اخر الاخبار

يُجسد المناضل الشيوعي المخضرم جواد القلمي، الملقب بـ "أبو كاظم"، رمزًا للنضال والتضحية في سبيل المبادئ والأفكار. فمسيرته حافلة بالتحديات، بدءًا من تخرجه في مدرسة الحزب على يد المناضل الكبير الشهيد علي الشيخ حمود عام 1956مرورًا بتعرضه للملاحقة والسجن لسنوات، وصولًا إلى إيمانه الراسخ بنشر الوعي من خلال جريدة الحزب الشيوعي العراقي.

لم يثنِ السجن "أبو كاظم" عن مواصلة نضاله، بل زاده عزيمة وإصرارًا على نشر أفكاره بين الناس. فبعد طرده من الخدمة العسكرية بسبب نشاطه الحزبي وخروجه من السجن، ازداد شغفه بالعمل في صفوف الحزب واخذ على عاتقه توزيع كل ادبيات ومناشير الحزب في مدينة الحي بمحافظة واسط،  ومن ذلك الحين إلى سقوط الدكاتورية البعثية بقي "أبو كاظم" يجوب شوارع المدينة، حاملًا شعلة الوعي من خلال جريدة الحزب. يزور المحلات والمقاهي والأحياء السكنية، ليصل إلى جميع المشتركين. فرحة بلقاء القراء يُحتفل "أبو كاظم" كل يوم باستلامه الجريدة من سائق قادم من مدينة الكوت، وينطلق مسرعًا ليوزعها على قرائه في مقهى الشعراء، ومقهى عزيز الملاح، ومقهى حجي فايق، ومقهى حمص. لا يكتفي بتوزيع الجريدة، بل يتفاعل مع قرائه في نقاشات حول الأحداث الجارية، ويشاركهم أفكاره وآراءه.

يُجسد "أبو كاظم" نموذجًا للمناضل المثابر الذي لا يلين عزمه، حتى في أصعب الظروف. فتعرضه للسجن والتعذيب لم يثنه عن إيمانه بقضيته، بل زاده إصرارًا على إيصال رسالته. كما انه يتمتع بمهارات تواصل ممتازة، ما يسمح له بالتفاعل مع الناس ومشاركتهم أفكاره بسهولة. وعلى الرغم من تاريخه النضالي الحافل وكبر سنه إلاّ إنه معروف بتواضعه وبساطته. فهو يُحب العمل ويجده متعة حقيقية، ولا يتوقف عن التعلم والتطور. يُشارك في الدورات التدريبية والحلقات النقاشية، سعياً لتطوير مهاراته ونشر أفكاره بشكل أفضل.

يُجسّد جواد القلمي مفهوم المناضل الحقيقي بكلّ جدارة، فهو مزيجٌ فريدٌ من الشجاعة الراسخة والإيمان العميق والثقافة الواسعة. يُمثّل نموذجًا يُحتذى به يُلهِم الأجيال القادمة بالنضال من أجل الحقوق والمساواة والعدالة. لم تُثنِهِ عوارضُهُ الصحية عن مواصلة رسالته النبيلة، فحتى بعد تقاعده من توزيع الجريدة بسبب حالته الجسدية وضعف نظره، ظلّت روحه مشتعلةً وبصيرته ثاقبةً.

إنّ سيرة جواد القلمي حافلةٌ بالعِبر والدروس، فهو رمزٌ للنضال والتضحية من أجل القيم والمبادئ السامية التي وجد من اجلها الحزب. نُسدي له خالص التمنيات بالصحة والعمر المديد، وأن يظلّ شعلةً تُنير دروبَ الأجيال القادمة.