اخر الاخبار

اضطرتني الظروف في 2012 أن أسكن وأعمل في مدينة أربيل لمدة طويلة، بعد أن عدت إلى الوطن من هجرتي إلى سوريا في وقت سابق، بسبب الظروف الأمنية التي مر بها البلد بعد 2005.

ويبدو أن سكني وعملي هناك هو ما قادني إلى الحزب الشيوعي العراقي، وحفزني على الانتماء اليه والتطلع إلى مواصلة العمل في صفوفه من أجل الوطن الحر والشعب السعيد.

ففي بداية نيسان 2012، وخلال عودتي من العمل في شارع كركوك، طلبت من صديقي الذي كان يُقلّني ان يتوقف لأنزل في مكان معين. كنت اريد التمشي في ذلك المكان الجميل، المليء بالأشجار الوارفة الظلال والخضرة، وفي طقس لطيف حينها. وفي تلك اللحظات لفتت انتباهي لافتة حمراء كبيرة، مؤطرة بشعار المنجل والمطرقة، ومكتوب عليها «مقبرة شهداء الحزب الشيوعي العراقي”.

قادني نظري إلى هذه اللافتة، فأطلت التحديق فيها، وراودتني رغبة بان أدخل إلى المكان لأتعرف إلى الشيوعيين الشهداء الراقدين وظروف استشهادهم. وعندما امعنت النظر واجهتني شواهد القبور التي تحمل اسماء الشهداء واسماءهم الحركية وتواريخ استشهادهم.

وانتبهت إلى أن الشهداء هم من مدن مختلفة في العراق، وهم كذلك من قوميات وطوائف متنوعة، وقد اجتمعوا هنا بعد استشهادهم من أجل قضية واحدة يلخصها الشعار (وطن حر وشعب سعيد).

تابعت قراءة أسماء الشهداء، فصادفني قبر لأحدى الرفيقات. ومن دون قصد ذرفت عيوني الدموع. ثم انتبهت إلى امرأة كبيرة في السن داخل المقبرة، لاحظتها تراقبني وتقترب مني لتقول: (ئایا ئەمە دایکی تۆیە) بمعنى (هل هذه أمك)، فقلت لها: لا، واصلت تجوالي في المقبرة.

منذ ذلك الوقت الذي دخلت فيه المقبرة، شغل بالي هذا الحزب ورسالة هؤلاء الشهداء، وصارت لدي رغبة كبيرة في الاطلاع والمزيد منه على الشيوعيين وحزبهم، وصرت ابحث عن لقاءات قياداتهم في الانترنت، وأبحث عن صداقات مع أعضاء الحزب عبر مواقع التواصل الاجتماع. كذلك أخذت أقرأ الكتب والمطبوعات التي تتحدث عن الحزب الشيوعي العراقي وتاريخه وحاضره وأهدافه وسياسته.

استرجعت أيضا ذكرياتي مع العائلة، وتذكرت أمي الرفيقة في الحزب، والتي كانت تقوم بتوزيع «طريق الشعب» السرية في أجواء القمع والارهاب. وذات يوم قال لي والدي، ان «الشيوعيون هم من حللوا هذا العالم بشكل صحيح (وفهموا الحياة)”. وقد زادني إصرارا على التواصل مع الشيوعيين والانضمام إلى حزبهم العريق.

في الاثناء اتصلت بصديقي الرفيق علاء الفراتي، وهو شاعر من أهالي الصويرة، وحدثته عن رغبتي في الانضمام للحزب. حينها ضحك وقال: (ألم اطلب منك الانتماء سابقاً؟). وحينها زودني برقم الرفيقة هند كريم من كركوك، بغية التواصل معها لمساعدتي على التواصل مع منظمة أربيل.

وتواصلت مع الرفيقة وشرحت لها سبب طلبي الانضمام، فساعدتني على الاتصال بالرفيق وعد عمر، الذي التقيت به بعدها في مقر الأنصار الشيوعيين. وكان ذلك من أسعد وأهم ايامي، ففيه انتميت إلى الحزب الذي يعلمني معنى الوطن والحرية.

ستبقى رسالة الشهداء خالدة تنير درب النضال، وسنظل نسير على خطاهم ونسعى إلى تحقيق اهدافهم وأهدافنا الثورية والوطنية والإنسانية، من أجل الوطن حر والشعب السعيد.