ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، صباح أمس السبت، الكاتب والصحفي عبد المنعم الأعسم، الذي ألقى محاضرة عنوانها "المسكوت عنه حيال الصحافة الحكومية والأهلية"، بحضور جمع من المثقفين والصحفيين والناشطين والمهتمين بالصحافة.
المحاضرة التي أدارتها الإعلامية كريمة الربيعي، استهلها الأعسم بالقول انه "لا يمكن الحديث عن الصحافة والصحفيين وأحوال الإعلام في العراق دون الحديث عن ثلاث مرجعيات لها صلة مباشرة بالاداء الصحفي والإعلامي: شبكة الإعلام العراقي، هيئة الإعلام والاتصالات ونقابة الصحفيين".
ثم تحدث عن بداية تشكيل شبكة الإعلام بعد 2003، إضافة إلى 22 هيئة مستقلة يفترض أن تتسم كلها بطابع الاستقلال والمشاركة، وان تكون بعيدة عن هيمنة الحكومة وأحزابها، وان تُعتمد مبادئ اختيار الهيئات على الكفاءة والتوزيع المكوناتي للمجتمع.
واستدرك قائلا "لكن الشبكة انفتحت على صراعات كثيرة، خاصة من أحزاب السلطة وأذرعها. وبدأت سلسلة من التحولات تحصل داخلها".
وتطرق الأعسم إلى هيئة الإعلام والاتصالات، وإلى عملها في إدارة تراخيص الاتصالات الهاتفية، ومن الناحية الصحفية وضع مدونات وآليات للاداء الصحفي وقواعده وأخلاقياته. لكنه أضاف ان " تلك الآليات تحولت شيئا فشيئا إلى سوط قاس على حرية التعبير".
وبيّن ان "هذه الهيئة التي تتحكم بحياة الصحافة، يُفترض بها ان تراقب عمل الصحافة وتسجل المخالفات، وتساعد على تنمية حرية التعبير، لكنها تحولت من كل هذه العناوين إلى سوط يلاحق كل وجهات النظر المخالفة".
بعدها تحدث الاعسم عن الصحف الحكومية والأهلية. ورأى ان الحكومة لا يجوز أن تكون لها صحيفة "فلا الدستور العراقي يقر بأن الصحافة الممولة من الدولة صحافة حكومة، ولا حتى قانون شبكة الإعلام يشير إلى وجود صحافة حكومية".
وتابع قائلا انه "ليست هناك بالمعنى الدستوري والقانوني والأخلاقي والمهني، صحافة حكومية، فهناك صحافة دولة، لكن الحكومة شيئا فشيئا استحوذت على صحافة الدولة".
وتحدث الأعسم عن صحيفة "الصباح"، وأشار إلى انها تسير على خط متردد.
وأوضح أن "الصحيفة يُفترض بها أن تقدم المعلومات اليومية للقارئ، وتستعرض الاحداث وتحليلها ووجهات النظر بشأنها، فضلا عن استشراف المستقبل. فهي عندما تكف عن الخوض في هذه المهمات تكون بلا قيمة".
ونوّه إلى ان "جريدة (الصباح) يمكن القول انها جريدة ثقافية لطيفة وتحتوي على معلومات، لكن ليست لها بصمة سياسية. فمقالاتها تسير إلى جانب بيت الحكومة، وتعليقاتها منضبطة، ولا تتضمن استفزازا للدولة. فيما يتقلص فيها دور وجهات النظر وحرية التعبير والتعددية في الرأي إلى أبعد الحدود".
وتحدث المحاضر عن الصحافة الحزبية، والصحافة القريبة من الأوساط الدينية، فضلا عن الصحافة المستقلة، ذاكرا عددا من الصحف كـ "الزمان" و"الحقيقة"، فضلا عن "المدى" التي يرى انها قريبة من الوسط الثقافي والديمقراطي، وانها تقدم خدمة اخبارية ومعلوماتية، ويقرأها الوسط المثقف القريب من اليسار.
وعن الصحافة العراقية بشكل عام، رأى الأعسم انها برمتها تنقصها المهنية الصحفية المعتمدة في الصحافة العالمية، موضحا أن وكالات الأنباء والتلفزيونات العالمية لا تأخذ عن الصحافة العراقية، وان التقارير التي ينشرها العالم عن العراق، لا تعتمد على ما تنشره الصحافة العراقية، لأنها تفتقد للمهنية والشفافية.
ولفت إلى ان "المهنية لا تعني فقط احترام القارئ، إنما احترام التنوع في الآراء، وسرعة الوصول إلى المعلومة التي يجب أن تكون منزهة من التدخلات".
بعدها تحدث المحاضر عن "طريق الشعب"، واصفا إياها بـ "سيدة الصحافة العراقية"، وقال: "نجد في (طريق الشعب) وجهات نظر وآراء وافكارا وعلامات مضيئة. فهي مدرسة، وانا كمراقب أجدها تقدم لي صورة عن العراق ومعاناة الناس، وتعرض المشكلات الاساسية التي يعانيها البلد".
وبعد مداخلات ساهم فيها عديد من الحاضرين، قدم د. علي مهدي شهادة تقدير باسم المنتدى إلى الكاتب والصحفي عبد المنعم الأعسم.