أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا، يوم الجمعة الماضي، أمسية حوارية حول صحافة الحزب الشيوعي العراقي، في اطار الاحتفاء بالذكرى الـ89 لصدور أول صحيفة شيوعية في العراق، وتزامنا مع الاحتفالات بالذكرى التسعين لتأسيس الحزب.
الأمسية التي أقيمت في كنيسة «ريفز كورت» في منطقة همرسمث غربي لندن، أسهم في احيائها الكتاب والصحفيون الأساتذة عبد المنعم الأعسم ورضا الظاهر وسعاد الجزائري.
الأديبة ابتسام الطاهر أدارت الأمسية وافتتحتها بالحديث عن تاريخ الصحافة الشيوعية في العراق، مشيرة إلى أنه «رغم الصعوبات والمتاعب الأمنية والمادية التي واجهها الحزب، تمكن من إصدار العديد من الصحف السرية، كما تمكن في الاربعينات من إصدار صحيفتين علنيتين هما: (الأساس) و(العصبة). في حين اصدر عام 1953 من السجن صحيفة (كفاح السجين)».
وأضافت قولها ان «البعض يعتبر أن الصحافة الشيوعية في العراق بدأت مع ظهور جريدة (الصحيفة) التي أصدرها حسين الرحال في 18 كانون الأول 1924، لأنها ذات نهج يساري ماركسي، رغم أنها صحيفة أدبية علمية اجتماعية». وفي حديثه، تناول الأستاذ الأعسم موضوع «فهد صحفيا»، مؤكدا أن الرفيق الخالد فهد وضع اللبنات الأساسية للصحافة الشيوعية، التي تحولت لاحقا إلى مدرسة تعلمت فيها أجيال من العراقيين.
وأضاف قائلا ان «فهد تميز بنشاطه الملحوظ في كتاباته إلى الصحف العراقية آنذاك، مثل (الرأي العام) و(الحارس) و(العقاب) و(الزمان) وغيرها. حيث كان يركز على تناول أوضاع الفقراء والنساء والمهمشين والعاطلين عن العمل، ويمتاز بقدرته في التحايل على القوانين التعسفية حين يكتب في هذه الصحف»، مشيرا إلى ان فهد كان يسعى دوما لإصدار صحيفة علنية، وتحقق ذلك من خلال جريدة (العصبة) التي لم تستمر طويلا.
وتطرق الأعسم إلى أسلوب فهد في الكتابة «حيث اتسمت كتاباته بالبساطة والوضوح، ومراعاة مستوى القارئ. ومعروف أن فهد امتاز بموهبته في الإقناع بشكل لافت، كما يشهد أعداؤه بذلك».
وفي مداخلته، أضاء الأستاذ رضا الظاهر موضوعة التنوير في صحافة الحزب الشيوعي العراقي، متحدثا عن تأثير ودور الحزب في اشاعة التنوير، وعن ارتباط الحداثة بالحزب، ومقدما صورة عن مجلة «الثقافة الجديدة» كمشروع تنويري.
وأشار إلى أن «دراسة تاريخ الحداثة، والحركة الثقافية عموما، غير ممكنة من دون دراسة تأثير الأفكار الماركسية والحزب الشيوعي على المثقفين». فيما شخص الاتجاهات الفكرية لمجلة «الثقافة الجديدة» بالمنهجية الماركسية وتجسيد التنوير وإشاعة الوعي الاجتماعي.
واختتم الظاهر مداخلته بالقول ان «المجلة لا تزال تواصل إثارة أسئلة الراهن والتحليل النقدي للظواهر وحركة الحياة»، مؤكدا أن «الثقافة الجديدة اختراق تنويري ومرجع فكري ونظري وأداة كفاحية».
ولم تتمكن الاستاذة سعاد الجزائري من حضور الأمسية، بسبب مرضها. لذلك أرسلت مداخلتها وقُرئت عنها بالنيابة. وقد تناولت في المداخلة تاريخ الصحافة النسوية في العراق. وتحدثت عن «طريق الشعب» العلنية أيام السبعينيات، وعملها فيها، مشيرة إلى انها «صحيفة متفردة في آلية عملها وأسلوب تطوير العاملين فيها أو مراسليها».
وتطرقت الجزائري إلى عملها في صفحة المرأة في «طريق الشعب»، والتي لعبت دورا مهما في تثقيف النساء بحقوقهن والدفاع عنها، مؤكدة أن «هذه الصفحة كانت واجهة وصلة رابطة المرأة العراقية بجماهيرها بعد تجميد عملها».
وأشارت إلى أدوار النساء في «طريق الشعب»، واللاتي كن يعملن في مختلف المجالات. فمنهن المحررة والمترجمة والرسامة ومنظمة الأرشيف، ومنهن العاملة في القضايا الإدارية أو في قسم المونتاج والطباعة وغيرها.
وأثارت الأمسية أسئلة ومداخلات من قبل الجمهور الحاضر.
جدير بالذكر، أنه قبل بدء الأمسية عُرض فيلم قصير عن الصحافة الشيوعية في العراق، منذ تأسيسها، وعن دورها وما قدمته من شهداء عبر تسعة عقود.