم وتقنيات حديثة جدا، وجهل مدقع تماما. فكيف نتعامل ثقافيا مع هذين الجانبين؟!".
وتابع قوله انه "يجب أن نحاكم الجهل، وأن نشيع الوعي بين الناس لا عن طريق مقالات تجريدية وأفعال تجريدية لا يفهمها من يعاني الجهل. فما لم نقم بمجابهة الجهل عبر توعية الناس ثقافيا، لن نكون قد فعلنا شيئا مثمرا في صفحاتنا الثقافية".
وتحدث الضيف عن ابتعاد الجيل الجديد من الكتّاب عن القراءة والتثقف، ما يجعل كتابات الكثيرين لا تبتعد عن أسلوب "الخاطرة" العابرة التي لا تترك أي تأثير في القارئ "لذلك نريد من هذا الجيل أن يقرأ ويقرأ ويقرأ، ثم يكتب، لا أن يكتب دون خزين معرفي وثقافي، على ألا تكون المعرفة فقط تخزين معلومات، إنما استخدام تلك المعلومات في التأثير في الناس".
وفي سياق الجلسة، قدم عديد من الحاضرين مداخلات حول موضوعها، عقّب عليها الضيف بإسهاب.
وفي الختام، سلم مدير المنتدى د. علي مهدي، الكاتب والناقد حسب الله يحيى، باقة ورد باسم المنتدى.