اخر الاخبار

نظم منتدى “بيتنا الثقافي” في بغداد، السبت الماضي، جلسة استذكار للشخصية الوطنية والثقافية الشهيد قاسم عبد الأمير عجام، في مناسبة الذكرى الـ20 لاستشهاده.

الجلسة التي التأمت على قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، أدارها الشاعر زعيم نصار، وأشار في مستهلها إلى الخسارة الكبيرة التي لحقت بالوسط الثقافي والتنويري صبيحة 17 أيار 2004، حينما اغتالت أياد آثمة أحد أبرز المثقفين الوطنيين العراقيين، الشهيد قاسم عبد الأمير عجام.

ثم قدم نبذة عن سيرة الشهيد، المولود عام 1954 في محلة النزيزة بقضاء المسيّب، مضيفا: عرفنا الشهيد عجام ناقدا سينمائيا وتلفزيونيا رائعا وعاشقا للمسرح.

بعدها قدم عازف الكمان عدنان نزار، قطعة موسيقية بعنوان “مولدافيا”.

وشهدت الجلسة مداخلات وشهادات عن مسيرة الشهيد، أولها كانت للأستاذة في الجامعة المستنصرية د. نادية العزاوي، التي لم تتمكن من حضور الجلسة فقرأ ورقتها بالنيابة د. احمد الزبيدي. 

وقالت العزاوي في ورقتها أنه “بعد عقدين من تغييب قاسم عجام المأساوي، نحتاج الى ما هو أعمق وأبعد من البكاء والفجيعة، لا لأن الحزن عليه قد نضب، فهو ما زال يتجدد فينا، بل لأننا نحتاج في هذا التوقيت الحرج من تاريخ الوطن، الى اعادة استلهام تجربته الانسانية والثقافية”.

واشارت الى ان تجربة عجام تتميز بـ”الرؤية الواضحة الشاملة في ازمنة اختلاط الاوراق وتداخل الاسماء والمسميات. وان ما يجري اليوم من عمليات منظمة لمحو الذاكرة العراقية واحلال نسخ جديدة مشوهة محلها، مصداق لنذره ورسائله المبثوثة في مذكراته”.

ولفتت العزاوي إلى ان الشهيد عاش بشاعة الحروب الطاحنة، وعرف مرارات السجون وضنك المعيشة “لكنه لم ينكسر، ولم يتخلّ عن إيمانه بالثقافة”.

المداخلة الثانية كانت للأستاذ د. صالح زامل، الذي ذكر ان لا صلة شخصية تربطه بالشهيد عجام، لكن لحظة اغتياله أعادت إليه شريطا من التواصل مع هذا الإنسان، حيث كان يتابع مقالاته عن الدراما التلفزيونية في جريدة “طريق الشعب” إبان سبعينيات القرن الماضي. 

وتابع قائلا ان لحظة الاغتيال أعادته أيضا إلى لقائه بشقيق الشهيد، الشاعر علي عبد الأمير عجام في عمان، مضيفا: “كنت أشاهد هذا الإنسان الذي يتناسخ مع أخيه في محبة العراق والشغف بالثقافة”.

وكانت لابن شقيقة الشهيد، السيد طه عجام، كلمة ذكر فيها ان الشهيد عنوان كبير لقيم الثقافة الوطنية، وأحد أبرز قاماتها طيلة ما يقرب من أربعة عقود “فهو المثقف التنويري العضوي الذي انشغل في إضاءة المشهد الثقافي والادبي والفكري بصفته مثقفا فاعلا ومؤثرا”. وبيّن ان “الفقيد لم يكن يوما من مثقفي النخبة والابراج العاجية وهم يقيمون حواجز منيعة مع الطبقات الاجتماعية المقهورة والمسحوقة، بل كان من الساعين للنهوض بالوعي الجمعي لتلك الطبقات”.

وأكمل انه “بعد سقوط الدكتاتور قدم الشهيد مشروعا ثقافيا وطنيا الى الاتحاد العام للأدباء والكتاب، نشرت بعض فصوله في جريدة (المدى) تحت عنوان (ملامح من خطاب ثقافي لمواجهة ما بعد الفاشية)”، مضيفا أن “عجام لم ينكسر حتى في اشد واقسى مراحل حياته. لا عند دخوله السجن اول مرة طالبا في الخامس العلمي عام 1961 بسبب انتمائه الشيوعي، ولا عند عودته إلى السجن مرتين في العام 1963 طالبا في كلية الزراعة”.

آخر المتحدثين كان وزير الثقافة الأسبق ورئيس تحرير “طريق الشعب” الرفيق مفيد الجزائري، الذي اوضح انه حين كان وزيرا للثقافة “تم اختيار الشهيد مديرا عاما لدار الشؤون الثقافية وحصل على ثناء جميع المقربين في الوزارة، الذين اجمعوا على انه الشخص المناسب في المكان المناسب”، مبينا انه اصدر فعلا قرار تعيين الشهيد حوالي 10 أيار 2004 ثم سافر بسبب التزام عمل. وخلال اقل من اسبوع على غيابه وقعت جريمة الاغتيال.

وتابع الجزائري قائلا ان اغتيال عجام “جريمة شنيعة بكل المقاييس”، و”ان أبا ربيع كان اول شهداء وزارة الثقافة، ثم التحق به كامل شياع الذي لعب شخصيا دورا مهما في اختياره للعمل في الوزارة. واليوم حين نستذكر قاسم عجام لا نستطيع الا استذكار كامل شياع معه”.