شهدت السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً من قبل خطاطين عراقيين بتعزيز مكانة الخط العربي وتسليط الضوء على جمالياته وفنونه، لشعورهم بخطر انزواء الخط التقليدي بسبب الاعتماد المتزايد على الخطوط الإلكترونية الجاهزة في المؤسسات الحكومية والمجتمع عموماً.
ويسعى الخطاطون، من خلال ورش عمل ودورات تدريبية وتثقيف على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى الحفاظ على مكانة الخط العربي التقليدي. وعن ذلك يقول الخطاط رضوان الحسيني، أنه يقدم دروساً مجانية لتعليم الخط لأطفال وشباب، مبينا أنه يقضي أغلب أوقات يومه داخل مكتبه الواقع وسط مدينة الموصل، ليستقبل كثيرين ممن يبدون اهتماما بتعلم الخط العربي، ويعطيهم دروساً في كيفية التعامل مع أدواته.
ويعتقد الحسيني أن "مهمة أخلاقية ودينية ووطنية تدفعني إلى تشجيع الناس على تعلم الخط العربي وتحبيبه إليهم، بعد أن لمسنا نحن الخطاطين ابتعادا كبيرا عن الخط التقليدي، وهذا لم يكن موجوداً قبل ظهور الخطوط الإلكترونية".
ويضيف قائلا أن "الخط العربي يمثل ديننا وتراثنا الثقافي والفني، لذلك فإن الحفاظ عليه وتعظيمه وإعطاءه اهتماماً بالغاً، واجب ديني وأخلاقي ووطني"، لافتا إلى انه ينشر دروساً مبسطة لتعليم الخط عبر حساباته في مواقع التواصل. كما ينظم ورش عمل داخل مكتبه.
ويؤكد الحسيني أنه حقق نجاحاً في مشروعه هذا. ويقول: اليوم هناك عشرات الشباب والأطفال من كلا الجنسين أصبح الخط العربي من أحب هواياتهم التي يمارسونها، بعد انضمامهم لتلك الورش".
ويمكن ملاحظة اهتمام الخطاطين العراقيين بنشر ثقافة تعلم الخط العربي من خلال المشاركة في مسابقات ومعارض ومناسبات مختلفة. حيث يعرضون أعمالهم بهدف جذب الشباب والأجيال الجديدة لهذا الفن وجعلهم يدركون أهميته الثقافية والتاريخية - حسب الخطاط أحمد اللهيبي، الذي يرى في حديث صحفي أن الخط العربي ليس مجرد أداة للكتابة، بل هو فن يحمل في طياته هوية الأمة وتاريخها.
ويشير إلى انهم يسعون لإحياء الاهتمام بهذا الفن وإظهار قدراته التعبيرية في السياقات الحديثة، لافتا إلى ان الخطاطين اليوم يُدخلون في لوحاتهم تفاصيل فنية جمالية مبهرة من النقوش والألوان والرسوم التي لم تكن موجودة في السابق.
وينوّه اللهيبي إلى أن الخطاطين يوصون باستمرار من خلال لقاءاتهم بمسؤولين في الحكومة ووسائل الإعلام وقائمين على إنتاج الأعمال الدرامية والسينمائية، بدعم الخط العربي من خلال الترويج له في الأعمال والنشاطات المختلفة، مبينا أن "التكنولوجيا الحديثة عندما تدخل على الخط العربي، تُصبح كالعدو الذي يحاربه بقوة".
ويخلص اللهيبي إلى ان "الخطاطين العراقيين يطورون باستمرار أساليب وتقنيات فنية مبتكرة في الخط العربي. وقد اشتهرت أسماء عراقية في هذا الفن، وهي تُعَدّ اليوم مدارس كبيرة يتعلم منها الخطاطون في مختلف البلدان".