على مدى نحو ثلاث ساعات، استعاد جمع من أبناء الجالية العراقية في فرنسا يوم 21 أيلول الفائت، ذكرياته مع طيف من ألوان الأغنية العراقية ومقاماتها وألحانها البغدادية والأهوارية والبصرية، وذلك في جلسة عقدها المنتدى العراقي في باريس احتفاء بالباحث الموسيقي ستار الناصر، القادم من بغداد للمشاركة في فعاليات "مهرجان لومانتيه" السنوي.
عضو هيئة المنتدى رفاه سالم، استبقت الجلسة بكلمة قصيرة قالت فيها أن هذه الفعالية تعد فرصة لاستعادة معلومات مهمة عن أطوار الاغنية العراقية ومقاماتها التي أبدع فيها الناصر وخصص لها سنوات طويلة من اهتمامه، وتناولها في كتبه ودراساته المنشورة في العراق وخارجه.
بعدها تولى الفنان المسرحي والإعلامي طه رشيد، إدارة الجلسة. وافتتحها بتقديم نبذة عن الناصر، مبينا أنه باحث مهم في مجال الموسيقى ومراحل تطور الأغنية العراقية، وانه كاتب وممثل مسرحي أيضا.
وأضاف قائلا أن المحتفى به أصدر 4 كتب وأكثر من دراسة وبحث في الموسيقى، بعضها مطبوع، مثل "مرجعيات الخطاب الموسيغنائي في العراق" الصادر عن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. كذلك لديه كتاب تحت الطباعة عنوانه "تاريخ النقد الموسيقي"، إضافة لمقالات في صحف ومواقع الكترونية عراقية وعربية.
وتابع رشيد قوله، أن الناصر قاد فرقا موسيقية عدة، ووضع ألحانا لـ30 حلقة لبرنامج أطفال، وهو الآن يدير معهدا لتعليم الموسيقى، مضيفا أن الناصر عمل محررا صحفيا في جريدة "طريق الشعب"، وعمل في سكرتارية تحرير مجلة "القيثارة"، فضلا عن ترأسه منتدى الثقافة الموسيقية في اتحاد أدباء العراق.
وفي معرض حديثه، تطرق الناصر إلى مسار الأغنية العراقية وإلى أبرز من ساهم في إنعاشها وتحولاتها، فضلا عن الأغنية البغدادية ومحطات تطورها وأهم روادها، أمثال عثمان الموصلي، الذي أسمع الناصر الحاضرين بعض أغنياته على العود، بينما رافقوه في الغناء.
ثم تكلم عن الفنان صالح الكويتي، وعن دور الفنانة الراحلة سليمة مراد في دفع الكويتي إلى التلحين. وقد أدى الناصر أغنيتهما الأولى "قلبك صخر جلمود"، وهي من كلمات عبد الكريم العلاف.
وسمّى المحتفى به أغنيات الستينيات بـ"أغنيات الجورجينا"، نسبة إلى ميزان الجورجينا الإيقاعي الذي كان يستخدم بكثرة في أغنيات تلك الفترة، مقدما نماذج من تلك الأغنيات للفنانين رضا علي ويحيى حمدي ووحيدة خليل وزهور حسين. ثم تناول الأغنية السبعينية، وقال أن هذه المرحلة شهدت تحولا في الأغنية العراقية على أيدي شعراء بارزين أمثال مظفر النواب وزامل سعيد فتاح وعريان السيد خلف وزهير الدجيلي. فيما أدى أغنية "المكير" للمطرب الراحل ياس خضر ومن كلمات زامل سعيد فتاح وألحان كمال السيد، الذي اعتبره الناصر "مفجّر الأغنية السبعينية".
وتخللت الجلسة مداخلات ساهم فيها عديد من الحاضرين، بضمنهم د. شهرزاد قاسم حسن التي رأت ان المناخات الجغرافية المتعددة في العراق، أنجبت بيئات صالحة لقيام ثقافات عديدة، كان لها أثرها في تنويع الاطوار الغنائية ومقاماتها.
واتفق الناصر مع ما ذهبت إليه د. شهرزاد. وقال أن تعدد الانساق البيئية أثر على نمط الحياة الثقافية العراقية، التي شكّل الغناء ركناً أساسياً فيها، ليخلق تنوعاً في وسائل التعبير "فمثلما تنوعت البيئة، تنوعت أيضاً أشكال الغناء. إذ نجد غناء البادية والبصرة والخليج والجنوب، فضلا عن غناء المدينة والغناء الموصلي، وغناء الكرد وغناء القوميات والطوائف المتعددة، كالتركمان والايزيديين والكلدوآشوريين".
واستذكر الناصر المطربين الريفيين الراحلين داخل حسن وحضيري أبو عزيز، اللذين كانت بدايتهما في قضاء الشطرة، مبينا أن الراحلين يشكلان علامتين فارقتين في مسيرة العطاء الموسيغنائي العراقي والعربي.
يوميات
- يضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، السبت المقبل، الناقد ياسين النصير ليلقي محاضرة بعنوان "البعد السياسي والاجتماعي للحداثة وما بعد الحداثة في الفكر الماركسي".
تبدأ المحاضرة في الساعة 11 ضحى على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس.