اخر الاخبار

ضيّف منتدى "بيتنا الثقافي" في بغداد، السبت الماضي، الباحث في التراث الإسلامي علاء الوردي، الذي قدم محاضرة بعنوان "من تاريخ الحركات الثورية في الإسلام – ثورتا الزنج والقرامطة".

المحاضرة التي احتضنتها قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، حضرها جمع من المثقفين والمهتمين في القضايا التاريخية. فيما أدارها السيد سعدون هليل، الذي قدم نبذة عن سيرتي الضيف الذاتية والبحثية.

في معرض محاضرته، قدم الوردي نبذة عن ثورة بابك الخرمي سنة 816 للميلاد في أذربيجان، ضد الدولة العباسية، وإبان حكم الخليفة المأمون، معتبرا ان "هذه الثورة التي استمرت 20 عاما، هي أول ثورة اشتراكية في الإسلام، لأنها كانت تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية".

ثم تطرق إلى ثورة الزنج (869 – 883 للميلاد) في البصرة، مبينا أن قائدها علي بن محمد، كان في البداية ضمن البلاط العباسي في سامراء، وكان كاتبا ومثقفا وعارفا بالفلك والرياضيات وشاعرا.

وأوضح أن علي بن محمد رأى ان الشخصيات التي تقود الدولة الإسلامية في ذلك الحين غير جديرة بالقيادة، ورأى نفسه الأجدر بها، فقرر أن يثور على الدولة، لكنه لم يتمكن من ذلك في سامراء، نظرا لقوة الدولة فيها.

وأضاف أن بن محمد أراد أن يطلق شرارة ثورته من البحرين، لكنه لم يستطع أيضا، ثم انتقل إلى البصرة، وهناك وجد عددا كبيرا من الزنوج يعانون الظلم، فحاول أن يحضهم على الثورة، واستطاع أن يكسب نحو 80 ألف زنجي إضافة إلى بعض العرب وفقراء القرى. 

وبيّن المحاضر أن أول خطوة قام بها بن محمد، هي تأسيس قيادة مركزية للثورة. فانطلق الفعل الثوري واستمر نحو 14 عاما و6 شهور، مشيرا الى الدولة العباسية وقتها كانت تحت خلافة المعتمد بالله.

وأشار إلى ان ثورة الزنج استطاعت أن تهز أركان الدولة العباسية، وأن تحدث تغييرا كبيرا في البنية الاجتماعية والطبقية، حيث تحول الزنوج إلى أسياد وقادة. فيما لفت إلى ان الثورة انطلقت من المحمرة وعبادان والبصرة، وقاومت بشراسة حتى وصلت إلى الكوت، وأوشكت على زحزحة الخلافة العباسية في بغداد.

ونوّه إلى انه في هذه الفترة التقى علي بن محمد، بحمدان بن الاشعث (قرمط) زعيم القرامطة، وحاولا أن يتحدا. ورأى أنه لو اتحد القرامطة مع الزنج في ثورتهم، لاشتدت الثورة ولتمكنت من تغيير وجه التاريخ الإسلامي.

ثم تحدث عن أخطاء ثورة الزنج، والتي أدت إلى القضاء عليها، ومنها غياب التخطيط المنهجي، عكس القرامطة الذين كان لديهم منهج وعقيدة وتنظيم دقيق.

وعرّج المحاضر على أبرز المصادر التي تناولت ثورة الزنج وقائدها علي بن محمد، الذي اختلف المؤرخون في نسبه، فمنهم من اعتبره فارسيا، ومنهم من وجده عربيا، وآخر رآه زيديا يعود نسبه إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب. بعدها القى الوردي الضوء على ثورة القرامطة، مبينا انها كانت تطالب بالعدالة الاجتماعية والحرية وتسعى إلى إقامة دولة بقيادتها، وانها انطلقت في منطقة سواد الكوفة، التي تمتد بين الكوفة والنجف وبابل.

وأشار إلى ان القرامطة أسسوا دولة قوية في البحرين استمرت بين 80 و100 سنة، وان ثورتهم عدّها بعض الباحثين من أوائل الثورات الاشتراكية.    

وفي ختام المحاضرة، قدم عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي الرفيق د. عزت أبو التمن، شهادة تقدير باسم المنتدى إلى الباحث علاء الوردي.