اخر الاخبار

ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، السبت الماضي، الناقد ياسين النصير الذي ألقى محاضرة بعنوان "البعد السياسي والاجتماعي للحداثة وما بعد الحداثة في الفكر الماركسي"، بحضور سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي وعدد من قيادات الحزب، إلى جانب جمع من المثقفين والمهتمين في الشأن الثقافي.

المحاضرة التي أدارها عضو المكتب السياسي للحزب الرفيق فاروق فياض، استبقها المحاضر مقدما الشكر إلى "الحزب الشيوعي العراقي العريق، والأمين على الثقافة العراقية منذ بدء الوعي فيها وإلى اليوم"، مضيفا قوله: "تربيت في داخل هذا الكيان، وشكلت وعيي النقدي من خلال الممارسة السياسية والاجتماعية والثقافية فيه".

ثم استهل محاضرته متحدثا عن موقف الفلسفة الماركسية من الحداثة وما بعد الحداثة، مبينا أن هذا الموقف ينال نقاشا وحوارا على مستويات مختلفة، ثقافية ونقدية وفلسفية، وعلى مستويات البناء والإعمار والاقتصاد والسوق وغيرها.

وذكر ان "كارل ماركس أحد المواكب في مسيرة بشرية كانت تعي تماما أن كثيرا من الأنشطة الثقافية والفكرية تحتاج إلى نقد وهدم وتأهيل"، مشيرا إلى انه "كماركسيين يجب أن يكون تفكيرنا أوسع من التفكير المرحلي في الثقافة، ويجب أن نمتلك روحية جدلية لفهم العالم قبل تغييره".

فيما أوضح أن "الأفكار المناقضة لنا يجب أن نفهمها. ويمكن فهم الفكر الذي يناقض تفكيرنا إلا بعد فهم منطلقاته. ولهذا فإن من منطلقات الفكر الماركسي، فهم ما يفكر فيه الآخر".

ولفت النصيّر إلى ان "ممارسة الحزب الشيوعي طوال تاريخه، في حد ذاتها هي ميدان لاشتغال عملي في التفكير، وليست تفكيرا مجردا من الممارسة. فممارستنا الثقافية والفكرية والنقدية تعتمد على تاريخ نشاط الحزب، ودون هذا التاريخ ودون الوعي به وفهمه وإمكانية تعليمه، لا يمكن أن يكون لدينا موقف نقدي من مجريات الحياة بشكل عام، ومما يفكر فيه الآخرون بشكل خاص".

ثم تطرق إلى المنطق الجدلي النقدي وعلاقته بمفهوم الحداثة، موضحا أن هذا المنطق هو الذي يجعلنا نفهم ونعي ماذا تعني مراحل تطور الحداثة.

وتابع قوله أن الحداثة مرت بحلقات، وبعض حلقاتها لا يزال حيا إلى الآن، وبعض آخر انتهى، وان تفكير ماركس هو الوحيد الذي كشف هذا التسلسل في الحداثة وما بعد الحداثة، مضيفا أن المنطق الجدلي هو الآلية التي اكتشف بها الفكر الماركسي هذه المنطلقات الفكرية الكبيرة التي عمّت العالم من القرن الثاني عشر إلى اليوم.

بعدها استعرض المحاضر الخطوات الأساسية للمنطق الجدلي. ثم تطرق إلى الحداثة، وقال انها أحد الأفكار الكبيرة في العالم، وانها مرت بعشر حلقات، الأولى بدأت في القرن الثالث عشر وكانت معمارية تهتم في البناء، والثانية بدأت في أوربا وهي عملية ثقافية بحتة وتمثلت في اكتشاف المطبعة، والثالثة حدثت في القرن الخامس عشر عندما اكتشفت أمريكا، والرابعة هي مرحلة تحويل الدين من دين فقهي إلى اجتماعي.

وأضاف قائلا أن "المرحلة الخامسة للحداثة ظهرت في أوربا بوجود مجموعة من الدراسات المهمة، وهنا بدأ الوعي الثقافي النقدي والاجتماعي، وبدأ التأليف يأخذ دوره كجزء من بنية الحداثة الكلية، ما شكل يقظة ثقافية"، متابعا القول أن المرحلة السادسة للحداثة تمثلت في تحجيم الرؤية النقدية للأساطير والميثولوجيا، والسابعة حدثت مع الثورة الفرنسية 1789 – 1799، التي انتجت رؤية كونية وانتجت الحرية الفردية ومؤسسات المجتمع المدني، والثامنة هي مرحلة أقلمة الدول، أي إعطاء حدود افتراضية أو واقعية لبلدان أوربا ولأمريكا، فكانت بداية النزعة القومية، والمرحلة التاسعة حدثت مع بدء الثورة الصناعية واكتشاف البارود ودخوله في الصناعات العسكرية. فيما المرحلة العاشرة كانت ثقافية، وجمعت خلاصات المراحل السابقة لتشكل ما أطلق عليه "عصر النهضة".   

وبعد أن قدم تفاصيل عن كل مرحلة من مراحل الحداثة، نوّه النصير إلى ان "كل مرحلة من تلك المراحل لها نتاج ثقافي، وان المرحلة كانت عندما تأتي لا تنهي المرحلة التي قبلها، وهذا تطور جدلي".

وفي سياق المحاضرة قدم عدد من الحاضرين مداخلات.